الاندفاعات العاطفية التي تعكّر صفو الفرق الناجحة

353

Join Our Teamآني ماكي – هارفارد بزنس ريفيو

الحكمة – متابعة: هل يمكن القول بعد اليوم بأن هناك شخصاً ما، وكائناً من كان، هو من يُسهم لوحده حقاً في إنجاز العمل؟ الإجابة من وجهة نظري هي كلا. فكلّ ما نقوم به تقريباً نُنجزه بالتعاون مع أشخاص آخرين في مجموعات، إذ تُوكل إلينا مهام التخطيط وإنجاز المشاريع معاً. ونحن نتفاوض على الأدوار والموارد. ونتحدّث مع بعضنا البعض – أو نرسل الرسائل النصية أو التغريدات أو الرسائل الإلكترونية – وفي بعض الأحيان نصغي أيضاً. كما أننا نعتمد على أشخاص فوقنا وحولنا ودوننا، لتحقيق نجاحنا الجماعي، ونحن مدينون لهم لكونهم جزءاً من نجاحنا هذا. ومع مرور الوقت، تصبح لدينا عادات هي ما يحدّد الطريقة التي نتصرّف بها مع بعضنا البعض.

فإذا ما جمعنا كل هذه العناصر معاً نحصل على تعريف للفريق: وهو عبارة عن مجموعة من الناس الذين يتبنّون هدفاً مشتركاً وغرضاً واحداً، والذين يتولّون أدواراً ومسؤوليات مختلفة، والذين يلتزمون بقواعد معيّنة للتعامل فيما بينهم. والفرق نراها منتشرة في جميع أنحاء مكان العمل. لكن المؤسف في الأمر هو أن معظم هذه الفرق لا تتّصف بقدر هائل من الفعالية أو لا يعتبر العمل فيها ممتعاً جداً.

فكيف بوسعنا أن نحسّن هذه الفرق؟ وكيف يمكننا أن نجعل الفريق جزءاً من العمل يُدخِلُ السعادة إلى حياتنا، عوضاً عن أن يُسهم في تحويلها إلى جحيم؟

بادئ ذي بدء، نحتاج إلى بذل المزيد من الاهتمام لنعطي هذه الفرق أهميتها الحقيقية في عالم العمل. ففي معظم المؤسسات، نجد بأن الفرق لا تقدّر حقّ قدرها. فعلى سبيل المثال، صحيح أن العديد من الشركات تبدي إعجابها بالسلوكيات التي تدعم العمل بروح الفريق ضمن أنظمة إدارة الأداء، لكن من الشائع تماماً أن لا نرى أي ربط لهذا الأمر بأنظمة المكافآت والتعويضات. وهذا يعزّز المفهوم القائل بأننا لسنا مضطرين إلى الاهتمام بالفرق أو العمل الجماعي بروحية الفريق (فلماذا نفعل ذلك ونحن لا نحصل على أي مكافأة في المقابل). ولكن ما يحصل في نهاية المطاف، وفي أحسن الأحوال، هو تعرّض الفريق لحالة من التدمير التدريجي نتيجة لغياب الدعم. أمّا في أسوأ الأحوال، فإن الناس – سواء أعضاء الفريق أو قادته – يشعرون بالحرية في ممارسة سلوكيات سيئة تقود إلى حالة من الاختلال الوظيفي، وإلى نتائج تقلّ عن التوقعات بكثير، وإلى حالة من البؤس بين صفوف أعضاء الفريق. ولا يحتاج تدمير هكذا فريق إلى جهد كبير أصلاً، فالعديد منّا قد سبق له أن فعل ذلك أصلاً.

لكنّ المفارقة تكمن في أن مساعدة فرقنا على أن تكون أكثر فعالية تقتضي منّا أن نعرف الأشياء التي “لا يجب” أن نفعلها مع الفريق، قبل الانتقال إلى الأشياء التي “يجب فعلها” معه. وبالتالي، دعونا نراجع بعض الأخطاء الشائعة التي يرتكبها الكثيرون بمن فيهم الأشخاص الطيّبون عندما يعملون مع الآخرين:

  1. ينسون ذكاءهم العاطفي ويتركون اللوزة الدماغية تسيطر على حديثهم: يتصرّف هؤلاء الأشخاص بناءً على مشاعرهم واندفاعاتهم، ولا يتوخّون الحذر فيما يرسلونه من إشارات أو ما يقولونه من كلام، أو ما يبدر منهم من أفعال. ولا يسمحون للأشياء المزعجة مثل القيود أو المعايير أو اللياقة الاجتماعية بأن تقف حجر عثرة في طريقهم. يشعرون بغضب سريع ويظلون غاضبين عندما يحصل شخص ما على أشياء أكثر ممّا حصلوا هم عليه. ينظرون إلى الناس المختلفين عنهم بصورة نمطية. يتفوّهون بما يدور في أذهانهم ويعتذرون عن سلوكياتهم من خلال إخبار الناس بأنهم صادقون وشفافون، ورغم أن ذلك قد يكون صحيحاً، لكنهم بذلك أيضاً يكونون لئيمين، وإذا فعلوا ذلك مع مرؤوسيهم فإن ذلك يكون ضرباً من التنمّر. المؤسف في الأمر، هو أنه وفي ضوء التوتّر الذي يتعرّض له الناس في مكان العمل اليوم، فإن الكثير من الناس يتمشّون حولنا وهم خاضعون لتأثيرات اللوزة الدماغية وليس وفقاً لما يمليه عليهم ذكاؤهم العاطفي.

  2. يظلّ سلاحهم مُشهراً: هم يطلقون عبارات مريعة، كأن يقول الواحد منهم: “إما أن تنفّذوا ما هو مطلوب كما أراه أنا وإلا فلتغادروا الفريق.” وهناك فكرة أخرى مشابهة. إذا كنتم تريدون أن تدمّروا فريقاً، كونوا صارمين، وذوي نظرة أحادية إلى الأمور، واسعوا إلى تحقيق أهدافكم فقط كما ترونها وبالطريقة التي تريدونها أنتم فقط.

  3. يرون الكأس نصف فارغ: إذا أردتم العبث بعقول الناس، وقتل روحية الفريق والعمل الجماعي، ركّزوا على كل الأخطاء التي تحصل. دعوا الناس يعيشون في حالة من الرعب. اظهروا حسّ السخرية لديكم. فالمشاعر معدية: والمشاعر السلبية وحسّ السخرية اللاذعة هي أمور تقضي على الثقة والإبداع والحماسة والسعادة، وهذه أشياء في غاية الأهمية بالنسبة للنجاح الجماعي.

(الاقتصادي – الوسط)

س ف

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*