ضغوط العمل لا تخلو من فوائد كامنة

478

 150622175513_embrace_stress__its_good_for_you_512x288_thinkstock

الحكمة – متابعة: هل تعاني من ضغوط هائلة، وتشعر أنها تغمرك، وأنك تعمل أكثر مما ينبغي؟ إذا كان الحال كذلك، فأهلا بك في نادي أصحاب الضغوط والتوترات.

تشيع الشكاوى من التعرض لمثل هذه المعاناة بين المهنيين المنهمكين في أعمالهم؛ ممن يكونون عازمين على تحقيق النجاح، ويعملون بجد للوصول إلى هذا الهدف.

ويرى البعض أن مثل هذا الإجهاد والتوتر هو ما يقضي علينا في نهاية المطاف، أليس كذلك؟ لكن ماذا لو كنا نتبنى نهجا خاطئا تماما حيال الأمر، وأن المسألة برمتها تتعلق في الواقع بما نُكِّنُه من تصورات بشأن الضغوط والتوترات، وبما نضمره من اعتقاد مفاده بأنها تشكل العامل المعوق والمثبط لنا؟

ذلك هو الموضوع الذي حظي مؤخرا باهتمام بعض مستخدمي موقع “لينكد-إن” من المهنيين المؤثرين. وفي السطور التالية نستعرض ما قاله اثنان منهم.

كيلي ماكغونيغال – قسم علم النفس بجامعة ستانفورد

في مشاركة حملت عنوان “فلتنس ما سمعته في السابق بشأن التوترات والضغوط.. فهي في الواقع مفيدة لك”، كتبت كيلي ماكغونيغال تقول: “لسنوات عديدة، كنت أقول للناس إن التوترات والضغوط تصيبكم بالمرض. فهي تزيد مخاطر إصابتكم بكل شيء؛ بدءا من نزلات البرد العادية وصولا إلى أمراض القلب والاكتئاب، وربما تُحوِلَكُم لمدمنين أيضا.”

وتضيف: “كنت أقول إن مثل هذه الأمور تقتل خلايا المخ، وتدمر مكونات الحمض النووي، وتؤدي إلى إصابتكم بالشيخوخة بشكل أسرع”.

لكن ماذا لو لم تكن الضغوط والتوترات هي التي تُحْدِث كل هذه الأضرار في الواقع، وإنما طريقة تعاملنا معها؟

في هذا السياق، أشارت ماكغونيغال إلى ما أظهرته دراسة بحثية واسعة النطاق من أن مخاطر الموت المبكر التي تواجه من قالوا “إنهم يعانون من مستويات عالية من التوتر، لكنهم لم يعتبروا أن مثل هذه التوترات ضارة، أقل من تلك التي تواجه أي شخص آخر شملته الدراسة”.

وأضافت أن هذه المخاطر جاءت أقل “حتى من مثيلتها التي تواجه من قالوا إنهم يعانون من مستويات محدودة للغاية من التوتر”.

وتضيف ماكغونيغال: “الباحثون خلصوا إلى أن التوتر وحده لا يقتل البشر أو يقضي عليهم، لكن (ما يؤدي لحدوث ذلك) هو ذاك التضافر بين التوتر واعتقاد المرء بأن ذلك الشعور ضارٌ به”.

وتتابع: “الاستخلاص الذي توصلت إليه على نحو غير متوقع، تمثل في أن التوتر يكون ضارا فقط عندما تؤمن أنت أنه كذلك. وهو ما أتاح لي الفرصة لإعادة التفكير في ما كنت أقوم بتدريسه.. فقد حولت التوتر لكي يصبح هو العدو، ولم أكن وحدي على هذا الصعيد.”

وتواصل قائلة: “كنت واحدة فقط من بين العديد من العلماء وعلماء النفس والأطباء، ممن يشنون حملة لا هوادة فيها ضد التوترات والضغوط. كنت مثلهم أؤمن بأن هذه الأمور تشكل وباءً خطيراً يتعين أن يُوضع حدٌ لانتشاره”.

واستطردت ماكغونيغال بالقول إنه بدلا من التعامل مع التوترات والضغوط على أنها “أمور سامة”، ربما يكمن مفتاح الحل في تحرير عقولنا مما ترسخ فيها من اعتقادات سابقة بشأن مثل هذه الأشياء، وكذلك السعي لإيجاد سبل تتيح لنا الفرصة لتقبلها واستخدامها على نحو يحقق لنا النفع في حياتنا.

