معرض بغداد الدولي للكتاب .. تعددت الأسباب والإقبال الجماهيري.. ضعيف
استغرب العديد من أصحاب دور النشر العربية المشاركين في معرض بغداد الدولي للكتاب، الذي يستمر حتى الخامس من شهر أيار / مايس المقبل، من ضعف الإقبال الجماهيري والقدرة الشرائية للناس، معللين ذلك بأسباب مختلفة تبدأ من الظرف السياسي المحتقن الذي يعيشه العراق ولا تنتهي بضعف الإعلان عنه أو تزامنه مع معارض أخرى أو عدم وجود جديد وصولًا إلى غلاء الأسعار على الرغم من أن البعض يرى أن مجرد إقامة المعرض في هذه الظروف هو صورة جميلة تعطي لبغداد قدرًا كبيرًا من الزهو والمحبة.
وانطلقت.. فعاليات المعرض بدورته الثانية تحت شعار (لأن المعرفة هويتنا)، الذي تقيمه دار الشؤون الثقافية العامة التابعة لوزارة الثقافة العراقية، ضمن مشروع بغداد عاصمة للثقافة العربية، بمشاركة أكثر من ثلاثمائة وخمسين دار نشر عربية وعالمية وعراقية، وأكثر من 50 ألف عنوان في الآداب والعلوم والمعارف المختلفة..، ترافقه نشاطات ثقافية أخرى موزعة على فروع السينما والمسرح والموسيقى والشعر والقصة والنقد وحفلات توقيع الكتاب والتشكيل والفكر، وأيضا مناقشة الظواهر الثقافية الحديثة عبر منتدى (جسور) و (المقهى الثقافي)، يحضرها النخبة من اهل الادب والثقافة والفن والإعلام. ويمكن قراءة أفكار دور النشر المشاركة من خلال الذين يقومون عليها وقد أعربوا في احاديث لـ (ايلاف) عن دهشتهم من الحضور القليل على خلاف توقعاتهم وامنياتهم، مع إشاراتهم إلى أن الكتب الدينية كانت الأكثر لفتًا للنظر لكنهم يعترفون أنها حالة عادية تحدث في جميع المعارض العربية لاسيما في الأوضاع التي شهدتها الدول العربية التي تقلل من إقبال القارىء على كتب الآدب وغيرها. فقد قال محمد عصام جاسم، دارة الحضارة السعودية/ وكالة: هذه هي المشاركة الأولى لدار الحضارة للسعودية، وبالنسبة للعناوين قد أتينا بـ 200 عنوان في مجالات الأعشاب والتغذية والصحة والرشاقة والعلاقات الأسرية ولدينا شيء قليل في مجال التنمية البشرية، وبصراحة.. فوجئنا أن المعرض كله ليس عليه إقبال من الناس، وقد كنا نتوقع أن هذا المعرض سيكون عليه إقبال شديد وحركة شراء عالية جدًّا ولكن فوجئنا بالعدد القليل، ولا أخفيك أنني خلال اليومين الأُوليين بعت ثلاثة كتب فقط، ويمكن لي أن أقول أننا شاركنا في معارض كثيرة ولكنني لأول مرة أرى حركة ضعيفة مثلما في هذا المعرض.
وأضاف: لا أعرف الأسباب وراء هذا الإقبال الضعيف على الرغم من أن التغطية الإعلانية في الشوارع راقية جدًّا، فأينما نذهب يوجد إعلانات ولكن في القنوات الفضائية ربما ضعيف، وأعتقد أن الوضع الأمني أثر سلبًا على مجيء الناس إلى المعرض. أما أسمى حبال من شركة إنسكلوبيديا / لبنان، فقالت: هذه هي مشاركتنا الثانية، نحن لدينا كل ما يختص بالهندسة المعمارية والتصاميم، لدينا عناوين كثيرة أكثر من مئتي عنوان ولكنها مختصة فقد بهندسة العمارة، وهذا يعني أن المهندس فقط هو الذي من المفروض أن يأتي إلينا وكذلك طلاب الهندسة والشركات أيضًا. وأضافت: طبيعة الإقبال ليست قوية جدًّا لا عندنا ولا عند غيرنا، ربما الدعاية لم تكن جيدة أو ربما الناس متخوفة من الوضع الأمني أو ربما هناك ناس تنتظر إلى آخر أيام المعرض عسى أن يجدوا تخفيضًا في الأسعار لكن أسعارنا غالية نسبيًا لأن كتبنا أجنبية وليست عربية، أنا لم أبع إلا عشرة كتب في اليوم الثالث بعدما زار المعرض عدد من الناس لا بأس به،ومع ذلك لدينا أمل لأن المعرض لا يمكن أن نعرفه إلا في آخر أيامه وحسب نوعية الناس، فإن لم يأت المهندس أو شركة الهندسة أو طلاب الهندسة لن أستفيد ولو كان المعرض مليئا بالناس، ونحن لا يمكن أن نخفض من أسعارنا لأن كتبنا أجنبية ومحدودة.
