وجهات نظر شيعية في القنوات التكفيرية

244
17-10-2012-3
تحقيق: محمد الشريفي – الحكمة

 هجوم همجي ذلك الذي يتعرض له أتباع مذهب أهل البيت عليهم السلام امتدادًا لما تعرضوا له منذ أن عُرف التشيع إلى يومنا هذا ، ومع أنه ليس أمرًا مستغربًا، والتاريخ يشهد بذلك مذ اغتصبوا حق الإمام علي عليه السلام،  لكن الخطير فيه الآن أنه خلال السنوات العشرة الأخيرة أخذ بعدًا تجاوز إطار العقيدة والمذهبية ، فوصل حد التكفير والحث على القتل أحيانًا بحجة الدفاع عن الدين ، وعندما نشير إلى خطورة الأمر خلال السنوات الأخيرة بالذات، فإننا بذلك نشير إلى انتشار العشرات من القنوات الفضائية التي تكفر الشيعة، والتي لا هم لها سوى تكفير الشيعة والدعوة إلى محاربتهم !! فكيف ينظر الفرد الشيعي لهذا الأمر ؟ وما هو موقفه من تلك القنوات؟ ومن هم الذين يتابعون تلك القنوات ؟ وما هو موقف رجال الدين الشيعة من هذه القنوات وممن يتابعها؟ أسئلة تجدون الإجابات لها عبر التحقيق التالي؟

 17-10-2012-4

ويمكرون ويمكر الله

الدكتور منذر العذاري مدير مستشفى الزهراء في النجف واختصاص طب الأطفال شاركنا في النقاش حيث تفضل بالقول : منذ أن عُرفَ التشيع و الشيعة وهناك من يحاول النيل منهم وإيذائهم، ولنا في مظلومية الزهراء سلام الله عليها خير مثال، لذا فأنا لا أستغرب أبدًا أن يخرج علينا من يكفرنا، فبعد أن كانوا يسموننا الروافض أصبحوا اليوم ينعتوننا بالشرك مستندين في ذلك إلى أوهام تملأ رؤوسهم الفارغة ، حتى بات واضحًا أن  هذه القنوات ومنذ بداية نشأتها وجدت لغرض النيل من الشيعة في محاولة بائسة منها للنيل من المذهب الجعفري، لكن نسوا أنهم  {يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين} والدليل  على كلامي هو الإقبال الكبير من قبل أبناء المذاهب الإسلامية على اعتناق مذهب أهل البيت عليهم السلام، حتى إن بعض الذين كانوا حتى الأمس القريب لا يسمحون بالتعرض لمن يقال عنهم صحابة أو خلفاء نراهم اليوم وقد وصفوهم بالكفرة كما جاء على لسان أحد الدعاة من أبناء الفرق الإسلامية الأخرى، وإنها والله منتهى الشجاعة، فليس عيبًا أن يخطأ أو يغفل الإنسان، لكن العيب هو أن يستمر في النهج الخاطئ، لكني أدعو الشباب بشكل خاص وأصحاب الثقافة الدينية البسيطة إلى مقاطعة هذه القنوات وعدم متابعتها لأنها تستخدم أساليب شيطانية للتأثير في الإنسان البسيط وأنا أخشى عليهم من التأثر بها رغم إيماني العميق باستحالة حصول ذلك لسببين الأول هو أني لم أسمع أن فردًا شيعيًا تخلى عن تشيعه وعقيدته واختار مذهبًا آخر نتيجة التأثر بهذه القنوات والثاني هو لضعف حججهم وعدم القدرة على تقديم الدليل العلمي الملموس.