وتخلص الباحثة للقول: “النوع الأكثر إثارة من الاستخلاصات العلمية هو ذاك الذي يتحدى طريقتك في التفكير، سواء بشأن نفسك، أو بشأن العالم”.150622175632_embrace_stress__its_good_for_you_512x288_thinkstock

لاريه كواي – عميلة خاصة سابقة لدى مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي (إف. بي.آي)، ومؤسسة ومديرة مركز “مينتال تافنيس” (القوة النفسية)

أما لاريه كواي فقد كتبت في الموضوع مشاركة بعنوان “كيف تُستخدم القوة النفسية لمواجهة الصور النمطية بشجاعة وجراءة)، وقالت فيها إن تبني الأحكام العامة أو ما يمكن وصفه بـ”التعميمات” يجعل “التعامل مع الحياة أكثر سهولة، لأن ذلك يساعدنا على التعامل مع المعلومات التي يُمطر بها” كل منّا بشكل مستمر.

لكنها أضافت أن تبني صور نمطية سلبية عن أنفسنا وعن الآخرين يمكن أن يكون خطيرا. ومن شأن مواجهة هذه الصور النمطية بجراءة وشجاعة أن يزيدنا قوة بشكل عام من الناحية النفسية والعقلية، ومساعدتنا على التغلب على هيمنة تلك الصور على أذهاننا.

وتقترح كواي ثلاث وسائل يمكن عبرها استخدام مفهوم “القوة النفسية والعقلية” لتحقيق هذا الهدف. ومن بين هذه الوسائل:

– إدراك أن لدى عقلك نزعة متأصلة لما يُعرف بـ”الانحياز التأكيدي”

يُخزِّن دماغ كل منّا المعلومات التي تتوافق مع قناعتنا واعتقاداتنا وقيمنا والصورة التي نرسمها لنفسنا. وتكتب كواي في مشاركتها تقول إن منظومة الذاكرة الانتقائية هذه؛ تساعد الدماغ على تجنب أن يُثقل بكم أكبر من اللازم من المعلومات.

وتقول إن على المرء اعتياد تعريف نفسه بـ”ما هو جديد ومختلف. ففي الكثير للغاية من الأحيان، نتبنى حكما عاما في مرحلة ما من حياتنا، دون أن نأخذ بعد ذلك وقتاً لإعادة تقييم مدى مصداقية هذا الحكم”.

وهكذا ينبغي أن يأخذ المرء بعين الاعتبار تلك “التعميمات” التي ساعدته على تبني خيارات أكثر براعة، وما هي القواعد والأحكام العامة التي يمكن له حقا الاعتماد عليها في المستقبل. الأمر المهم هنا يتمثل – كما كتبت كواي – في أن يكون المرء أكثر وعيا بسلوكه وتصرفاته.

– الاعتراف بما يواجهك من حواجز وما تتحمله من أعباء

تكتب كواي في هذا السياق قائلة: “عندما تواجه بشجاعة صورة نمطية سلبية تتعلق بك، أو بوضعك، أو بأعضاء آخرين في فريق عملك، فإنك تكتسب بذلك قوة وصلابة نفسية وذهنية، تمنحك القدرة على الاعتراف بما تتحمله من أعباء وما يجابهك من حواجز”.

ومضت بالقول: “عندما نضطر إلى إجهاد عقولنا لاستنباط حلول أقل قابلية للتوقع، وغير معتادة بقدر كبير، فإننا بذلك نحفز قدرتنا على الابتكار، وننشط مرونتنا الذهنية”.

في المقابل – حسبما تقول كواي – بوسعنا في هذه الحالة الإقرار بالجانب السلبي للأمر “دون أن نتخلى عن الأمل في (إمكانية) أن نحقق نجاحات في المستقبل”.

وتخلص هذه السيدة للقول إن ما يُعرف بـ”القوة الذهنية والنفسية” تتمثل في “تعلم كيفية التحكم في عقولنا، بدلا من أن ندعها تتحكم هي فينا. كما أن الوعي بكيفية تأثير ما نتبناه من تعميمات في سلوكنا، سواء كانت هذه التعميمات إيجابية أو سلبية، هو أمر جوهري فيما يتعلق بقدرتنا على تحقيق النجاح”.

س ف

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*