المرجع الحكيم يتحدث عن “تعامل رجل الدين مع بقية المؤمنين”

322

25الحكمة: قال سماحة المرجع الديني الكبير السيد محمد سعيد الحكيم (مد ظله) في رسالة وجهها للمبلغين ما نصه:

“إن موقف رجل العلم والتبليغ مع بقية المؤمنين الذين يحاول نفعهم بعلمه يجب أن يبتني على الاحترام التام لهم في قرارة نفسه وفي تعامله معهم، بعيداً عن التعالي والترفع والتجبر والتكبر، فإن العالم حري بالتواضع.

وعن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال:

«من طلب العلم لله لم يصب منه باباً إلا ازداد في نفسه ذلاًّ، وفي الناس تواضعاً، ولله خوفاً».

وفي حديث معاوية بن وهب:

«سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: اطلبوا العلم وتزينوا معه بالحلم والوقار، وتواضعوا لمن تعلمونه العلم، وتواضعوا لمن طلبتم منه العلم، ولا تكونوا علماء جبارين فيذهب باطلكم بحقكم».

كما أن المتعلم حقيق بالتشجيع والتعظيم، بل عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال:

«وإن العالم والمتعلم في الأجر سوأ، يأتيان يوم القيامة كفرسي رهان يزدحمان».

وإن لأهل العلم في النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) لأعظم اُسوة، فإنهم (صلوات الله عليهم) على رفعة مقامهم وعظيم شأنهم كانوا يعظمون المؤمنين وإن كانوا ضعفاء، ويوجبون حقهم ويتواضعون لهم، ويوصون بهم خاصَّتهم، ولا يرضون بالتقصير في حقهم، ولا يتسامحون في هذا الجانب إطلاقاً.

ولا سيما أنا نرى شدَّة احترام عامة المؤمنين لأهل العلم وتكريمهم لهم وتعظيمهم إياهم، وذلك مما يجعل لهم الحق على أهل العلم، فلولاهم لم يعرف لأهل العلم قدرهم ولا ظهر شأنهم.

بل كيان هذه الطائفة المحقة (رفع الله شأنها) يقوم على التعاون بين أهل العلم منها وبقية المؤمنين والتنسيق بينهم، فأهل العلم لهم كالقادة والآباء، وهم لأهل العلم كالجنود والأبناء، وكما يتشتت الجنود بدون قادة ويتيهون، يضيع القادة بدون جنود ويتعطلون ويخيبون.

فاللازم أن يعرف كل منهما لصاحبه قدره، ويحفظ له حقه، ويشكره في موقعه، ويعملان معاً لخدمة هذا المبدأ الشريف الذي منّ الله تعالى به على الناس ليهديهم من الضلالة وينقذهم من شفا جرف الهلكات ومن النار.

وكلما كان الالتحام والتناسق بينهما أشد كانت النتائج أعظم، والثمرات أكثر وأوفر.

ومن هنا يلزم على أهل العلم (سددهم الله تعالى)..

أولاً: كسب ثقة المؤمنين، بحيث يؤمنون بواقعيتهم وصدقهم في دعوتهم وإخلاصهم في عملهم وحسن نيتهم، ويفرضون عليهم احترامهم بحسن سلوكهم وتصرفهم، ويشعرونهم بصدق بأنهم يهتمون بالواقع للواقع، ويقولون الحق للحق، لا تدفعهم المغانم الشخصية والمنافع المادية والوهمية، بل غرضهم الأقصى رضا الله تعالى وأداء حقه، ثم إشعارهم لهم بأنهم إخوانهم الأعزاء عليهم، يعينونهم في اُمورهم، ويواسونهم في محنهم، ويهتمون بهمومهم، ويسرون بسرورهم… إلى غير ذلك مما يؤكد علاقتهم بهم ويزيد في الالتحام بينهم.

وثانياً: أن يؤدوا الأمانة فيهم في إرشادهم وهدايتهم، وتثقيفهم في دينهم، ودعوتهم إياهم إلى الله تعالى وإلى الأخلاق الفاضلة والآداب الرفيعة والسلوك الجيد، حتى يكونوا بمعاشرتهم لأهل العلم من الغانمين الرابحين، بحيث يتميزون عن بقية الناس في تقواهم وأمانتهم وخلقهم، ويظهر أثر أهل العلم في سلوكهم وسيرتهم وثقافتهم.

ولتكن دعوتهم لهم بالحكمة والموعظة الحسنة وبالرفق واللين، مجانبين التعسف والخرق، متأدبين بأدب الله تعالى، ومتكلين عليه في ذلك وفي جميع الاُمور”.

المصدر: رسالة ابوية للمبلغين لسماحة المرجع الديني الكبير السيد محمد سعيد الحكيم(مد ظله)

س ف

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*