فيما قال إسلام شمس الدين، دار نشر شمس المصرية: هذه هي المشاركة الأولى لنا في معرض بغداد للكتاب، وإن شاء الله لا تكون الأخيرة نحن نشارك من ضمن 33 دار نشر مصرية بـ 300 إصدار متنوع من بينهم 42 إصدارًا عراقيًّا، ولكن للأسف الإقبال كان ضعيفًا في المعرض بشكل عام، ولكن المميز فيه هي الفعاليات الثقافية وانأ وجدتها رائعة وهناك تفاعل وتجاوب، ولكن الإقبال على الشراء في الأيام الأولى شكل صدمة لمعظم الناشرين. وأضاف: لا أظن أن الوضع الأمني سبب في ضعف الإقبال ولكنني أظن أن تداخل الفعاليات في العراق هو السبب، فقد كان في بداية الشهر هناك معرض أربيل وقبل أيام هناك معرض في بابل، أعتقد أن هذا التداخل يقسم الجمهور ما بين أكثر من معرض ومكان، نتمنى أن يكون في الأيام الأخيرة افضل إن شاء الله. وتابع: تجولت في المعرض طبعًا، ولفت نظري الكتب الدينية التي هي الأكثر في المعرض، فالكتب الدينية في المعارض العربية دائما هي الأكثر ربما لأنها غير مرتبطة بموسم أو حدث ومناسبة لكل الأعمار والفئات، وهذا ما شاهدته في معرض القاهرة وأبو ظبي، وأعتقد أن المواطن العربي بدأ يميل إلى هذه الكتب ربما لأن الأحداث الفارضة نفسها على العالم العربي هي السياسية والأمنية وقد قللت إقبال القارئ العربي على الأدب وأعتقد أن مستوى الإبداع كان له سبب فالقارئ العربي فقد الثقاة في جودة الإبداع العربي.
من جانبه قال علي عساف، منتدى المعارف من لبنان ودار التنوير الجزائر: أول مرة نجيء إلى بغداد، وكنا في السابق نبعث الكتب عبر توكيلات، هذه السنة أحببنا أن نجيء لأن بغداد عاصمة للثقافة العربية والدولة داعمة له، لنشارك ونتعرف على الأجواء نحن لدينا كتب أدبية وعلمية وفلسفية وسياسية واقتصادية ودينية بنحو 400 عنوان، ولكن خلال الأيام الأربعة أيام لم يكن الحضور كما يجب وكما كنا متوقعين له، على الرغم من أننا عملنا تخفيضات، ولا أعرف الأسباب والمفروض عادة أن نجيء لنتعرف على المؤسسات والمكتبات ولكن إلى حد الآن لم نتعرف عليهم، هناك زوار وأشخاص يمرون منا ولكننا كشغل ودار نشر من المفترض أن يكون تعاملنا مع المكتبات أو المؤسسات أو الجامعات. وأضاف: الإقبال الجماهيري يعد بصراحة أقل من المستوى الطبيعي، وحتى حين تجولت فيه وجد الشكوى من الجميع، والمفروض أن يكون هناك تعارف مع المكتبات حتى لو لم يأخذوا كتبًا وذلك من أجل المستقبل.
فيما قال عمار عبد الله: نحن شركة دار البيان للنشر والتوزيع، وكلاء توزيع مركز الإمارات للأبحاث الستراتيجية في دولة الإمارات العربية المتحدة وكذلك وكلاء توزيع هيئة أبو ظبي للسياحة والثقافة ووكلاء توزيع دار الثقافة والإعلام حكومة الشارقة وكذلك مؤسسة الإبداع الفكري في الكويت، هذه المشاركة الثانية لنا في معرض بغداد الدولي للكتاب، تمتاز العناوين الخاصة بمركز الإمارات بقضايا استراتيجية في مجال الإدارة والنفط والعلوم السياسية وغيرها، كذلك هيئة أبو ظبي اغلب الكتب مترجمة من روايات وشعر وعلم اجتماع، والكتب الخاصة بحكومة الشارقة في مجال المسرح والفن التشكيلي وغيرها، ولا تقل العناوين عن الفي عنوان. وأضاف: الإقبال إلى حد اليوم الرابع دون مستوى الطموح، هناك من يتكلم عن عموم الوضع، ربما إن المعرض تزامن مع فترة الامتحانات، نحن نحتاج إلى توجيه أكثر من خلال وسائل الإعلام من أجل التشجيع لحضور.
