خسرت إسرائيل الحرب مع إيران
إلقاء نظرة سريعة على محاولات الصهاينة الفاشلة في التحريض على إيران…
تم توقيع خطة عمل قصيرة في 24 نوفمبر من العام الفائت بين إيران ودول الخمسة زائد واحد وهو ما كان بمثابة مرحلة مهمة من العلاقات بين إيران وأمريكا. لو أنني قمت بالتحليل في مكان آخر لقلت بأن خطة العمل المشتركة ستسفر إزاء رفع قسم محدود من العقوبات إلى تخفيض إيران لبعض أنشطتها النووية، ولكن هذا لم يكن الأثر الحقيقي للصفقة. ومع كل ذلك وخلافاً للاعتقاد الشائع، إن الاختلاف بين إيران وأمريكا حول الملف النووي لم يكن اختلافاً تقنياً، إنما هو ذريعة من قبل الغرب لمعركة سياسية.
خسرت إسرائيل الحرب مع إيران – إلقاء نظرة سريعة على محاولات الصهاينة الفاشلة في التحريض على إيران.
مرة أخرى يبدي العالم اهتمامه بالمفاوضات بين إيران ودول الخمسة زائد واحد. ولا تزال التكهنات حول ما إذا كانت المحادثات سوف تجني قطافها أم لا في نهاية المهلة المحددة في تاريخ 24 نوفمبر.
وفقاً للموقع الالكتروني كانتربانتش: مهما كانت النتائج فهناك شيء واحد مؤكد: هو تلاشي دور إسرائيل في المفاوضات بشكل ملحوظ.
تم توقيع خطة عمل قصيرة في 24 نوفمبر من العام الفائت بين إيران ودول الخمسة زائد واحد وهو ما كان بمثابة مرحلة مهمة من العلاقات بين إيران وأمريكا. لو أنني قمت بالتحليل في مكان آخر لقلت بأن خطة العمل المشتركة ستسفر إزاء رفع قسم محدود من العقوبات إلى تخفيض إيران لبعض أنشطتها النووية، ولكن هذا لم يكن الأثر الحقيقي للصفقة. ومع كل ذلك وخلافاً للاعتقاد الشائع، إن الاختلاف بين إيران وأمريكا حول الملف النووي لم يكن اختلافاً تقنياً، إنما هو ذريعة من قبل الغرب لمعركة سياسية. المعركة التي بدأت عام 1979في أعقاب الثورة الإسلامية الإيرانية. ومنذ ذلك الحين وحتى الآن فإن أمريكا غير مستعدة لتقبل استقلال إيران وتعمل على خلق الذرائع لزج النظام السياسي في العمل بما يتوافق مع المصالح الأمريكية.
وتشمل هذه الذرائع على قصص وأكاذيب مبتكرة كعدم قبول إيران لاقتراح صدام حسين بوقف إطلاق النار في عام 1980، دعم إيران للأحزاب المناوئة لإسرائيل، وجود دور لإيران في زعزعة الاستقرار في أفغانستان، إيواء تنظيم القاعدة، نقض قوانين حقوق الإنسان وغير ذلك. إلا أنه وفي عام 2002 أضاف المنافقون ومعهم إسرائيل خرافات حول موضوع التكنولوجيا النووية الإيرانية إلى الذرائع الأمريكية الأخرى لتطبيق استخدام الخيار العسكري وغيره من التهديدات. ولكن خطة العمل المشتركة لمدة 6 أشهر على الأقل دمرت أكبر ذريعة أمريكية في القيام بحملة عسكرية ضد إيران.