ضرورة الاطلاع والمتابعة

بيدر فخر الدين بكالوريوس إدارة واقتصاد كانت له وجهة نظر في الموضوع حيث يقول: أعتقد أننا  كمجتمع شيعي نتحمل جزءًا كبيرًا من المشكلة لجملة أسباب منها : تعامل البعض، وأشدد على كلمة البعض من الشيعة ممن يظهرون في القنوات الفضائية المختلفة، مع اللغة بطريقة سطحية لا تنسجم وقيمة اللغة العربية التي هي بالأساس لغة القرآن الكريم، فنلاحظ  أحيانًا استخدامًا سيئًا للمفردات، وإن كانت إساءة غير مقصودة، لكن المتصيدين في الماء العكر يبحثون عن مثل هذه الهفوات، ووقوعنا فيها يمنحهم فرصة لمحاولة الإساءة للشيعة وتكفيرهم في كثير من الأحيان، كما هو حاصل الآن مع العديد من القنوات الفضائية  التكفيرية .كذلك طريقة الطرح فالبعض يتعامل مع المسألة بطريقة عاطفية دون الرجوع إلى الأدلة، فلو افترضنا أن رجل دين شيعي قرء القرآن وأخطأ في مورد ما وهو أمر وارد جدًا لكل بني البشر لوجدت أن تلك القنوات تناقلت المسألة وكأنها جريمة اُرتُكِبت من قبل  ذلك القارئ؟؟ لا لشيء إلا لأنه شيعي !!فحين يكون هناك من يتربص بأتباع أهل البيت عليهم السلام، عندها لابد لنا أن نكون أكثر حيطة وحذرًا حتى لا نمنحهم فرصة النيل من أتباع المذهب الجعفري، وعني كفرد شيعي، أعتقد بضرورة متابعة هذه القنوات من أجل الاطلاع على ما يقال بحق الشيعة، ولتفادي أي خطأ غير مقصود يظهر هنا أو هناك، مع أني بالمجمل لا أجد لدى الطرف الآخر ما يستحق أن يمثل سببًا يدعو للتكفير.

17-10-2012-5

فنحن نؤمن ونشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله والاختلاف في العقيدة لا يعني الكفر بطبيعة الحال، حتى قضية الإمامة أجزم أنهم لا يملكون القدرة على المواجهة فيها والخوض في تفاصيلها إلا من خلال الافتراءات والكذب والادعاءات المجردة من المصداقية والمنطق .

قنوات مأجورة

 السيدة (ح.م .م) طالبة في إحدى المدارس الحوزوية في النجف الأشرف، أدلت بدلوها في الموضوع قائلةً : لا أدري بالضبط ما هي الأسس التي اعتمد عليها المسؤولون عن تلك القنوات في تكفير الشيعة، أو على الأقل محاولة إظهارهم بمظهر المخالفين للسيرة النبوية ؟ ولا أجد صعوبة في التأكيد على قدرة أي منصف في المقارنة بين القنوات الشيعية والقنوات الوهابية التكفيرية ، فأنا أتحدى أي شخص أن يأتي بقناة شيعية واحدة تكفر أبناء باقي المذاهب الإسلامية على اختلاف انتماءاتهم المذهبية، لأننا ببساطة نؤمن أن كل من شهد الشهادتين فهو مسلم لكن تبقى مسألة العقيدة والمعتقد مسألة ذات شأن خاص لكل فرد . الحقيقة التي لا يمكن إغفالها هو الدعم الكبير الذي تتلقاه هذه القنوات من بعض الجهات الدولية الإقليمية، واعتمادها على أناس عديمي الضمائر وذوي تاريخ أسود في بلدانهم، ولعله من المناسب هنا أن نقول إن الله سبحانه وتعالى كشف هؤلاء من خلال القنوات الفضائية في بلدانهم التي كشفت تاريخهم الأسود وعرضت فضائحهم على الملأ؟ وهؤلاء يعتمدون في الحوارات التي يشاركون فيها على سياسة اكذب… اكذب حتى يصدقك الناس ؟ ويستعينون بأشخاص لا علاقة للمذهب الجعفري بهم، ويدعون أنهم من الشيعة في محاولة بائسة لتشويه صورة المذهب الجعفري . عن نفسي لا أتابع هذه القنوات بل ولا أسمح بوجودها في أجهزة الستلايت في المنزل، لأني واثقة أنها  خالية من المصداقية والمهنية، بالإضافة إلى الخوف من إمكانية تأثيرها في  الصغار داخل المنزل فكما تعلم الصغير يتأثر بسرعة ويطرح أسئلة لا أجد من الملائم منح الفرصة للطفل كي يطرحها ، كما أن لهذه القنوات تأثيرًا نفسيًّا سيئًا عليَّ شخصيًا كونها تثير أعصابي من فرط ما فيها من كذب وافتراءات  ولو كانت ذات نهج علمي لكنت أول السعداء والحريصين على متابعتها لكنها قنوات كما قلت مأجورة بعيدة عن المهنية ولا فائدة ترتجى من مشاهدتها .

