أحداث سورية تخيّم على أجواء عيد الفطر في العراق

309

23-8-2012-1

بدأت مظاهر الزحام في أسواق مدن العراق تبرز مع الإقبال على شراء مستلزمات الأسرة والملابس والهدايا والأكلات الخاصة بهذه المناسبة السعيدة، التي يحرص العراقيون على التمتع بها بعد شهر الصيام، وسط ارتفاع في الأسعار بسبب الأزمة السورية، حيث بدأ التجار يعزفون عن الاستيراد من سورية، ولاسيما ملابس الأطفال والنساء، وغيّروا وجهتهم نحو الصين وجنوب شرق آسيا.

يقول كامل حسن من منطقة الكرادة في بغداد باستياء: “سوف لن يكون هناك مجال لسير المارة، وستمتلئ الأرصفة والعتبات أمام المتاجر والمخازن بشتى أنواع البضائع”.

ويشارك أحمد حسين (معلم) في الحوار قائلاً: المجتمع العراقي صار استهلاكيًا بوتيرة أكبر، وهذا الإغراق السلعي وعرض البضائع بهذا الشكل الكبير يدل على كساد كبير، داعيًا إلى تقنين الاستيراد، والحدّ من الاستيراد غير المنظم للبضائع الرديئة التي تُغرِق الأسواق. واشترت إيمان الجبوري عشر قطع لأفراد أسرتها، وكلها خليط من ملابس وألعاب أطفال وحلوى.

لا بضاعة عراقية

بنظرة بسيطة تكتشف أن غالبية البضائع التي اشترتها الجبوري مصدرها صيني المنشأ، أو مصادر من جنوب شرق آسيا والأردن، وليست ثمة بضاعة واحدة صُنِعت في العراق.

تقول إيمان: إنها رخيصة، لكنها ليست متينة، وإذا استطعنا بوساطتها سد حاجات العيد فإن هذا يكفي. ويشكو معظم العراقيين من البضاعة الفاسدة أو السلع البائرة في مصادرها الأصلية، لكنّ التجار يستوردونها بأرخص الأسعار، حيث يوفر العيد فرصة ذهبية لتصريفها.

امرأة أخرى، هي أم سالم، اشترت عباءة سوداء صينية الصنع بسعر يبلغ نصف سعر العباءة العراقية الأصلية. وتعتقد أم سالم أن المواطن العراقي مضطر للتعامل مع هذه السلع لأنها رخيصة. وتتابع: ليس لدينا خيار آخر. ويضيف: عيد الفطر فرصة للتجديد، والناس يشترون في العادة ملابس جديدة للعيد، لاسيما الأطفال. وتشكو من ارتفاع الأسعار إلى الضعف قياسًا إلى الأسعار في بداية شهر رمضان.

التنزيلات

لكن من أهم مظاهر العيد في كل المدن العراقية، ازدهار الأسواق الشعبية، التي غالبًا ما تكون امتدادًا لأسواق مراكز المدن التقليدية، حيث تمتد (بسطات) البائعين لمسافات طويلة، عبر عرض مختلف أنواع البضائع وجذب الزبائن عبر (التنزيلات) في الأسعار، وخصوصًا الملابس التي يوفر فيها العيد سوقًا رائجة.

يمتلئ مخزن علاء الخفاجي بشتى الأنواع من لعب الأطفال، معظمها صينية الصنع، بأسعار بدت رخيصة، على الرغم من أن كثيرين يرون أنها وصلت إلى الضعف قياسًا إلى الفترة الماضية. ويقول الخفاجي إنه يركز على عرض الحلي ولعب الأطفال والزينات الخاصة بالنساء نظرًا إلى الإقبال الكبير عليها.

بالنسبة إلى العطار أبو خالد في سوق المسقف في بابل (100 كم جنوب بغداد) فإن الحرص على توفير أنواع الحناء والأحجار الكريمة والبخور بأنواعها الصلدة والسائلة والعيدان، إضافة إلى أنواع الروائح النسائية والرجالية، يأتي في المقام الأول.

