كاتب عراقي يبيع مؤلفاته على شكل مخطوطات
هذا الرجل الأديب، ومنذ أكثر من ستين عامًا، يكتب مؤلفاته بخط يده في دفاتر مدرسية، فيقوم بوضع عنأوين لها وصنع أغلفة، ومن ثم قام مؤخرا بعرضها لبيعها لمن يشاء بشرط الإبقاء على حقه كمؤلف، كتبه لها قيمة وتمتلك مؤهلات نشرها وطبعها، بالطبع.
لا أعتقد.. أن الامر قد حدث من قبل، ولا أظن.. أن في العالم شيئا يشبهه، أنه أمر نادر وغريب عجيب، ولا أتصور أن أحدًا سمع بمثل هذا، أو أن أحدًا فعل ما فعل هذا الرجل الذي يمكن أن يشكل ظاهرة لوحده لا ثانية لها ولا يمكن أن تتكرر، فهو يبلغ من العمر 75 عامًا، حمل مخطوطات مؤلفاته وعرضها في معرض صغير للكتاب أقامه إحدى دور النشر في المركز الثقافي الخاص بمحافظة بغداد في شارع المتنبي. أقول.. مخطوطات مؤلفات التي كتبها بخط اليد على شكل كتب اعتيادية تمتلك كل مواصفات الكتاب ابتداء من الغلاف الذي صممه إلى صفحة العنوان التي دون فيها معلومات الكتاب، وليس انتهاء بالغلاف الأخير الذي حمل سطورًا من سيرة حياته، وهذه الكتب ليست كتابًا أو كتابين أو عشرة بل مجموعة كبيرة من ضمن 150 كتابًا، قام بتأليفها على مدى سنوات طويلة من عمره، فيما لم يتلمس غلافًا لكتاب مطبوع له وإن تم طبع بعض الكتب له في سورية والأردن، إلا أنه لم يحصل على نسخ منها، إذ إن من اشتراها هو الذي قام بطبعها ونشرها بعيدًا عن مؤلفها، الرجل له هواية الكتابة مذ كان صبيًّا، ولكنه ما كان ينظر إلى المطابع ولا إلى دور النشر، فبقي يكتب ويصف كتبه في بيته ابتهاجا بها وإشباعًا لرغبة في نفسه.
* منذ متى وأنت تؤلف الكتب؟
– منذ عام 1954 بدأت أؤلف الكتب، ولكن في عام 1956 بدأت أنشر في الجرائد والمجلات الأدبية ولكن باسم مستعار هو (كاميل صبري)، إذ إن اسمي الحقيقي هو (كمال خليل صبري) والسبب أنني في عام 1954 ذهبت في أحد الأيام إلى الجريدة لأسلم قصيدة غزلية إلى رئيس تحرير جريدة الأوقاف في مدينة كركوك، فأعجبته القصيدة، لكنني قبل أن يقول إنه سينشرها قلت له اسمح لي قليلًا، ومن ثم ((صفنت)) قليلًا وتأملت، فقال لي: ما بك؟ ولماذا هذه الصفنة؟ فقلت له: إن أبي رجل دين ولديه اشتراك في هذه الجريدة، وإذا ما قرأ هذه القصيدة العاطفية غدًا، فسوف يكون موقفًا محرجًا بالنسبة لي، ففكرت ماذا أفعل، فقمت وغيرت اسم (كمال) إلى (كاميل) وأبقيت على لقب أبي الذي هو صبري فكان الاسم الجديد لي هو (كاميل صبري)، وبعدها بدأت أنشر بهذا الاسم، ونشرت في مجلة (الإخاء) التي يصدرها نادي الإخاء التركماني عام 1962.
* هل تذكر أول كتاب ألفته؟
– لا..، لا أتذكر أول كتاب نشرته، ولكنني أعتقد أنني كتبت وقتها ذكرياتي البسيطة فيه، فقد بدأت بالتأليف وأنا طالب في الصف الأول المتوسط، لكنني لم أكن أهتم بالنشر..، وربما لكوني لا أعرف الكثير عنه في ذلك الوقت ولا حتى في ما بعد عندما تخرجت في كلية الآداب قسم اللغة الإنكليزية وتعينت مشرفًا تربويًا في ديالى.
