في عيد الفطر .. أطفال العراق بلا ساحات ترفيه

328

28-8-2012-7

مع حلول عيد الفطر يجد آلاف الأطفال العراقيين في المدن الصغيرة أنفسهم مجبرين على قضاء عطلة العيد في بساتين وساحات يقع بعضها قرب مكبات للنفايات في ظل غياب مراكز الترفيه التقليدية. وخلال الأيام التي سبقت حلول العيد أخذ الأطفال يبحثون عن ملاذ للتعبير عن فرحهم، فيما اضطرت أسرهم لأخذهم إلى مناطق ترفيهية بدائية تتشكل بصورة مؤقته مع كل مناسبة.

وتقع بعض هذه المناطق قرب مكبات للنفايات، أو تتحول هي نفسها إلى مكب للنفايات إثر إهمال السلطات المحلية لهذه المواقع باعتبارها تشكيلات عشوائية.

ويتوجه آخرون إلى العاصمة التي تشهد عادة اختناقات مرورية في الأعياد تضطر خلالها السلطات إلى قطع الطرق أمام السيارات لعدة كليومترات من أجل تامين الحماية للمحتفلين في بلاد تشهد أعمال عنف يومية منذ 2003.
ورغم مرور عشر سنوات على سقوط النظام السابق، إلا أن المسؤولين الجدد لم يبادروا إلى بناء مراكز ترفيهة، علمًا أن ملايين الدولارات أنفقت على مشاريع أقل جدوى، بحسب مراقبين.

ويعزو هؤلاء المراقبون سبب الإهمال إلى انعدام الخبرة والكفاءة لدى هؤلاء المسؤولين فضلًا عن الفساد الإداري الذي يضرب مؤسسات الدولة.

وحتى العاصمة بغداد التي تحتوي على مناطق سياحية وترفيهة أنشئت منذ عشرات السنين، فإن أبرز هذه المناطق الترفيهية معطل بصورة كاملة مثل مدينة الألعاب التي مضى على إغلاقها عشر سنوات، والجزيرة السياحية التي كانت قبلة للسياحة ولم تفتح إلا بشكل جزئي.

وإذا كانت هذه هي حال العاصمة فإن الحالة في الأقضية والنواحي تعد كابوسًا حقيقيًّا بالنسبة إلى الكثير من العائلات التي تعاني بشكل كبير من انعدام الأمن في هذه المناطق.

28-8-2012-6

وكان الزعيم العراقي الراحل عبد الكريم قاسم أنشأ في الفترة التي تولى فيها الحكم حدائق ترفيهية في جميع النواحي والأقضية في البلاد، وقد ظلت صامدة حتى فترة الحصار الاقتصادي الذي دفع ببعض الفقراء إلى سرقة أسيجتها وبيعها للحدادين.

ويقول حسين كريم وهو موظف في مصرف ويسكن في قضاء العزيزية (70 كلم جنوب شرق بغداد) إنه “لا يوجد في منطقتنا وسيلة ترفيهية إطلاقًا، وأطفالي يشعرون بالضجر من هذه الحالة”.

وأضاف “اضطررت إلى أخذهم إلى مدينة الكوت التي تبعد 80 كلم حتى يرفهوا عن أنفسهم”.

وعلى الرغم من أن المسافة هي ذاتها إلى بغداد، التي تضم مدينة ألعاب أكبر، لكنه لا يفضل ذلك بسبب الاختناقات المرورية في العاصمة.

ويقول المواطن أحمد الجبوري من المناذرة التي تبعد خمسة كلومترات جنوب النجف “لا يوجد لدينا أي مكان للترفيه ولا يوجد في القضاء أي مدينة العاب”.

وأضاف “قدمنا عدة طلبات للمسؤولين بهذا الخصوص لكن دون جدوى”، مضيفًا أنه “في المناسبات مثل الأعياد نضطر للذهاب إلى النجف من أجل الترفيه عن أطفالنا”.

ويرى عضو مجلس المحافظة هاشم الكرعاوي أن “سوء التخطيط والإدارة للأقضية والنواحي هو السبب الأول الذي يقف وراء هذه المشكلة، خصوصًا بسبب عدم تخصيص مساحات لإنشاء مثل هذه المشاريع”.

ويضيف “أما السبب الثاني فهو نقص الخدمات الحاد في الأقضية والنواحي، أبرزها الكهرباء والمياه، الذي يستوجب على المسؤولين والمخططين أن يضعوا التخصيصات المالية القليلة لسد هذه الحاجات على حساب البنى الترفيهة”.

وفي كركوك (240 كلم شمال بغداد) يقول نائب المحافظ راكان سعيد لوكالة فرانس برس إن “كركوك فيها أماكن تصلح أن تكون مواقع ترفيهية”. ويضيف إن “كركوك اليوم تفتقر لمواقع ترفيهية وسياحية متطورة وما شيد بعد العام 2003 هو إنشاء حديقتين جنوب المدينة وثالثة شمالها للترفيه بقيمة عشرة ملايين دولار”.

ويوضح نائب المحافظ “إننا كإدارة نتعرض لضغوط كبيرة لتأمين الخدمات والماء والكهرباء والطرق والصحة والمدارس، فهي تأتي بالأولوية والإلحاح قبل السياحة، لأن البنى التحتية لدينا مدمرة ومهملة”.

وترك النظام السابق المدن العراقية بدون خدمات أساسية خصوصًا المجاري، إذ لم يتم إنشاء أي منظومة مجاري على مدى 30 عامًا حكم فيها النظام السابق.

ويؤكد سعيد “إننا نفتقر لدراسة سياحية متكاملة وإلى رؤية للوضع الأمني والخدمي والنزاع على الأراضي لا يعطي فرصة للاستثمار السياحي”.

ويشير إلى أن “توفر مواقع سياحية جاذبة يسهم في تعزيز المشتركات والتقارب والتفاهم والتعايش بين مكونات كركوك .. والسياحة مهمة وناجحة في كركوك لتنوع مكوناتها وتنافسهم في ما بينهم وجغرافية كركوك المساعدة”. 

وفي مدينة الناصرية كما في السماوة والديوانية، تكاد تكون الأماكن السياحية والترفيهية منعدمة في هذه المدن رغم ما تمتلكه من مواقع أثرية وأخرى سياحية.

ويقول زياد محمد من سكان مدينة الناصرية “كل ما هو موجود في مركز المحافظة يقتصر فقط على مدينة الألعاب وهي ألعاب عفا عليها الزمن، لكن لا خيار أمام المضطر، وعلى الجميع الرضوخ أمام الآمر الواقع”.

أ.ف.ب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*