جدل حول انتشار «الزبيبة» بين الرجال في شوارع القاهرة

420

6-11-2012-6

هناك موجة قوية من المنافسة في مصر هذه الأيام مسابقة غير معلنة بين الناس الذين يسعون لإثبات مدى تدينهم. وميدان المعركة هو الشارع ويتجه التركيز إلى المظهر، في القناعة.

ولا يعني ذلك بالضرورة أن الأمرين منفصلان غير أنهما ليسا بالضرورة مرتبطين. ففي الوقت الذي يركز فيه المصريون بطريقة متزايدة الإسلام كحجر زاوية لهويتهم، هناك تركيز متزايد على المظهر العام للتدين.

فبالنسبة للنساء، يترجم ذلك بسرعة إلى تبني عام للحجاب. وبالنسبة للرجال تتزايد شعبية الزبيبة.

والزبيبة هي دائرة سوداء من الجلد، وسط الجبهة، وهي تظهر بسبب ضغط المصلين على جباههم على الأرض أثناء السجود.

وربما تبدو مثل جرح مؤلم، ولكن في مصر يعتز بها الرجال، مثلما كان الأمريكيون يتفاخرون في الثمانينيات بخصوص الدائرة السوداء تحت أعينهم كدليل على العمل لفترات طويلة وقليل من النوم.

فقبل عشرين سنة، كانت مصر دولة إسلامية ذات أسلوب علماني نسبيًّا. وكانت المشاعر الوطنية والعربية العنصرَ الرئيسيَّ في تحديد الهوية. ولكن اليوم، تتعرض مصر مثل العديد من الدول في الشرق الأوسط إلى نمو وضع الإسلام كآيديولوجية معاصرة. ويضاف إلى ذلك أن الرموز الإسلامية أصبحت موضة.

6-11-2012-7

وقال محمد البقلي، وهو مصفف شعر في القاهرة، (لديه شارب وزبيبة)، «إن الزبيبة هي وسيلة لإظهار مدى أهمية الدين بالنسبة لنا». وأضاف “تظهر مدى تديننا. وهي علامة من الله”.

تجدر الملاحظة إلى أن الصلوات الخمس تتطلب السجود 34 مرة، ولكن العديد من الناس يضيفون صلوات أخرى معها. ويقول بعض الناس إن الزبيبة هي نتيجة لعدد كبير من الصلوات ـ وهي الهدف.

الزبيبة ظاهرة في مصر.

. ورغم أن النساء المصريات يصلين أيضًا، ولكن القليل منهن لديهن زبيبات. فلماذا إذن يضغط الرجال المصريون على جباههم عندما يصلون؟

يقول جمال الغيطاني، رئيس تحرير صحيفة «أخبار اليوم»، “إذا ما نظـرت إليها نظرة مجردة فهي تعني أن الناس يصلون كثيرًا. ولكن هناك نوعية من الرسالة متضمنة فيها.

فهي من ناحية رسالة شخصية تعلن أنه مسلم محافظ، وفي بعض الأحيان وسيلة للمزايدة للقول إنه اكثر تدينًا أو القول إن الناس يجب أن يكونوا مثله”.

وهناك الكثير من الأسباب وراء تجدد الاهتمام بالدين الذي انتشر في مصر والشرق الأوسط، من بينها انتشار ظاهرة القنوات الفضائية التي تقدم 24 ساعة من البرامج الدينية، إلى الأوضاع الاقتصادية التي تقدم آمالًا محدودة لتحسين حياة الناس، إلى معارضة تدخل الغرب في الشرق الأوسط.

إلا أن هناك أيضًا ضغوطًا من الزملاء والأصدقاء، وهو عامل قوي في مجتمع يكافئ الالتزام والتقاليد.
ويقول خالد عشري، وهو حارس أمني في مدرسة خاصة، “سأعرف المزيد عن شخص ما عندما أتعامل معه، ولكن المظهر هو الانطباع الأول”.

6-11-2012-8

أما هناء الجندي، وهي طالبة فنون متحجبة في الواحدة والعشرين من عمرها، فتقول “المظهر مهم. فأنا أقول أنها جيدة. هذا شيء جيد. وفي يوم القيامة، فإن الزبيبة ستبرق. الله أكبر”.

وتسللت إلى مصر بعض مظاهر التدين القادمة من الدول العربية مثل ارتداء الجلباب الشرعي. فمزيد من النساء على سبيل المثال، يغطين وجوههن بالنقاب، الذي انتقل إلى مصر من دول الخليج. إلا أن الزبيبة هي ظاهرة مصرية تمامًا، ولا تحمل رمزًا سلبيًّا للمظاهر المستوردة.

ويجد الرجال ذوو اللحى الطويلة صعوبة في الحصول على عمل. إلا أن الزبيبة، يمكن أن تفتح الأبواب.

وقال أحمد محسن، وهو ساع في مكتب محام في الخامسة والثلاثين من عمره، ولديه زبيبة “يمكن أن تؤدي إلى نوع من القبول المبدئي بين الناس”.

ولا توجد إحصاءات حول مدى انتشار الزبيبة. إلا أن المصريين، أكثر من أي وقت آخر في التاريخ الحديث، يرغبون في إظهار مدى تدينهم.

ويقول أحمد فتح الله، وهو شاب في التاسعة عشرة من عمره كان يلعب الدومينو في مقهى بالقاهرة «ربما يرجع إلى الطريقة التي نصلي بها، حيث نضغط على رؤوسنا عند السجود من أجل الحصول على زبيبة. كما يجب أن تفهم أيضًا أن الناس هنا يحبون إظهار التقوى ربما أكثر من أي مكان آخر في الشرق الاوسط”.
وهناك إشاعات، ربما غير حقيقية، أن بعض الرجال يستخدمون مواد مثل «الصنفرة» لإظهار الزبيبة. ولكن الإشاعات في حد ذاتها تشير إلى مدى شعبيتها. وهناك العديد من الذين لا يحملون زبيبة. فكثير من المصريين يعتبرون إيمانهم قضية شخصية . إلا أن الضغوط متزايدة، مع تزايد كون الدين ركيزة للهوية الشخصية، وهو أسهل مظاهر التفاخر والكرامة لكل الطبقات الاجتماعية والاقتصادية.

وقال محمد هجري، وهو شاب في الثالثة والعشرين من عمره، والذي كان يغيظ شقيقه الأصغر محمود حيث يعملان في مطعم كباب الأسرة، «تصلي.. ولكنها لا تظهر»، لأن شقيقه ليس لديه زبيبة مثله.

وردَّ عليه محمود “أصلي لله وليس من أجل الزبيبة”.


المصدر: نيويورك تايمز – القاهرة: مايكل سلاكمان

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*