جريمة هدم أضرحة البقيع لا تزال شاهدة على آل سعود
بقلم: احمد جويد
يعاني المجتمع العربي والإسلامي من آفة خطيرة دمرت وقتلت وخربت كل ما هو إنساني أو يمت للأديان والمعتقدات والإنسانية بصلة، تلك الآفة تكاد أن تطال جميع قارات العالم والتي أجمع المجتمع الدولي على تسميتها بـ(الإرهاب).
وإن أبرز ملامح الإرهاب هو رفع شعار التدين والحض على كراهية الآخر وقتله، تلك الكراهية التي رسخ جذورها “التدين الوهابي” الذي قاد أبرز جرائمه مع تولي عائلة آل سعود السلطة في نجد والحجاز، وكانت جريمة الاعتداء على مقدسات المسلمين وتدمير إرثهم الإسلامي والحضاري على رأس أولويات تلك الجماعة التي أخذت تحرض على العنف والكراهية ضد الآخر في المعتقد، فكان لجريمة هدم قبور أئمة البقيع والعديد من آثار الرسول الأكرم وأهل بيته وبعض أصحابه المقربين أول الشر مع بداية نشأة الدولة السعودية مطلع القرن العشرين.
مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات سبق وأن طالب قبل أكثر من سنة على أنه من واجب المنظمات الدولية أن تبين للسلطات السعودية المسؤولية الجنائية التي تتحملها هذه السلطات بما تقوم به من انتهاك لمقبرة البقيع، حيث يعد هذا الفعل تحريضاً إرهابياً على هدم كافة الأماكن العبادية والأثرية والتاريخية وفي حال الإصرار على عدم إعادة بناء تلك الأماكن المقدسة، وسوف يمثل بقاؤها على هذا الحال دون أن يتم إعادة بنائها مدعاة للكراهية وبث روح التطرف.
وأشار المركز حينها إلى عدد من المطالب يمكن أن تعمل على وجود نهج جديد للقضاء على التطرف والإرهاب الناتج عنه أو على الأقل الحد منه، ومن بين تلك المطالب:
1- اعتبار ظاهرة هدم الأضرحة والمشاهد الدينية جريمة ضد الإنسانية، وقيام الجمعيات والمنظمات والهيئات الدولية بالملاحقة القانونية للحركات العدوانية المتطرفة التي تمارس هذا النوع من الإرهاب عبر الفتاوى التي تحرض على تهديم الأضرحة وعدم السماح بإعادة بنائها مجدداً أو التمويل أو التنفيذ أو توفير الحماية والملاذ للمتطرفين.
2- دفع الدول وخاصة تلك التي تحتضن أولئك الإرهابيين ومدارسهم والممولين لهم إلى القيام بالواجب الديني والأخلاقي والقانوني للحد من وجود وحركة أعداء الإنسان والسلام الذين ارتكبوا الفظائع الأليمة بحق كل من خالفهم في فعل أو رأي، وشوهوا صورة الإسلام الحنيف عبر إكراههم الناس على التدين بدينهم.
3- مطالبة مراكز الفتوى والمجمعات الفقهية والمؤسسات الدينية -ومن جميع المذاهب الإسلامية- بإصدار الفتاوى الواضحة والصريحة بتحريم الاعتداء على أضرحة ومراقد الأنبياء والأئمة والأولياء والعلماء، وتجريم من يعتدي باللسان أو باليد أو بأي شكل آخر على الزائرين لتلك المراقد.
4- تقوم المنظمات الدولية الرسمية بحملة شاملة للضغط من اجل إعادة بناء قبور أئمة البقيع وإرجاعها بشكل أفضل مما كانت عليه قبل هدمها، لان بقاء مقبرة البقيع بهذا الشكل يعد إهانة للعقيدة والتاريخ الإسلامي وانتهاكا للتراث الإنساني، ويعد بقاؤها بهذا الشكل تحريضا على العنف والكراهية وعلى شرعية استهداف الأماكن العبادية المقدسة للشيعة خصوصا وللمسلمين كافة ومختلف الأديان. وهذا يعتبر من المسؤوليات الكبرى للأمم المتحدة في التحرك من أجل الضغط على الحكومة السعودية لإعادة بناء مقبرة البقيع بما يتناسب مع أسس الكرامة الإنسانية واحترام حقوق الإنسان.
