يمكن ذكر جملة أسباب للموقف الروسي فى سوريا، الذي بلغ ذروته قبل أيام بشن غارات جوية على مواقع للتنظيمات الإرهابية، ويكمن الخلاف حول هذه الأسباب من باب رفض نظام بشار الأسد، واعتبار جماعة إرهابية مثل «جبهة النصرة» أحن على السوريين من «داعش»، وأنه بالفعل توجد «معارضة معتدلة» تدربها «واشنطن» على حمل السلاح فلا ترتكب جرائم في حق الشعب السوري.
هكذا ترى الأطراف التي هاجت وماجت وغضبت من روسيا فور شنها الضربات الجوية ضد «داعش» وأخواتها، اعتبرت هذه الأطراف أن الخطوة الروسية «تدخلا مرفوضا»، بينما هي تتدخل بكل راحتها منذ بدء الأزمة السورية قبل أربع سنوات، قالت إن الضربات الروسية من شأنها تعقيد الموقف في سوريا، وكأن الموقف ليس معقدا بما فيه الكفاية منذ أن تواطأت هذه الأطراف لنشأة «داعش» ثم تركه يتمدد، وفتح «تركيا أردوغان» حدودها لدخول الإرهابيين من كل صنف لتدنيس الأرض السورية.
نعم، للأزمة السورية وجهها الدولي والإقليمي، لكن من أذن لكل أجهزة مخابرات المنطقة، ودول العالم الكبرى بالذهاب إلى الملعب السوري لتفض سمومها في شعبه؟، من أصر على أن يقطع أوصال الأرض السورية، ويهدم مؤسسات الدولة؟، من أدخل كل هذا السلاح إلى سوريا؟، من دفع المليارات إلى الإرهابيين حتى يقوموا بالقضاء على الجيش العربي في سوريا؟ يجب أن تحضر الإجابة الصحيحة على هذه الأسئلة حتى نضع الخطوة الروسية في الميزان، ومن خلالها سنعرف أن الهجوم عليها هو حماية واضحة لـ«داعش» و«جبهة النصرة»، وكل الجماعات الإرهابية التي ترعرعت وقويت شوكتها في سوريا منذ أن بدأت أمريكا وحلفاؤها توهمنا بشن ضربات ضد داعش في العراق وسوريا.
شنت روسيا ضرباتها على مواقع الإرهابيين، وحلفاء أمريكا يعلنون أنهم يشنون ضربات على مواقع الإرهابيين منذ ما يزيد على العام، فلمَ الخلاف إذن؟، لمَ الخلاف والهدف- حسب ما هو معلن- واحد؟ الموقف من النظام السوري هو «حديث العلن»، لكن مخططات التقسيم والتمزيق والترويع هي «حديث السر» برعاية أمريكا وحلفائها، فهل كان المطلوب ترك هذه المخططات الشيطانية تمر دون أن يقول أحد «لا»، هل كان مطلوبا أن نبقى حتى ربع الساعة الأخير من هذا المشهد؟ إذا كان العجز العربي قد بلغ مبلغه، والدولة السورية يتحالف الأشرار عليها لإسقاطها في أيدي الإرهابيين، فأهلا بالخطوة الروسية لإفساد تلك المخططات.