الحكمة – متابعة: أكّد رسول الله(صلى الله عليه وآله) على أهمية اللعب، وأثره في بناء شخصية الطفل، خاصة في مرحلة الطفولة حتى سن السابعة؛ حيث أعطى(صلى الله عليه وآله) المفتاح الذي يجب أن يعتمد عليه الكبار في تربية صغارهم، واعتبره ميزة لهذه المرحلة العمرية؛ ألا وهو اللعب، حيث يُفهم هذا من معظم الأحاديث التي تشير إلى أنّ الولد يلعب سبع سنين، أما حديثاً فخلال القرن الماضي ومع بداية ما سمي بالتربية الحديثة والنظريات التربوية الجديدة، أفرد علماء النفس والتربية أبواباً خاصة من دراساتهم وأبحاثهم، تدرس طبيعة اللعب عند الأطفال، وأهميته في العملية التربوية التعلٌّمية، وأثره على نمو شخصية الطفل وتكاملها، وقد أجريت لذلك دراسات كثيرة.
الأفكار
نحاول في هذا المقال تلخيص أهم ما جاءت به التربية الحديثة من نتائج ونظريات حول هذا الموضوع .
تعريف اللعب:
اللعب هو سلوك يقوم به الفرد دون غاية عملية مسبقة، سواء أكان جسدياً فيزيائيا؛ كالركض والقفز..، أم ذهنياً فكرياً. وكل أفراد الجنس البشري يلعبون، كذلك أطفال الحيوانات العليا (القطط، القرود.. إلخ).
ـ أهمية اللعب في بناء شخصية الطفل:
1 ـ أهمية اللعب في النمو الذهني والمعرفي:
يعتبر اللعب مجالاً حيوياً تنشط فيه عملية التفكير، وحل المشكلات من خلال التجارب التي يقوم بها الطفل؛ لأنّها تغني أفكاره. ويرى إيريكسون أنّ اللعب شكل طفولي لقدرة الإنسان على التعامل والتجارب وخلق مواقف تكون قريبة جدًّا من الواقع. أما بياجيه فيقول: إنّ اللعب هو مجالٌ للتدرب على دمج المهارات الذهنية المكتسبة، وهو يساعد على نقل التجربة إلى معنى داخلي مجرد. وقد أكّدت الدراسات والأبحاث أنّ هناك علاقة قوية بين اللعب والنمو الذهني، فعندما يلعب الطفل، يفكر ويخطط ويعطي نتيجة، إضافة إلى أنّه يساعد في تطوير التفكير المجرد؛ أي المقدرة على التخطيط والوصول إلى أنّه يساعد في تطوير التفكير المجرد؛ أي المقدرة على التخطيط والوصول إلى الاستنتاجات بعيدًا عن الأمور الحسية. وفي دراسة أخرى تبيّن أنّ الأطفال الذين يلعبون كثيراً حصلوا على علامات أعلى من رفاقهم في التفكير المجرد، الذي من خلاله يستطيع الطفل أن يحل المشكلات.
وفي اللعب فرص كثيرة للطفل لأن يخترع ويبدع ويصمم، يرسم ويمثّل. ففي دراسة قام بها سيلفرمان ودانسكي وجدا أن هناك علاقة إيجابية قوية بين اللعب وعملية الإبداع، وهي أرقى شكل من أشكال حل المشكلات عن طريق الخيارات المختلفة الموجودة أمام الطفل، فيتعلم المرونة الذهنية، والاختيار الدقيق للحل .
وهناك عمليات ذهنية كثيرة تنمو وتتطور باللعب؛ كالاستنتاج، والتصنيف، والتعميم، والتوقع لأحداث يمكن حصولها، فضلاً عن تقوية الذاكرة، والنمو اللغوي، ومهارة التخطيط، والمهارات الأكاديمية، والذكاء. وقد أكدت ذلك الدراسات التي أجريت، فقد كانت العلاقة قوية بين اللعب وتطور هذه العمليات الذهنية.
2 ـ أهمية اللعب في النمو الجسدي:
أهم آثار اللعب الفيزيائي الجسدي تظهر في النمو الجسدي لدى الطفل، حيث يساعد في نمو وتطوّر العضلات الكبيرة؛ كعضلات الساقين والذراعين، وذلك من خلال الركض، والقفز، والعضلات الصغيرة كعضلات الأصابع من خلال اللعب بالمعجون، الطين.
كما يساعد اللعب (التأرجح، القفز، التسلق.. إلخ) على التوازن الجسدي، وتطوير شعور الطفل بحجم جسده، والحركة في المجال المتاح له، كذلك تعرّف الطفل على المسافات وتساعد على إدراكها، وتساهم في نمو التآزر الحركي، والحس الحركي (التآزر بين العين واليد)؛ كاللعب بالمكعبات والتلوين والقص واللصق. وفي دراسة أجراها إلكيند، وجد أن الأطفال يميلون للتركيز على الكل دون الأجزاء، أو على الأجزاء دون الكل، واللعب يساعدهم على إدراك الأجزاء ضمن الكل والعكس.
3 ـ أهمية اللعب في النمو العاطفي:
يعتبر اللعب مجالاً حيوياً للطفل؛ ليعبر عن أفكاره ومشاعره غير المقبولة، بطريقة مقبولة، فهو مجالٌ آمن؛ لإطلاق المشاعر المحزنة والضغوط النفسية، والتخلص منها. وفي دراسة قام بها بارنت وستورم، وجدا أنّ هناك علاقة وثيقة بين اللعب والإحساس بالأمان عند الأطفال، إضافة إلى أنّه يعتبر فرصة لمعرفة الذات، وتنمية شعور الثقة بالنفس، وبناء صورة إيجابية للطفل عن ذاته؛ ليكون إنساناً سويًّا، إضافة إلى ذلك، يعتبر اللعب وسيلة من وسائل العلاج النفسي للأطفال الذين يعانون من مشاكل عاطفية أو نفسية. فمن خلاله يشخص المعالج المشكلة ويقوم بحلها، عن طريق اللعب، خاصة اللعب الدرامي، فيعتبر اللعب من أهم وسائل الطفل في تفهمه للعالم من حوله، وهو إحدى الطرق التي يعبر بها عن نفسه إلى حدّ، يعتبره البعض مهنة الطفل .