5- مطالبة مؤسسات المجتمع الدولي والهيئات المختصة بمراقبة ومحاسبة القنوات الفضائية والأرضية والإذاعية ومواقع الإنترنيت والمؤسسات والمنتديات الإعلامية والثقافية والمكتبات والصحف والمجلات التي تروج أفكار التكفير والكراهية والعنف عبر نشر خطب قادة الإرهاب وتوجيهاتهم التي يحثون بها على قتل الناس، وتفجير السيارات والمدارس والجامعات والأسواق، وتدمير مفاصل الحياة المدنية الآمنة، أو بث صور عمليات التعذيب وقطع الرؤوس عبر أقراص ليزرية وممغنطة. أو بيع الكتب والصحف والمجلات التي تخدم تلك الحركات الإرهابية.
6- القيام بحملة تثقيفية علمية وواسعة (على المدى القصير والبعيد) لترسيخ قيم المحبة والسلام والتعاون والتعايش والتسامح والحوار التي حثت جميع الرسائل السماوية والمبادئ الإنسانية على التمسك بها، كما وقد اعتمدتها دساتير جميع دول العالم.
7- دعوة الدول والحكومات والهيئات الدولية ومنظمات المجتمع المدني للشروع بحملة عالمية كبرى -جادة- للقضاء على دوافع نشوء العنف والكراهية والجريمة في الفرد والمجتمع: الفقر، المرض، الجهل، الاستبداد، الظلم، القهر، الكبت، البطالة، القمع، الاستعباد، الاستغلال..!
هذه هي أهم المبادئ الرئيسية التي عبر عنها المركز على شكل مطالبات إلى جميع الجهات والدول والمنظمات التي ترى من الإرهاب خطرا يهدد أمنها ومستقبلها ويزعزع استقرار الدول ويجعلها عرضة لحملات المتطرفين، لكن الحال لا يزال كما هو عليه، فبدلاً من أن تستجيب السلطات السعودية إلى لغة العقل والمنطق نراها قد أقدمت على ضرب المشاهد الإسلامية التاريخية وبصورة مباشرة وبتوجيه ضربات عسكرية لا هوادة فيها على جميع مناطق اليمن التاريخية والدينية.
فالعالم اليوم يشهد على فعل السلطات السعودية وهي تقوم بقصف المساجد والجوامع والأضرحة في اليمن بدوافع طائفية ومذهبة، وهي بفعلها هذا تقوم بإذكاء روح الكراهية بين شعوب المنطقة وتعزز من وجود الإرهاب والفكر التكفيري مخالفةً بذلك جميع الأعراف الإنسانية والشرعية والقوانين الدولية.
وإن بقاء أضرحة البقيع على هذه الحالة التي نشهدها اليوم ما هي إلا إصرار على استمرار الجريمة وعدم المبالاة بمشاعر ملايين المسلمين من محبي أهل بيت النبي (ص) في العالم الإسلامي بمختلف مذاهبه، وإن ما قامت به السلطات السعودية ولا تزال مصرة على ارتكابه من جرم قد شجّع الجماعات المتطرّفة على الاستمرار في ارتكابها للانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان وللقانون الدولي الإنساني، دون خوف من أيّ ملاحقة قضائية في المستقبل، وهو ما شاهدناه من أفعال تلك الجماعات في العراق وسوريا وليبيا وتونس وأفغانستان وباكستان، من قبل الجماعات التي تحمل روح الكراهية والتطرف.
إن ما يهم دول العالم وشعوبها في الوقت الراهن هو الأمن والاستقرار الذي صار هاجس معظم الشعوب حتى في الدول العظمى، ولا يمكن للأمن أن يوجد بنفس البيئة التي يوجد فيها التطرف والكراهية، وهذه هي مهمة المجتمع الدولي الذي نستطيع أن نقول له، حان الوقت كي ترفع الحصانة عن أفعال السلطات السعودية والدول التي تشكل مصدرا للإرهاب والتطرف في المنطقة والتي تعمل على تشجيع الإرهاب والتطرف بصورة مباشرة أو غير مباشرة بدلاً من أن تسعى لأسلوب الحوار والبحث عن الحلول للأزمات وإشاعة روح التسامح داخل المجتمعات.
ك ح