في المواجهة مع إيران كانت أمريكا دائما حليفة لإسرائيل. وقد بدأت هذه الشراكة منذ عام 1979، ولكنها ركزت في البداية على مسألة العراق حيث يبدو أن العراق تعتبر بالنسبة لإسرائيل أكبر عقبة في طريق توصل هذا الكيان لأهدافه العدوانية الانفصالية، مثل دمج مناطق الضفة الغربية (مناطق يهودا والسامرة) بالأراضي المحتلة. ثم بعد ذلك تحول انتباه الكيان الصهيوني إلى إيران، العقبة الثانية في تحقيق التطلعات الصهيونية. في البداية وفي مطلع عام 1990 لم تكتفي سرا بالانضمام للحملة الواسعة ضد إيران وإنما لوحت بحبل العقوبات الأمريكية. أصبحت إسرائيل على أمل بأن أمريكا ستقوم يوم ما بضرب إيران من خلال مساعدة اللوبي الصهيوني، وقام الكونغرس الأمريكي بفرض عقوبات متعددة على إيران الواحدة تلو الأخرى. وهو يماثل الحادثة التي حصلت مع نظام صدام حسين.
ومما ساعد اللوبي الصهيوني في تشكيل سياسة أمريكية ضد إيران هو تعيين أشخاص مؤثرين على الحكومات المختلفة للولايات المتحدة الأمريكية، وهذا ماحصل في الدورة الأولى لولاية الرئيس باراك أوباما. فقد قام أعضاء اللوبي الإسرائيلي بوضع سياسات دبلوماسية قاسية في إدارة أوباما. هدفت هذه السياسة لفرض عقوبات متتالية وذلك لتقويض واضعاف إيران حتى يتم تهيئة الظروف المناسبة لشن هجوم عسكري على هذا البلد. ومن الأشخاص الذين يمكن الإشارة لهم في هذا المجال روس وغاري سيمور، حيث أن روس معروف كمندوب لإسرائيل ومستشار أوباما المقرب في الملف الإيراني. وهو عضو معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى. ويعتبر هذا المعهد أحد فروع اللوبي الصهيوني (إيباك).وكان روس قد عمل بعد تقاعده في المعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي وذلك لمواصلة فعالياته في اللوبي. كما كان غاري سيمور يعمل مستشار لاوباما في مجال أسلحة الدمار الشامل. ويعتبر واحد من مؤسسي تحالف اللوبي الصهيوني ضد النووي الإيراني. الجهاز الذي تم اتهامه في الأونة الأخيرة بالحصول على معلومات سرية للحكومة الأمريكية تتعلق بإيران بطريقة غير مشروعة. وكان سيمور بعد أن ترك منصبه في إدارة اوباما عمل مجدداً في عام 2013 كرئيس لاتحاد التحالف ضد النووي الإيراني. كما تم تعيينه مديراً تنفيذياً لمركز بلفور في جامعة هارفورد. ووفقاً للتقارير فإن هذا المركز يرتبط مع مجموعة التحالف ضد الملف النووي الإيراني.
لم تستطيع السياسة القاسية التي اتخذها اللوبي الصهيوني من الوصول لأهدافه. على الرغم من العقوبات الصارمة المفروضة على إيران والتي جلبت أضرار طفيفة على اقتصاد البلاد. ولكن وكما اعترف سيمور من خلال حوار له مع معهد الدراسات الاستراتيجية في لندن بأنه لم تحصل أي فتنة في الشارع الإيراني بالتالي فهذه المسألة لم تشكل تهديد للحكومة الإيرانية.
وتبدو إسرائيل التي كانت تأمل بتوجيه ضربة عسكرية لإيران غير راضية عن خطة العمل المشتركة. حتى إنه وقبل التوصل إلى اتفاق العمل المشترك قام النظام الصهيوني وحلفائه الأمريكيين بشن حملة واسعة ضده. على سبيل المثال، بناء على تقرير لصحيفة تايمز أوف الإسرائيلية وجه نتنياهو في العاشر من نوفمبر لعام 2013 وفي رسالة غير مباشرة تحذيراً لوزير الخارجية الفرنسي بأنه وفي حال دخلت فرنسا هذا المشروع، فإن إسرائيل ستهاجم إيران بنفسها. كما طلب من أصدقائه في أنحاء العالم مساعدته لتنفيذ هذه الخطة.
