النزوح والوضع الاقتصادي ينعكسان على موائد الإفطار في العراق
410
شارك
الحكمة – متابعة: تتفاوت مكوّنات موائد الإفطار لدى العائلات العراقية. ولكن لإعداد وجبة عادية لأسرة تتألف من خمسة أفراد، يحتاج رب الأسرة إلى ما لا يقل عن 50 ألف دينار (43 دولاراً)، فيما تكاد بعض العائلات تستجدي ما تجود به خيرات هذا الشهر الفضيل لتوفير مائدة الإفطار بسبب كارثة معيشية حقيقية لا يعلم حجمها سوى الله والنازح العراقي.
ويقول أحد سكان العاصمة بغداد، الحاج عمر حسين، في حديث لـ “العربي الجديد”، إن “مكوّنات موائد شهر رمضان المبارك في العراق تتميّز بالاهتمام والتنوع في نوع المأكولات، ولعل أبرز المأكولات التي تعرض على تلك الموائد هي الدولمة (الملفوف)، وهي مكونة من خضار الباذنجان والشجر (الكوسا)، والبطاطا والطماطم والفلفل وأوراق العنب أو السلق وتوضع في بطن الخضار، خلطة من الرز وقطع من اللحم الصغيرة. وهذه الوجبة تكلف العائلة العراقية قرابة 30 ألف دينار (26 دولاراً) يضاف إليها المرق، وتكون بحسب نوعية المادة المراد طبخها، وهذا الأخير يكلّف ما يزيد عن 10 آلاف دينار (8.5 دولارات)”.
ويضيف الحاج حسين، أن “العصير والمشروبات الرمضانية تكون حاضرة بقوة على مائدة الإفطار بحسب الأصناف، وهذه العصائر تكلف بحدود خمسة آلاف دينار (4 دولارات)، تضاف إليها خمسة آلاف أخرى للحلوى والتمر، ليصبح سعر الوجبة 50 ألف دينار وأكثر. وطبعاً هذه الكلفة مترتبة على العائلات من ذوي الدخل المحدود في المجتمع العراقي”.
وعن الدخل المالي للعائلة، يقول الحاج حسين إنه يتقاضى الراتب التقاعدي ويصل إلى 500 ألف دينار أي ما يعادل (400 دولار أميركي)، “وهذا لا يسدّ حاجة عائلتي، لذا يعمل ثلاثة من أبنائي ويؤمّنون لنا دخلاً يصل إلى نحو 300 ألف دينار (250 دولاراً أميركياً)، وعلى الرغم من ذلك نحن نجد سعر وجبة الإفطار عند استضافة بعض الأقارب يتجاوز 150 ألف دينار وهو مبلغ غير منطقي ولا يمكن احتماله، لذا نحاول عدم القيام بأي موائد رمضانية لغير العائلة”.
ويقول أحد ساكني مجمع الغزالية للنازحين، شمال العاصمة بغداد، ويدعى حسن عبد الرحمن، إن “المائدة الرمضانية لعائلته الفقيرة تقتصر على ثلاث مواد لا تفارقها؛ وهي اللبن (الزبادي) والتمر وشوربة العدس، وهذه الوجبة لا تكلف أكثر من 5 آلاف دينار، وننتظر أهل الخير والإحسان في الشهر الفضيل”.
من جهته، يقول الخبير الاقتصادي العراقي، يوسف الخالدي، إن “التضخم النقدي في العراق، واحد من أخطر أنواع الأزمات المالية التي تعصف بالبلاد، ويصيب بالدرجة الأولى أصحاب الدخل المحدود من الموظفين الحكوميين”، لافتاً إلى أن “التضخم يؤثر بشكل مباشر على أسواق الأسهم وسعر الفائدة، ويؤدي إلى ارتفاع أسعار جميع المواد الغذائية وباقي السلع التجارية، خصوصاً أن العراق يستورد جميع المواد ولمختلف القطاعات الغذائية والتجارية والصناعية وحتى الزراعية”.
من جهته، يقول رئيس لجنة العمل والشؤون الاجتماعية النيابية، النائب صادق المحنا، إن “ارتفاع نسبة الفقر في العراق إلى 25%، يعني أن نحو سبعة ملايين شخص يعيشون تحت خط الفقر، وقد ارتفعت النسبة بسبب الأحداث الأمنية الأخيرة والتهجير القسري واقتحام عصابات داعش لبعض المحافظات”. ويذكر أن عدداً كبيراً من العراقيين يعاني من البطالة وقلة فرص العمل بسبب السياسات الاقتصادية الخاطئة في السنوات السابقة”. ويؤكد أن “هناك الكثير من العوائل قد لا تجد حتى مبلغ 10 آلاف دينار لغرض إعداد وجبة بسيطة للإفطار”.
من جانبه، يشير الخبير الاقتصادي فؤاد عادل إلى أن “ارتفاع معدل التضخم في العراق يساهم في تحجيم القدرة الشرائية للمواطن البسيط والفقير في الوقت ذاته، خاصة أن في العراق يوجد نحو 3.5 ملايين موظف في القطاع الحكومي، وهذا يعني أن غالبية هؤلاء لا يستطيعون تأمين وجبة الإفطار اليومية في رمضان”.