ويشير أبو خالد إلى أن الكثير من البيوت العراقية استعادت بعض التقاليد التي افتقدتها لفترة طويلة بسبب الأزمات. وتقول زوجته أم خالد، التي تعمل معه: “إن هناك حرصًا من النساء على البخور في البيوت في الأعياد، وكذلك الشموع، إضافة إلى الزينة في البيوت والمظهر الشخصي عبر  النقش بالحناء وارتداء الملابس الفولكلورية الخاصة بالأعياد.”

23-8-2012-2

أصحاب المصالح

ويبدو العيد للكثير من أصحاب المصالح متعبًا، نظرًا إلى الأعمال الكثيرة التي يتوجب عليهم القيام بها، فحتى أصحاب سيارات النقل يهيئون سياراتهم لنقل الزوار بين المدن، لاسيما مدن العتبات المقدسة.

تاجر الجملة أحمد الدليمي في سوق جميلة في بغداد، يشير إلى أن العيد يجعل الناس يعزفون عن الشراء من الأسواق الرئيسة، التي تكون أسعار بضائعها مرتفعة، فيلجؤون إلى أسواق التنزيلات والبسطات، التي توفر بضاعة بأسعار أقل، لكن بنوعية وكفاءة أقل.

وبحسب الدليمي، يصل سعر البدلة الرجالية إلى حوالي 400 دولار أمريكي، في حين أن سعر اللباس لطفل في عمر خمس سنوات يصل إلى حوالي ثلاثين دولارًا أمريكيًا. أما ملابس النساء فإنها شهدت ارتفاعًا كبيرًا مقارنة بالأنواع الأخرى.

الأزمة السورية

لكن الدليمي يربط ارتفاع الأسعار بالأزمة السورية، فيقول إن عزوف التجار عن الاستيراد من سورية أدى إلى ارتفاع الأسعار، لاسيما ملابس الأطفال والنساء. ويشير إلى أن التجار المعروفين، الذين يتعامل معهم، غيّروا وجهتهم إلى الصين وجنوب شرق آسيا.

ويتابع: أثَّر الوضع السوري كثيرًا في أسعار السلع في العراق، لاسيما وأن العراقيين يفضلون البضاعة السورية مقارنة بالبضاعة الصينية ودول جنوب شرق آسيا.

ويقول صبري الكاظمي، ويمتلك “باصًا”، إنه سيكون مشغولاً طيلة أيام العيد، حيث يتوجب عليه القيام برحلتين يوميًا من بغداد إلى مدينتي كربلاء والنجف (جنوب غرب بغداد). ويتابع: لابد من ذلك على الرغم من حاجتي إلى الراحة، لكني لا يمكن أن أخذل زبائني. وبحسب الكاظمي، فإن آلاف الناس يقصدون مقابر موتاهم في أيام الأعياد، كما يحرصون على زيارة العتبات المقدسة.

زحام المواصلات

لكن الكاظمي بدا قلقًا من زحام المواصلات، الذي ينتظره، مثل أعياد السنوات السابقة، قائلًا: في الأعياد تزدحم الطرقات، وتُفقد انسيابية المرور، وتحصل الكثير من الحوادث بسبب سوء التنظيم ورداءة الطرق.

وبحسب تجربة الكاظمي، فإن شق طرق جديدة لم يحصل في العراق منذ عقود، رغم الزيادة غير الطبيعية في أعداد السيارات المستعملة. قلق آخر يبديه أحمد المتوكل (كاسب)، الذي يؤكد أن العيد هو موسم الطوابير الطويلة في محطات الوقود وأفران الخبز والمعجنات، حيث يقبل العراقيون على صنعها مع الحلوى.

 

 بغداد : وسيم باسم

المصدر : إيلاف

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*