النجف الأشرف – (الحكمة)،سعد فخر الدين : “لن نتردد – لحظة واحدة – بإدانة من يطلق العيارات النارية في الهواء وفي اية مناسبة كانت”. بصوت عالٍ وألم قالها المعلم المتقاعد الحاج محمد زكي, (70عاما)، بعد ان تفاعلت ظاهرة إطلاق العيارات النارية التي صاحبت فوز المنتخب العراقي لكرة القدم على نظيره الإيراني ما تسبب بجرح العشرات من المواطنين الآمنين ومقتل آخرين لا ذنب لهم سوى ان بعض “المتهورين” والمخالفين للشرع والقانون نثروا الحزن بقلوب الناس بزرعهم طلقة بجسد مواطن بريء. وحرّم المرجع الديني الاعلى اية الله العظمى السيد علي السيستاني اطلاق العيارات النارية في المناسبات المختلفة، محملا مطلقي الأعيرة النارية، المسؤولية الشرعية، لما يتسبب به من قتل الناس أو جرحهم. وشدد المرجع السيستاني في استفتاء اطلعت عليه الحكمة أن “هذه الظاهرة بسبب ما تستتبعه من السلبيات منافية للعرف والأخلاق وننصح كافة الاخوة المؤمنين، التجنب عنها البتة”. وفي رصدها لردود الأفعال المختلفة في مواقع التواصل الاجتماعي والشارع العراقي قرأت (الحكمة) إجماعا على إدانة هؤلاء “المستهترين” والخارجين عن القانون حسب تعبير الكاتب ظاهر الشمري الذي كتب على صفحته الشخصية في موقع الفيس بوك ما نصه “سقط العشرات بين قتيل وجريح جراء هذه الممارسة غير الإنسانية وغير الحضارية، والتي تمتد جذورها إلى عشرات السنين بين أوساط المجتمع العراقي العشائري”. وأضاف “والغريب أن أغلب هؤلاء المستنكرين لهذه الجريمة قد تمنى خسارة المنتخب العراقي في مباراته القادمة مع كوريا لكي لا يحصل ما حصل”، مستدركا” لكن لم أقرأ أو أسمع من يوجه اللوم للحكومة العراقية، وأجهزتها التنفيذية المتخصصة في متابعة هذه الجرائم التي يعاقِب عليها القانون، والتي تصل عقوبتها في بعض الأحيان إلى الإعدام، ولم نرها يوماً تعاقِب من يقوم بهذا الفعل الذي يحدث في بعض الأحيان أمام أنظار السلطات الأمنية التي تجوب الشوارع من خلال دورياتها، وسيقول البعض من المدافعين أن مصدر النيران مجهول، وهذا غير صحيح، لأن السلطات قادرة على تشخيص ما نسبته 60% من هذه الحالات، ويجب إلقاء القبض على البعض من هؤلاء، وتقديمهم إلى المحاكم المختصة، والإعلان عن هذه الإجراءات في وسائل الإعلام، حتى يكونوا عبرة للآخرين، ولكي لا تتكرر مآساة قتل الأبرياء، وقتل فرحة الشعب العراقي في آخر ما تبقى من التوحد العراقي وهو مجال الرياضة”.
وقال رئيس الوزراء حيدر العبادي في بيان تلقت (الحكمة) نسخة منه إنه وجه باتخاذ إجراءات رادعة وعاجلة لمنع ظاهرة إطلاق العيارات النارية في المناسبات ومحاسبة المسؤولين عنها لأنها ترهب المواطنين وتتسبب بوقوع ضحايا وإصابات بينهم. وأضاف أنه وجه “القوات المسلحة والأمنية بمنع الإطلاقات في المناسبات منعا باتا وإنزال العقوبات الرادعة بحق المتجاوزين”. وأصيب العشرات من المواطنين في العراق باطلاقات نارية طائشة بعد إعلان الحكم نهاية مباراة الفريقين العراقي والايراني. وذكر مصدر طبي أنه أجريت في اليوم ذاته عمليه قيصريه لإمرأة حامل أصيبت بطلق ناري في البطن. أخترقت الإطلاقة رحم الأم وأصابت الجنين أسفل عموده الفقري. وقال الأستاذ الجامعي الدكتور علاء الأمين “لا فرق بين الذين يطلقون العيارات النارية الطائشة في الهواء ويقتلون ويجرحون الابرياء ويثيرون الرعب بين المواطنين الامنين, لافرق بينهم وبين الدواعش الذين يقتلون الابرياء ويثيرون الرعب بين السكان”.
مشددا “فلتضرب الدولة بيد من حديد على الفئتين…الدواعش ومطلقي العيارات النارية …سواء في الاعراس او عند موت شيخ عشيرة او عند فوز المنتخب الوطني.فكلها رصاصات طائشة تقتل الناس”. وتساءل الإعلامي الشيخ عباس العيساوي (مدير قناة الفرات الفضائية) “هل ترضى ان يقتل ابنك ؟” وأضاف “لدينا معركة نقدم فيها شهداء وجرحى بكل فخر وعلينا ان نوجه رصاصنا الى صدور العدو”. مستفهما ” ماذا نسمي إطلاق اكثر من مليوني رصاصة وسقوط جرحى قد يموت بعضهم؟” واردف “صدقوني كلنا فرحنا، لكن كيف يقبل ضمير البعض ان يُفجع اما بابنها, وهناك مجاهد يستشهد لان عتاده نفذ وهو يدافع عنا”. وذكرت مصادر في صحة مدينة الصدر عن “إصابة 44 مواطنا فقط في مدينة الصدر، البعض منهم في حال حرجة لحد الان”.