وبعد هزيمة إسرائيل في خطة العمل المشتركة، أخذت تسعى لفرض عقوبات أكثر صرامة على إيران من خلال الكونغرس الأمريكي. وتأتي هذه الخطوة من قبل عضوي مجلس الشيوخ الأمريكي كيرك ومينينديز الذين يتلقون مبالغ كبيرة من اللوبي الصهيون ايباك. وأعلن عن هذا المشروع في 19 ديسمبر من العام الماضي بهدف إنهاء الاتفاق بين إيران ودول الخمسة زائد واحد. وقد حقق هذا المشروع فوزاً نظراً للنفوذ الذي يتمتع به الأيباك في مجلس الشيوخ الأمريكي.
وصل عدد أعضاء مجلس الشيوخ الذين وقعوا على المشروع من 33عضو في مطلع يناير إلى 59عضو في منتصف الشهر نفسه. واعتبر وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في ذلك الوقت بأن المشروع محاولة لزج الولايات المتحدة في حرب مع إيران. وهدد اوباما باستخدام حق النقض الفيتو ضد هذا المشروع. وقال، أذا أرسل لي الكونغرس مشروع عقوبات جديدة بقصد الخروج عن مسار المحادثات النووية مع إيران، فسوف استخدم الفيتو لإسقاطه.
وفي النهاية سعى اللوبي الصهيوني من خلال بضع رسائل لرسم مستقبل اوباما في ظل الاتفاقية المستقبلية مع إيران. كما قام بإرسال رسائل لمجلس النواب الأمريكي حيث وقع عليه بعض النواب. ولكن وبحسب تصريح أحد النواب فإنه حتى ولو قبلت حكومة اوباما واحد من هذه المشاريع المطروحة في الرسالة فإن الاتفاق مع إيران لن يصل إلى حل نهائي.
كان من المقرر التوصل لاتفاق نهائي خلال ستة أشهر من خطة العمل المشتركة وبالتالي أقيمت قبل نهاية المهلة المحددة عدة جولات من المحادثات بين إيران ودول الخمسة زائد واحد. وكانت المفاوضات بين الطرفين ولمدة أسبوعين قد وصلت إلى أبواب مغلقة في يوليو الماضي في واحدة من أصعب المحادثات. ومع ذلك، في النهاية صرح محمد جواد ظريف ومسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون بأن هناك العديد من الخلافات حول قضايا رئيسية. وقد تقرر العمل على تسوية هذه الخلافات حتى 24 نوفمبر من هذا العام.
ومع اقتراب المهلة المعطاة للتوصل لاتفاق شامل وطويل الأمد بين إيران ودول الخمسة زائد واحد من غير الواضح فيما إذا كانت هذه الخلافات سوف تسوى أم لا. كما أنه من غير المعلوم ما هو حجم الاختلافات التي أوجدها الضغط الصهيوني على فريق التفاوض في حكومة اوباما. ونحن نعلم بأن المفاوضين يتشاورون مع إسرائيل قبل وبعد أية مفاوضات. كما أننا نعلم بأن الصهاينة لم يعد لهم نفوذ في البيت الأبيض كالسابق فقد تم استبعاد اللوبي الصهيوني الأكثر تأثيراً على حكومة اوباما، وفشلت إسرائيل في إيقاف الاتفاق قصير الأجل بين إيران ودول الخمسة زائد واحد. ولم يستطيع هذا الكيان من استقطاب ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي لإيجاد مشروع ضد استخدام الفيتو في الكونغرس لشن هجوم على إيران. وبعبارة أخرى، إن الكيان الصهيوني خسر معركة زج الولايات المتحدة في حرب أخرى في الشرق الأوسط.
وكالات