العيد في كربلاء .. مناسبة لا تحظى باهتمام الأغلبية

251

   مثل سائر المسلمين العراقيين تفرد الأسرة الكربلائية للعيد مكانة خاصة تميزه عن سائر أيام السنة الأخرى.

   فالاستعداد للعيد يسبقه بأيام ويبدأ بشراء الملابس الجديدة والتهيؤ لتبادل الزيارات مع الأقرباء والأصدقاء إلا أن هذا لم يجعل من هذه الأيام أيام مرح وفرح لأسباب اختلفت من منطقة إلى أخرى في كربلاء كان في مقدمتها زحام المدينة وتوافد الزائرين عليها وآخرها غياب المتنزهات والحدائق العامة المناسبة .

(الإخبارية) تجولت في شوارع المدينة واستطلعت آراء المواطنين في العيد .

   يقول أرشد مهند (20عامًا) : إن العيد تراجع، خلال السنوات الأخيرة، من كونه مناسبة اجتماعية مفعمة بمشاعر المودة والمحبة، وتحول إلى مناسبة لا تحظى بالاهتمام من قبل عدد ليس بالقليل من الناس، بسبب عدم وجود برنامج للاحتفال به سوى صلاة العيد وزيارة القبور ومعايدة كبار العائلة وهذا كله في أول يوم من العيد .
أما محمد خالد (55عامًا ) فيقول : إن العيد تغير عمّا كان عليه سابقًا فعلى بساطته كان أحلى بكثير من الآن .
ويتابع خالد : كان العيد له مراسيم خاصة ومنهاج خاص إذ كانت للأطفال في كل منطقة يسكنونها مجموعة من الألعاب البسيطة مثل المرجوحة المصنوعة الإطارات القديمة، أو جذوع النخيل وهناك العربات التي يجرها الحصان ويركب بها الأطفال متجولين بالمدينة يصفقون ويغنون ، وهناك أيضًا دولاب الهواء البسيط المكون من ثلاث أو أربع عربات فقط ويدار باليد .
أما باسم محمد (45عاما) فيقول : إن قناعات الأطفال تغيرت هي الأخرى، فعلى الرغم من وجود بعض المتنزهات الصغيرة في المساحات الفارغة في الأحياء السكنية، إلا أن الأطفال لا يرغبون إلا بمدن الألعاب أو قاعات الألعاب الإلكترونية .
ويضيف محمد: إن كربلاء تفتقد إلى مدن الألعاب ولا تمتلك سوى مدينة ألعاب أهلية وصغيرة لا تتناسب مع سكان المدينة والوافدين إليها، وهناك متنزه في قلب المدينة كبير وجميل إلا أنه لا يحوي ألعابًا كهربائية، والزحامات التي فيه جعلت الناس تنفر منه.
الحاجة أم جواد (60عامًا) استذكرت بعضًا من عادات العيد التي كانت سائدة أواسط القرن الماضي، مثل صناعة حلويات العيد في المنازل، وركوب الدواب أثناء أيام العيد سعيًا وراء المتعة ، وتابعت أم جواد : وهناك عادات أخرى تسبق العيد بساعات إذ كنا قبل أربعين عامًا نضع الحناء بأيدينا ليلة العيد وتلفه الأمهات بقطعة قماش حتى لاينزاح عن أكفنا، ونحن نيام والصغار من كلا الجنسين كانوا يضعون الحناء، ويتباهون صباحًا بشدة احمرار أكفهم .
مستذكرة: ومن عادات العيد الأخرى، ما كانت تعرف بيضة العيد، وقد نسيت هذه العادة تماما منذ سنوات ولم يعد لها وجود حاليا، وهي تتمثل بحرص الأسر على تقديم البيض المسلوق لأفرادها بعد معالجته ببعض الألوان، قبل أن يتم توزيع حلويات العيد”الكليجة” عليهم، ويكون لكل صغير بيضة قد يختلف لونها عن الوان البيض عند أقرانه .
كما ويتذكر كبار السن من الكربلائيين، العيد في أواسط القرن الماضي، بحسرة مؤكدين أن الحميمية التي كانت تسود أجواء العيد في تلك الفترة، كانت أشد مما هي عليه اليوم.

   يقول سالم هادي (65 عامًا ) : إن الناس كانوا يتزاورون ويحرصون على التواصل خلال العيد بعكس الحال اليوم، مؤكدًّا أن : أبهى ما يميز العيد هو الأجواء الاجتماعية التي تتشكل باجتماع الناس وتزاورهم ، وكما تغيرت الكثير من الأشياء والعادات بمرور الزمن، بدا أن اعتماد الأسر الكربلائية على الحلويات المصنعة في الأفران، قد أنساها ما كانت تعده في البيت مثل الكليجة، فبينما كانت “الكليجة” هي أشهر حلويات العيد قبل عشرات السنين، بدا أن هذا النوع من الحلوى المنزلية قد اختفى إلى حد كبير وتم الاستعاضة عنه بالحلويات التي تصنع في الأفران أو تباع جاهزة في المحلات الخاص.

   ويضيف هادي: ولم يقتصر التغيير على أنواع الحلوى أو علاقات الناس ببعضهم، ففيما يسرع الصغار اليوم نحو الألعاب التي نصبت في الحدائق العامة، مثل دواليب الهواء وسيارات التصادم والطائرات ، كان الصغار قبل عشرات السنين يجدون في ركوب الحمير منتهى المتعة،موضحا :أن المزارعين من أصحاب البساتين القريبة كانوا يأتون بحميرهم إلى المدينة أيام العيد ليقوموا بتأجيرها للصغار لقاء نقلهم من مكان لآخر.

   المحطة الأخيرة كانت بعض العوائل في متنزه الحسين الكبير والذين أكدوا أن زحامات الزائرين القادمين إلى كربلاء فرضت إجراءات مرورية مشددة وقطعًا للطرق أحيانا كثيرة يكون غير مبرر، لذلك عكفت أغلب العوائل على البقاء في المنازل .
ويبين إبراهيم علوان (50عامًا ) : لابد من توفير مساحات للمتنزهات للعوائل الكربلائية لأن كربلاء اليوم لا يوجد فيها متنزه يليق بمكانتها السياحية، ولأن الحياة تطورت في كل المجالات وللأسف حتى العيد تغير بفضل هذه التكنولوجيا، ولكن إلى الأسوأ، فحتى التلفاز لم يعد يجذب المشاهد في العيد، إذ لاشيءَ جديدًا فيه ننتظره بالعيد .
ويختم علوان: بعدما كان التزاور هو الوسيلة المثلى للتواصل والتعبير عن الحرص على العلاقات الاجتماعية ولاسيما خلال العيد، من المواطنين هناك من بات يعتقد اليوم أن بإمكانه التعبير عن محبته للآخرين برسالة قصيرة يبعثها من خلال هاتفه النقال أو بريده الإلكتروني، ويرى هذا كافيًا للتعبير عن الحب والتقدير وهذا قمة في التراجع بالعلاقات الاجتماعية .

 

ماجد الخفاجي

المصدر: الإخبارية

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*