لأساتذة الجامعات رأي

 الأستاذ أسعد نوري (ماجستير حاسبات) لم يبخل على موقع مؤسسة الحكمة برأيه الذي جاء على النحو التالي : اسمحوا لي بادئ ذي بدء أن أحييكم وأشد على أياديكم لتناولكم مثل هذا الموضوع الحساس والمهم في ذات الوقت. المعلوم أن الإعلام اليوم بات يمثل سلاحًا خطيرًا لا يقل خطورة عن الأسلحة العسكرية إن لم يكن أخطر منها أحيانًا ، لذا فالحملة المنظمة التي تستهدف الفكر الشيعي – خصوصًا أننا  في العراق لم نكن نتلمس ذلك قبل تغير النظام بسبب التعتيم الإعلامي الموجود من قبل سلطات البعث الهدامة – ليست حملة عشوائية بل هي حملة تشترك فيها دول وحكومات، وقد يبدو كلامي هذا مبالغًا فيه، لكن صدقني إنها الحقيقة ، فهذه القنوات تستمد ديمومتها من الأموال التي يمدها بها من يحاول أن يشق وحدة الإسلام والمسلمين، وأن يدعو إلى تكفير الشيعة مستغلين بذلك بساطة البعض في الطرح، ومنتقدين عقائد وممارسات تمارس عند الشيعة بدافع التقرب إلى الله من خلال حب آل بيت محمد صلى الله عليه وآله، محاولين التغلغل عبر هذه الممارسات العقائدية وإظهار الشيعة بمظهر الكفرة والعياذ بالله ، في هذا الجانب أعتقد أن هناك قصورًا نسبيًّا في الإعلام الشيعي الذي راح يركز على الشعائر متغافلًا ضرورة إيصال الفكر الشيعي بطريقة علمية حتى بات كل من حفظ شيئًا من السيرة أو حفظ بعض الروايات عن آل البيت يعتلي المنبر، وهذه مشكلة بذاتها، وأقسم بالله إني لا أقصد الانتقاص من الخطباء، بل أبحث عن الخطيب أو الرادود الحسيني القادر على إيصال الفكر الشيعي بطريقة بعيدة عن الارتجال .. طريقة علمية مجردة من الخرافات أو الترهات التي لا تخدم المذهب، بل هي تسيء إليه من حيث لا نشعر، ولنا في ذلك الكثير من الأمثلة من السادة والمشايخ الذين يمثلون من وجهة نظري قمم علمية يعجز الآخرون عن مجرد النظر إليها .

الحذر من ردة الفعل

لأننا حريصون على تكامل الموضوع من كل جوانبه فقد جمعتنا بعض اللقاءات والأحاديث بعدد من رجال الدين الذين أبدوا تحفظهم على متابعة تلك القنوات خصوصًا لبسطاء الناس، وعند البحث في أسباب ذلك تبين أن السبب الذي يقف وراء ذلك هو الخشية من ردة الفعل لدى الشباب ولدى بسطاء الناس المتعصبين لمذهبهم، ففي الوقت الذي تحرص فيه المرجعيات الدينية الشيعية على نبذ العنف ودعم التآلف والمحبة والتعايش مع الآخر بسلام نجد أن المروجين لتلك القنوات ينعت الشيعة بالكفر وهذا قد يسبب ردة فعل عكسية تجاه الآخر، وهو ما لا يريده رجال الدين ولا نريده نحن.

﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ سورة النور-55

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*