فيما دعا ناشطون عبر صفحاتهم الشخصية المواطنين للقيام بواجبهم بنشر ثقافة الرفض لهذه الممارسات الخاطئة بعبارة تقول (بدلا من إطلاقها في الهواء سددها في صدور الأعداء). وانتشر بين التعليقات ما نصه “من اجل الامن والأمان وعدم ازهاق الارواح البريئة وعلى بركة الله, انا وأنت وكل الخيرين نقوم بحملة ضد ظاهرة إطلاق العيارات النارية, شارك المنشور لتصل لأغلب أصدقائك عسى أن ننفع بها المؤمنين, آملين رضا الله ونصرة لمجاهدينا الابطال من الجيش والحشد الشعبي والله الموفق”. وقال المواطن محمد زاير جاسم ان “كل من يطلق اطلاقة احتفال بفوز أو زواج فهو يعرض أرواح الأبرياء للخطر وهذه ظاهره تنشأ عند المتخلفين ثقافيا ودينيا وهم قاتلو النفس المطمئنة”, واستنكر بقوله “والرمي في حالات الوفاة. .هل هو اعتراض على حكم ومشيئة الله؟” وقال مضر ابوغنيم (58 سنة) ناشط في مجال المجتمع المدني “قليلا من الوعي ومزيدا من الحذر.. حياتنا في خطر جراء تعبيركم عن فرحتنا بشكل لامسؤول”. ويعمد بعض العراقيين إلى إطلاق العيارات النارية في المناسبات تعبيرا عن الفرح او الحزن,وهي ظاهرة يعزوها المراقبون إلى ضعف تطبيق القانون والانفلات الأمني خلال السنوات الأخيرة مضافا الى طبيعة المجتمع العراقي المتأثر بالبداوة التي تشترك فيها عدد من شعوب المنطقة. وأثارت صورة طفلة عراقية قضت نتيجة اطلاق النار العشوائي خليطا من مشاعر الحزن والغضب لدى العديد من ناشطي صفحات الفيسبوك. فقال الاعلامي وائل الحافظ “طفلة قتلت بالإطلاقات النارية لفوز فريقنا على إيران بكرة القدم، أين الدولة؟ ولماذا لا تحاسبهم؟ يا أيها العرقيين لماذا هذا السكوت ؟ ، فقد قررت التحدث بقوة مع اي شخص يطلق العيارات النارية، و إذا لم يهتم لذلك سأبلغ عنه القوات الأمنية حتى لو كان أخي او أبن أمي أو حتى لو كان والدي، فاذا سكت احدنا فغدا ستصيب هذه الطلقات احد أقراد عائلتي أو عائلتك “. واظهرت وسائل الاعلام ومواقع التواصل لأب.. وهو يحتضن طفلته الصغيرة بعدما لفظت انفاسها الأخيرة بسبب طلق ناري طائش.
وقال أحمد المؤمن “هذه الطفلة البريئة توفيت أمس بنيران الهمج الرعاع الذين أطلقوا النار في الهواء بعد فوز المنتخب .. ما ذنبها لتموت في رصاصات همج رعاع فرحين !! الله ينتقم منكم يا رعاع”. وكتب انمار الصافي مقالا حمل عنوان (تبا للبنادق التي ثارت بعيدا عن جبهات القتال) قال فيه أن “ما يؤلم ويحز في النفس ان اليوم وبعد انتهاء المباريات التي فاز بها المنتخب العراقي اطلقت بنادق خاوية لاطعم لها ولافرحة”.
وأضاف “ثارت بعيدا عن العصابات الارهابية الداعشية في مناطق القتال التي يربض بها مقاتلون اشداء نذروا انفسهم وبنادقهم للدفاع عن مدننا التي يريد الدواعش استباحتها”. وقال المواطن ناجي الصافي “كفا (كفى) وتأدبوا اذا لم تستطع الحكومة وسلطاتها تاديبكم وهذا اكيد لان كثير من منتسبيها قد مارس العمل نفسه واطلق عياراته النارية في استخدام اسلحتهم الرسمية التي اعطيت لهم لضبط الامن وحماية المواطن لا اثارة الفوضى والتسبب بقتل الابرياء ….. فالتأدبكم (فلتؤدبكم) عشائركم وعوائلكم اذا تعجز الحكومة من محاسبتكم”.
وسجلت وزارة الصحة حالتي وفاة و89 إصابة بينهم أطفال ونساء بينهن امرأة حامل بسبب هذه الظاهرة.
ودعا درب المنتخب العرقي راضي شنيشل وكابتن الفريق يونش محمود المواطنين بعدم اطلاق العيارات النارية بعد مباريات المنتخب العراقي حفاظا على ارواح الناس وممتلكاتهم
وتوعدت وزارة الداخلية بمحاسبة أي شخص يطلق العيارات النارية في المناسبات، محملة المسؤول الأمني المحلي مسؤولية مراقبة منطقته وإلقاء القبض على المخالفين، فيما دعت إلى الجميع للمساهمة في الحملة الوطنية لمناهضة إطلاق العيارات النارية. وتمنت المواطنة ندى الحجيمي ان “ينسى العراقيون لغة السلاح بالافراح والاحزان التي تذهب بسببها ضحايا من مختلف شرائح المجتمع”.