دور المعتقدات في إهمال المعالم التاريخيّة في العراق

251

10-11-2012-1

على رغم أن الجانب الأحادي من الاهتمام والتطوير نجح في استقطاب الكثير من رواد السياحة الدينية وزوار العتبات المقدسة في العراق، إلا أن ذلك يحدث على أنقاض سياحة آثارية لم يبق منها إلا فعاليات متواضعة ، لم تنل الاهتمام إلا بالقدر اليسير. وفي وقت يزور فيه العتبات المقدسة والمرافق الدينية الآلاف من الزوار سنويًّا، فإن أعداد القاصدين للمناطق الآثارية لا يتعدى المئات، بل إن البعض منها لا يصله سنويًّا إلا النفر القليل .

لكن مدرس التاريخ أحمد سلمان يرى أن السياحة الدينية والآثارية يكملان بعضهما إذا ما وضعت الخطط المناسبة.

 ويتابع : التقيت الكثير من الزوار الأجانب يشتكون من أن برامج سفراتهم تشتمل فقط على زيارة العتبات المقدسة، في حين أن بالإمكان شمول المناطق الآثارية بهذه الزيارات التي هي (دينية) في الأساس.

وفي مناطق جنوب ووسط العراق فإن مئات الزوار يصلون شهريًّا، لاسيما من إيران والبحرين ودول الخليج وأوروبا ودول العالم المختلفة . ويقول سالم حسين من البحرين إنه جاء يزور العتبات المقدسة في كربلاء (108 كم جنوب غربي بغداد)، و النجف ( 160 كم جنوبي بغداد) ، وتمنى لو أن زيارته تضمنت المناطق التاريخية والآثارية في العراق لكنه يعترف أنه لمس اللامبالاة حتى بين العراقيين أنفسهم ، إضافة إلى افتقار الأسواق والفنادق والمؤسسات الثقافية على الخرائط والإرشادات السياحية .

ومما يساعد على ازدهار السياحة الدينية في العراق وجود العشرات من مراقد الأئمة لدى المسلمين… ، كما تضم أرض العراق مزارات العديد من الأنبياء. وغالبًا ما ترتبط السياحة الدينية بالمناسبات المقدسة والمهرجانات الدينية والطقوس العبادية، وتقتصر على المناطق ذات التاريخ الديني القديم.

من جانبه يوضح المستثمر سعد حسن أن الاستثمار في العراق اليوم يركز على السياحة الدينية وتطوير المرافق الدينية ، مما يتوجب إقناع المسثتمرين بأن الاستثمار في المناطق الأثرية يعتبر جزءًا مكملًّا للاستثمار في المناطق والمدن الدينية، وأنه لا يتعارض معه . كما يشير إلى أن السياحة الدينية غالبًا ما تكون إلى معالم دينية، والتي هي إضافة إلى قيمتها الدينية، فإنها ذات قيمة آثارية وتاريخية لأنها بُنيت منذ آلاف السنين .

لكن سعد المولى يتخوف من ( أسلمة ) بعض فعاليات السياحة في ما يتعلق بالترميم. ومن أمثلة ذلك بحسب المولى قصر الإمارة في الكوفة (150 كم جنوبي بغداد) الذي بناه أبو الهيجاء الأسدي لسعد بن أبي وقاص عندما بنى الكوفة سنة 17هـ

فعلى رغم أهمية القصر التاريخية إلا أنه ترك عرضة للمياه الجوفية والتعرية والكلاب السائبة. وبحسب المولى فإن سبب عدم صيانة المكان يعود إلى أسباب دينية حيث يعتقد البعض أن بقاء القصر بهذه الصورة ( المهملة ) عِبْرة إلهية لكي يرى الناس مصير الطغاة والمتجبرين. وبينما لا يزور قصر الإمارة إلا أفراد قلائل، فإن بيت الإمام عليٍّ(عليه السلام) الذي يقع بجوار القصر يشهد زيارات مليونية كل عام.

ويقول رجل الدين أحمد الياس: إن في هذا عبرة لمن اعتبر. لكنه يعترف أن للقصر قيمة تاريخية ولابد من إنقاذه مما حل به من أضرار تكاد تزيله من سطح الأرض بسبب المياه الجوفية وعوامل التعرية. ومع الاستقرار الأمني فإن المستثمر عماد كامل الذي يعمل في قطاع الفندقة في بغداد والنجف وكربلاء يقول : إن السياح والمستثمرين بدؤوا يتدفقون بشكل متزايد إلى العراق.

ويقول عماد إن الشكوك التي كانت تنتاب المستثمر والسائح مازالت موجودة مع انحسار العنف، وتبني الكثير من الجهات الدينية منهج الاعتدال في نظرتها إلى السياحة والموقع التاريخية. الجدير بالذكر ان اغلب فنادق السياحة في العراق ، والمرافق السياحية في المناطق الأثرية تمتنع عن تقديم المشروبات والأكلات التي تتعارض مع الشريعة الإسلامية ، مما يتوجب على السائح لاسيما الأجنبي أخذ ذلك في عين الاعتبار.

 

المصدر: إيلاف – وسيم باسم

العنوان من وضع الحكمة

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*