الإندبندنت: المرجعية ضمانة لمنع الحرب الطائفية ودحر داعش في العراق لن يتم إلا على يد قوة شيعية

348

20739_700_400_aspectratiofill_middle_hqdefaultالحكمة – متابعة: رجال الدين هم الوحيدون القادرون على دفع الرجال للقتال ومنع الانقسام الطائفي. فمعظم تاريخ العراق، القديم والحديث، يدور حول أحداث وقعت في مدينتي النجف وكربلاء.

في عام 1991 استعادت دبابات صدام السيطرة على مدينة النجف بعد قمع الانتفاضة الشعبية عقب حرب الكويت. وبعد ربع قرن انقلب العراق رأساً على عقب؛ حيث قتل حسين كامل – الذي قاد هجوم الجيش العراقي على الانتفاضة – على يد صدام الذي أعدم هو نفسه في 2006.

 اليوم يعتبر آية الله العظمى السيد علي السيستاني هو الشخص الأكثر نفوذاً في العراق. ومن المفارقات ان هذا يحصل رغم قناعة السيستاني نفسه بأن الدين الحقيقي يعني البقاء بعيدا عن السياسة. هذه النسخة من الإسلام الشيعي تتناقض مع تلك التي اتبعها آية الله الخميني الذي أسس حكم رجال الدين في إيران بعد الإطاحة بالشاه في 1979.

إلّا ان السلطة المعنوية للسيستاني في العراق على أغلبية الشيعة بعد الاجتياح الأميركي عام 2003 كانت قوية لدرجة ان الأميركان وجدوا أن ليس باستطاعتهم ان يحكموا بما يعارض رغباته.

لو كانت الأمور قد سارت بسلاسة لكانت الأحزاب الشيعية التي تولّت السلطة بعد رحيل القوات الأميركية قد انسحبت من السياسة، ولابتعد رجال الدين الشيعة عن السياسة أيضاً، لكنّ ظهور داعش واستيلاءها على مدينتي الموصل والرمادي أضرّ بسمعة الجيش العراقي.

ومع انهيار الجيش خلال العام الماضي، أصدر السيستاني في الثالث عشر من حزيران فتوى دعا فيها الرجال إلى حمل السلاح ضد داعش، وفوراً ظهرت إلى الوجود قوة متحمسة من المتطوعين رغم قلة تدريبها تناهز 50 ألف مقاتل (وحدات الحشد الشعبي)، التي تمثّل اليوم قوة القتال الرئيسة لحكومة بغداد.

وجاءت اللحظة الحاسمة خلال الأشهر القليلة القادمة، حيث أن وحدات الحشد الشعبي ووحدات النخبة من الجيش العراقي تحاصر اليوم مدينة الفلوجة.

استيلاء داعش على الفلوجة وفشل الجيش العراقي في استعادتها كان نذيراً بالاندحار العسكري لرئيس الوزراء السابق نوري المالكي. ومن أجل هزيمة داعش، يجب ان ينجح الهجوم الجديد.

هناك تفاؤل بين رجال الدين وضباط الجيش في النجف وكربلاء بشأن نتيجة المعركة، ويعود ذلك إلى أن القوات المسلحة والحشد والأميركان كانوا في السابق يتصرفون كخصوم بدلا من توحيد الجهود.

ويقول رجل الدين المتنفذ في النجف السيد محمد علي بحر العلوم إن جهود تحرير مدينة تكريت كانت فوضوية لأن القوات التي تحارب داعش كانت منقسمة لكنها في الفلوجة متوحدة.

وما يشجّع أكثر هو تسليم الولايات المتحدة طائرات أف-16 للقوة الجوية العراقية. ليس هناك خيار أمام القوات التي تحارب داعش سوى التوحّد اذا ما أرادت النصر، إذ أن انقسامها كان أحد أسباب المكاسب التي حققتها مجموعة داعش.

ويقول السيد محمد حسين الحكيم، نجل آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم، ان محاولة تحشيد العشائر السنيّة ضد داعش على غرار ما فعله الأميركان في 2006 و2007 ، لم يعد نافعا “داعش قوية جدا، وستسحق العشائر اذا ما تصدّت لها وحدها”.

لا يمكن إعادة بناء الجيش العراقي كي يصبح قوة قوية بما يكفي لقتال داعش بشكل فاعل. ويقول الحكيم ان الجيش العراقي في ظل المالكي كان مفتوحاً للمجندين الجدد في وقت الانتخابات “كي يمنح الحزب الحاكم فرص عمل برواتب جيدة للمصوتين. الحقيقة العسكرية في العراق اليوم هي أن الكثيرين مستعدون للموت من أجل الحشد الشعبي، لكن القليلين جدا يواجهون الموت من أجل حكومة فاسدة وقاصرة في بغداد. في العام الماضي كان الجنود الذين رفضوا الالتحاق بوحداتهم يقولون ساخرين “لن نموت من أجل المالكي”.

منذ ذلك الحين لم يتغير الكثير. الحشد مستعد للقتال وقد اكتسب خبرة لكنه مازال يفتقر للتدريب الجيد. ويقول العقيد صلاح رجب، من ضباط الجيش السابق الذي قطعت ساقه نتيجة انفجار عبوة خلال قتاله ضمن قوات الحشد في بيجي، إن المطلوب زيادة فترة تدريب المجندين من ثلاثة أشهر إلى ستة، بينما يقول اللواء على المصلح، وكيل آمر لواء علي الأكبر، إن تدريب المتطوعين لمدة 45 يوماً يعتبر كافياً.

وتصر المرجعية الشيعية العليا على أنها لا تنوي خوض حرب طائفية ضد السنّة في الفلوجة أو أي مكان آخر، بينما تؤكد داعش أن الحرب تجري على أسس طائفية.

وقبل أيام ارتكبت داعش مجزرة بتفجير ثلاثة أطنان من المتفجرات في بلدة خان بني سعد ما أودى بحياة أكثر من مئة شخص معظمهم من الأطفال والنساء، هدفها من ذلك هو دفع الشيعة إلى الانتقام كي لا يبقى أمام السنّة خيار غير الاعتماد عليها.

ومما لا مفر منه أن دحر داعش في العراق سيكون على يد قوة شيعية ساحقة، وأن المرجعية الدينية في النجف وكربلاء لديها السلطة والرغبة في منع تحوّل الحرب إلى حمام دم طائفي خلال المرحلة المقبلة.

(ترجمة المدى)

س ف

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*