وقال الدكتور عصام خضير، دار الذاكرة للنشر والتوزيع: نشارك بمنشوراتنا بالإضافة إلى 15 دار نشر عربية وأجنبية، نحن لدينا نحو 3 آلاف عنوان، والمعرض تميز هذه السنة بتنظيمه الجيد والقاعة ملائمة جدًّا ومهيأة، وهناك إقبال من قبل المواطنين ولكن لا يوجد إقبالًا من قبل الدولة، من مؤسسات الدولة، وربما الاقبال على جناحنا أفضل من سواه لأن لدينا تنوعًا كبيرًا، فهناك ظرف غير طبيعي في البلد الآن اثر تأثيرًا واضحًا على المعرض، وعلى الرغم من هذا هناك إقبال ففي كل سنة نشترك في معرض نجد أبناء المحافظات متواجدين بشكل يماثل عدد الحاضرين من بغداد، ولكن الآن شاهدنا أناسًا قليلين من المحافظات، ومن خلال متابعتي هناك من صار عنده طلب عال جدًّا وهناك متوسط والبعض قليل والبعض لم يحدث عنده طلب، فمثلًا إحدى الشركات المصرية باعت كل كتبها، أما نحن فقد ضخخنا كتبًا جديدة بعد أن بيعت كميات منها، ومعظم كتبنا أكاديمية علمية. إلى ذلك قال وسام زين، من الدار العربية للعلوم: نشارك للمرة الأولى بنسبة 15 بالمئة من عناويننا التي عددها أربعة آلاف عنوان، أي إننا نشارك بنحو 500 عنوان، تتضمن الروايات المترجمة والفلسفة والنقد والكتب السياسية والطبخ والأطفال والكمبيوتر، وعلى الرغم من مرور أربعة أيام إلا أننا نعتقد أن المعرض لم يفتتح بعد لأن الحضور ضعيف جدًّا ولا أعرف الأسباب ربما أمنية أو شيء آخر أو يمكن كثرة المعارض في المحافظات، فقبل مدة كان في أربيل وآخر في كربلاء وفي النجف، وهذه تخفف القدرة الشرائية للمواطن، فبالإجمال يعتبر معرضًا ضعيفًا. وأضاف: الشكوى التي لدينا أن القدرة الشرائية ضعيفة جدًّا فضلًا عن عدم وجود حضور لافت من قبل الناس، فأنا عادة ما أشاهد في أغلب المعارض أن هناك زيارات للمدارس التي تعمل وفودًا، وربما الوضع الأمني أثر على هذا، ولكن إن شاء الله يكون الوضع خيرًا، وعلى العموم يقال إن في الأيام الأخيرة يكون هنالك إقبال أفضل.
أما مسك الختام فكان مع الكتبي ستار محسن علي، الذي قال: لا جديد في معرض بغداد الدولي للكتاب في دورته الحالية، لم أجد ما يدهشني بل إنني وجدت العناوين مكررة، سبق لي أن ذهبت إلى أربيل وشاهدت حجم دور النشر المشاركة هناك وكانت أكثر رصانة وقدمت الجديد، أنا ارى أن المتبضع العراقي والبغدادي تحديدًا أصيب بخيبة أمل كون الأسعار مرتفعة جدًّا ولا أظن أن القارىء الذي يبغي الحصول على عنوان يقطع المسافات الطويلة في بغداد اليوم المليئة بالسيطرات والكتل الكونكريتية كي يجد الكتاب أكثر ارتفاعًا من أسعار شارع المتنبي. وأضاف: الإقبال الجماهيري غير جيد بالتأكيد، وآمل من الحكومة العراقية أن تضع هذه القضية نصب أعينها في الدورات اللاحقة وتعمل على الترويج للمعرض من خلال العمل على جعل طلاب الجامعات وتسهيل مهمتهم وتوفير وسائط نقل كي يطلعوا على ما هو جديد على أقل تقدير.
المصدر: إيلاف – عبد الجبار العتابي/ بغداد
مراجعة وتدقيق: (الحكمة)