استراتيجية مكافحة الفقر في العراق .. مكانك راوح

282

16-8-2012-1

رواء حيدر

في الثاني عشر من آب من عام 2009، أي قبل ثلاث سنوات تقريبًا، أعلنت الحكومة العراقية ما أسمته بالاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفقر وتقوم على إعطاء مؤشرات عن مستويات الفقر والتفاوت من خلال قياس مستوى المعيشة،  وقد تم وضعها في ضوء اتفاقية تعاون مشترك بين وزارة التخطيط والبنك الدولي.

الحكومة أعلنت عند وضع الاستراتيجية في عام 2009 أن نسبة الفقر بلغت 23 بالمائة من عدد السكان البالغ 30 مليون نسمة وعبرت عن أملها في أن تعمل هذه الخطة الوطنية على القضاء على الفقر وتحسين أوضاع المعوزين والمحرومين.

تضمنت الاستراتيجية عددًا من المراحل تبدأ بوضع قاعدة بيانات ومؤشرات إحصائية حول الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للأسرة العراقية، تليها مراحل أخرى لاحقة تحدد ملامح الفقر ومناطق تركزه ومدى التفاوت بين المحافظات والمناطق الحضرية والريفية، مع اعتماد الأبعاد المتعددة مثل الصلة بين الفقر والتعليم والصحة والبنى التحتية والسكن والرعاية الاجتماعية والحصص التموينية.

الاستراتيجية أكدت ضرورة تحقيق الأمن والاستقرار وضمان الحكم الرشيد وعدالة التوزيع، وتوزيع مصادر النمو، والتخفيف من آثار الإصلاح الاقتصادي السلبية على الفقراء إضافة إلى أمور أخرى عديدة.

الاستراتيجية أكدت أيضًا إرساء دولة المؤسسات في إدارة الاقتصاد وتحسين أداء الدولة ومحاربة الفساد وزيادة كفاءة الأداء الحكومي وتحسين آليات صنع القرار، هذا إضافة إلى ضمان عدالة التوزيع وتنويع مصادر النمو في ظل اقتصاد السوق مع زيادة فرص التشغيل وتحسين فرص العيش الكريم وتحسين الاستقرار النقدي وتقليص دور الدولة في النشاط الاقتصادي وتطوير عمل البنوك وخصخصة شركات القطاع العام.

16-8-2012-2

​​لم نلمس أي تغيير

اليوم وبعد مرور ثلاث سنوات، ماذا حققت هذه الاستراتيجية؟ طرحنا هذا السؤال على عدد من المواطنين فقالوا إنهم لم يلمسوا أي شيء حتى الآن فالفقراء ما يزالون فقراء، والأغنياء يزدادون غنًى، وما زال الناس يعيشون في بيوت من صفيح وفي عشوائيات، وما زال المتسولون والأطفال والأرامل في الشوارع يستجدون لقمة العيش..

وزير التخطيط: لا إرادة حقيقية، والأموال المخصصة لا تكفي

إذاعة العراق الحر سألت أيضًا وزير التخطيط علي يوسف الشكري عن استراتيجية مكافحة الفقر، فشكا من غياب الإرادة الحقيقية لإنجاحها، كما شكا من ضآلة الأموال المخصصة لها، وقال إن الحكومة خصصت في عام 2012 مبلغ 600 مليار دينار لستراتيجية مكافحة الفقر، غير أن مجلس النواب خفض المبلغ إلى 476 مليار، وهذا المبلغ قليل حسب قول الوزير الذي أوضح أنه لا يكفي إذا ما تم توزيعه على مختلف المشاريع مثل الرعاية الاجتماعية وبناء المدارس والمراكز الصحية والمستشفيات وتنفيذ خطط محو الأمية ثم تمويل صندوق القروض لتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة.

الوزير أكد أن كل هذا لا يكفي للقضاء على الفقر في العراق..وبين أن تنفيذ الاستراتيجية يحتاج إلى مبالغ هائلة، وأن القضاء على الفقر لا يعني مجرد تعيين موظف في دوائر الدولة، بل يعني تمكين هذا الشخص من العمل في مشاريع تدر عليه نفس الدخل ولكن في القطاع الخاص.

الوزير قال أيضًا إن بناء مركز صحي وبناء مدرسة وتعبيد طريق وتشييد مبان وجسور لا تكفي، رغم أنها من مؤشرات الفقر من عدمه، بل يحتاج الأمر إلى جهود أشمل وأعم، حسب قوله.

الشكري انتقد الأساليب المتبعة حاليًّا في مكافحة الفقر واعتبرها غير سليمة وأكد ضرورة تشغيل القطاع الخاص وتنشيطه وتفعيله، لأنه الوحيد القادر على تحريك الاقتصاد وتحقيق دخل مرض للعاملين والناشطين فيه وللبلد بشكل عام.


خبير اقتصادي: الفقر ما يزال موجودًا ولم نعلم بغيابه


من جانبه لاحظ الخبير الاقتصادي ضرغام محمد على عدم وجود مؤشرات واضحة على النتائج التي حققتها استراتيجية مكافحة الفقر، مشيرًا إلى عدم توفر بيانات ومعطيات حتى لدى الوزارات المعنية نفسها عن كيفية إنفاق الأموال وعما حققته وعما تم انجازه،

 مما يعني طرح آلاف الأسئلة عن حقيقة ما حققته هذه الاستراتيجية حسب قوله.

ضرغام محمد علي قال “ما نعلمه حتى الآن هو أن الفقر منتشر ولم تطرأ أي تحسينات حقيقية على أوضاع الناس في بغداد العاصمة مثلًا وحتى في مدن أخرى مثل البصرة المعروفة بكونها المنتج الرئيسي للثروة في العراق”.

الخبير الاقتصادي لفت إلى أن الحكومة لم تنفذ حتى الآن وعودها العديدة لتحسين أوضاع المواطنين، لاسيما المعوزين، مثل بناء وحدات سكنية تحقق عيشًا كريمًا لهم .. وأضاف: “لم نسمع حتى الآن غير تصريحات وهي مجرد كلام..وليس مستندا قانونيًّا”.

وحتى تنتهي ظاهرة الفقر في بلد غني كالعراق… ينتظر الأطفال والأيتام والأرامل والمعوقون والمرضى وكبار السن، ينتظرون كرم القوانين والتشريعات والإجراءات التي من المفترض أن تشملهم جميعًا.. أما الشباب فينتظرون فرصة للإبداع ..

 

المصدر : إذاعة العراق الحر

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*