لا تدفنوا سبايكر!..للكاتب سالم مشكور

361
مجزرة العصر "جريمة سبايكر"
مجزرة العصر “جريمة سبايكر”

سالم مشكور

لماذا نقتل ضحايا مجزرة سبايكر مرة أخرى ؟ نعم نحن نقتلهم ثانية. نقتلهم باستهانتنا بهم. استخرجنا أشلاءهم بصمت. سندفنهم بصمت. نزور مذبحهم، ذلك الرصيف الدامي المطل على دجلة، لنذرف بعض الدمع. لماذا لا نشيعهم جميعا وبشكل مركزي؟. تشييع يليق بهم وبمظلوميتهم، ليرى العالم حجم الجريمة، ولكي يكون سكوته عنها إسهامة فيها، لنظل نطالبه بالاعتذار عنها قولا وفعلا تماما كما يفعل اليهود في موضوع المحرقة.
الامم الحيّة تخلّد أبطالها، وضحاياها، والمجازر التي يرتكبها الاخرون ضد أبنائها. لهذا لم ينس العالم جريمة هيروشيما وناكازاكي اللتين قصفتهما الطائرات الاميركية بالقنابل النووية. وفي دول العالم المختلفة عشرات النصب التي تذكّر بما تم ارتكابه ضد مواطنيها.
الاجساد الطاهرة ما زالت بيد الجهات الرسمية لتحديد هويتها. سمعت انها ستسلم الى ذويها لدفنهم أين يشاؤون. هكذا تضيع الجريمة وتطمس معالمها. استصرخ المعنيين أن يقوموا بالتالي:
تنظيم تشييع جماعي رسمي كبير للضحايا تدعى له شخصيات سياسية من كل العالم، ووسائل إعلام من كل مكان، في يوم حداد وطني تنكّس فيه الاعلام.
دفن الاجساد الطاهرة في مقبرة واحدة على أرض في بغداد تخصص لهذا الغرض.
الرصيف الدامي الذي كان مذبح الضحايا، سيندثر. نعم سيندثر وستمحى آثار الدماء منه. يقولون انه سيتحول مزاراً. لن يكون كذلك ما دام في تلك المنطقة. يجب أن لا نفرّط به. لابد من رفعه ونقله الى بغداد لتحويله الى نصب يخلّد هذه المجزرة. يوضع في مقبرة سبايكر في بغداد محميا من عوامل الطقس لئلا يفقد معالمه. يتحول النصب الحيّ ومعه المقبرة الى مزار يقصده كل زائر رسمي للعراق. هكذا نخلّد ضحايا هذه المجزرة. هكذا نقول للعالم ان التواطؤ الاقليمي والدولي قتل هؤلاء كما قتل عشرات الالاف غيرهم.
ليست هذه متاجرة بدماء الشهداء إنما وفاء لدمائهم ولدماء الضحايا الاخرين. مسيرتنا مليئة بالضحايا الابرياء. مئات الاف الضحايا على يد النظام السابق، في اقبية المخابرات وفي حروب أشعلها وزج بها من لا ناقة لهم فيها ولا جمل. مسلسل القتل استمر بعد سقوط النظام، على يد أيتامه، متحالفين مع أوباش إرهابيين، مدعومين من أجهزة مخابرات إقليمية ودولية، فكان الضحايا هم ذاتهم، لكن بسيارات مفخخة وجرائم مثل سبايكر وغيرها، فماذا وثقنا من تلك الجرائم والحكم اليوم بيد الضحايا؟. أين هي مؤسسة الذاكرة التي بدأت هذا الجهد؟ لماذا توقف الدعم الرسمي لها؟ وأين ذهبت وثائقها؟
نحتاج الى ان نتعلم كيف نوثق ظلامتنا . الزهد بذلك ظلم لضحايانا، وإعذاراً للاخرين عندما ينكرون ما حلّ بنا. وعندما يجهل المعاصرون ظلامتنا كيف ستذكرها الاجيال المقبلة؟.

ك ح

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*