* من أي مواليد أنت وفي أي محافظة تعيش؟
– من مواليد عام 1937 وكنت أعيش خارج بغداد، في محافظة ديالى، أنا عربي (تميمي)، أجيد 4 لغات هي: العربية والكردية والتركية والإنكليزية، انتقلت إلى بغداد عام 1991 في منصب معاون المدير العام للشؤون الفنية، وبقيت مدة 8 سنوات إلى 1998 قبل أن أحيل نفسي على التقاعد، وهو ما جعلني أنصرف إلى الصحافة والأدب، فكنت أنشر في خمس صحف.
* كم عدد الكتب التي ألَّفتها؟
– 150 كتابًا، وليس بينها أي كتاب مطبوع، أي إنني لم أمسك بيدي أي نسخة لأي كتاب مطبوع لي، وإن سمعت أن دور نشر سورية وأردنية نشرت بعض الكتب وكانت قد اشترتها مني سابقًا. وقبل مدة أخذت مني إحدى دور النشر الخارجية 26 كتابا لطبعها، ولا أدري إن كانت طبعت أم لا، وما زالت أغلب كتبي مخطوطات.
* لماذا لم تحاول طبع هذه المخطوطات بنفسك؟
– بسبب عدم وجود الإمكانية المالية عندي، وهي التي أدت بي إلى بيع حق التأليف إلى دور النشر وهذه (دور النشر) هي التي تتبنى طبع الكتب ونشرها.
* منذ متى استيقظت لديك رغبة النشر؟
– في السابق لم أكن اهتم كثيرًا بالنشر. أكتب لنفسي فقط، ولكن عندما أتيت إلى بغداد بدأ اهتمامي بالنشر، عندما قالت لي جماعة من الذين أعرفهم ((حرامات)) هذه المؤلفات تبقى بلا نشر وشجعوني على الاتصال بدور النشر، فراجعت دار الشؤون الثقافية العامة ولكنهم قالوا لي إنهم يستطيعون أن يطبعوا لي كتابًا واحدًا فقط في كل سنة، فلم أقتنع بذلك.
* ما الذي تتضمنه مؤلفاتك من موضوعات؟
– مواضيع كتبي تتضمن عدة سلسلات، هي الأدبية والعاطفية والمرأة والحياة والعلمية والتاريخية والدينية، بالإضافة إلى الترجمة، فقد ترجمت عددًا من الكتب والروايات من الإنكليزية إلى العربية، كما قمت بإعداد بعض الكتب.
* وكيف يمكن أن تبيع كتبك المخطوطة؟
– أنا أبيع هذه الكتب لمن يشاء سواء كانوا أشخاصًا أو دور نشر، ولكن بشرط حق التأليف، أي أن يبقى الكتاب يحمل اسمي، يعني هذا أنني أنظم استمارة يتعهد فيها الطرف الأول (المشتري) بأخذ موافقة المؤلف وطبعه ونشره بشرط إبقاء الاسم، يعني أنني أوقع عقدًا مع المشتري، وعندما يريد أن يطبعه طبعة ثانية عليه أن يأخذ موافقتي أيضًا، وإلا يعرض نفسه للمساءلة القانونية.
* كم سعر الكتاب الواحد منها؟
– هناك كتب بـ 120 دولارًا وأخرى بـ 90 دولارًا
* ألم تحاول مع مؤسسات أخرى؟
– إذا أردت الحقيقة.. في العراق لا يوجد تشجيع للأدب بشكل كبير بقدر ما في الخارج، فقد سبق لي أن اشتركت في مسابقة عالمية للشعر، وقد أرسلت ثلاث قصائد وفازت فسجلوها على أشرطة، وهي تذاع دائمًا من إذاعة صوت أمريكا، في العراق ليس هنالك اهتمام.
* اي وقت تستغرق في الكتابة، واي جهد؟
– الجهد الذي أبذله كثيرٌ جدًا، فيوميًّا أكتب نحو 15 ساعة، اعتمدت منذ البداية على اليد، ولأنني أجيد الخط العربي فقد أعجبني ذلك، وعلى الرغم من توفر أجهزة الكمبيوتر، إلا أنني لم أفكر في كتابتها به، وما زلت أؤلف كتبي بيدي.
* من يصمم لك الأغلفة؟
– أنا خطاط ورسام في الوقت نفسه و أقوم بتصميم الأغلفة لكتبي بنفسي، وترى أن الكتب العائدة لسلسلة المرأة والحياة مميزة ومعبرة
*ما الأمنية التي في نفسك؟
– أن تُطبَعَ هذه الكتب وتنشر، أي أن أجد دور النشر التي تتبناه.
المصدر: ايلاف