علي خير رجل بالتاريخ والعقل

234
هاشم سعدون – خاص لـ(موقع الحكمة)

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلق الله محمد وعلى آله وصحبه المنتجبين.

    الحمد لله الذي خلق الخلق ليعرف ويعبد بمشيئته وحكمته , إذ جعل لكل شيء سبباً ولكل علة معلولاً ولكل تابع متبوعاً , وجعل في الماديات كل شيء متوازناً ومتناسقاً بحكمة وتدبر , فنظم النظام وقنن القانون في السماوات والأرضين , ودور الأفلاك كلًا على محوره , وكور الكون على محور الفيض الإلهي الممسك باليد اليمنى لخليفة الله المعصوم والمفترض الطاعة , نعم خليفة الله الذي لولاه لاضطرب النظام الكوني , واختلت النظرية الإلهية ( إني جاعل في الأرض خليفة ) , ولافترقت المتوازيات وتصالحت المتناقضات , ولكن شاء الله الحكيم أن يضع الأمور في مواضعها , فخلق الإنسان وألهمه الفجور والتقوى , وتلك هي الفطرة , ثم سن له السنن والشرائع منذ آدم عليه السلام إلى الخاتم صلى الله عليه وآله , وفرض على الناس طاعة وليه في الأرض المتمثل بالرسل والأنبياء , ومن بعدهم الأوصياء.

    وقد أيد الله تعالى أنبياءه ورسله بالمعاجز والكرامات الواضحات , ومع ذلك فقد كذَّبهم الناس , بل قاتلوهم ونصبوا لهم العداوة , فما بالك بالأوصياء الذين لا يملكون إلا نصوص التنصيب التي تلاعب بها الطامعون في السلطة الدنيوية ورئاسة الناس باسم الأنبياء والرسل.

    فلم يحدثنا التاريخ أن أحداً من أوصياء الرسل قد حكم الناس كما نص عليه بالولاية والخلافة , بل نحّوه جانبا أو قتلوه لأنهم اختلفوا فيه من بعد ما جاءهم العلم به , وهكذا تترى حتى جاء الدور على وصي خاتم الرسل محمد صلى الله عليه وآله وهو علي بن أبي طالب عليه السلام , حيث اختلف الناس فيه من بعد ما جاءهم العلم بولايته في حديث غدير خم المتواتر, وحديث المنزلة الوارد في صحاح المسلمين , وكذلك حديث الدار , وكلها لم تشفع للإمام علي عليه السلام لتولي حكم المسلمين , فطمع من طمع بخلافة رسول الله صلى الله عليه وآله , والتآمر على الناس والتمتع بزخرف وزبرج الحكم السياسي والجلوس على كرسي الرئاسة.

    وكل ما رَشَح من قول هؤلاء المخالفين للنص والتنصيب هو أن الرسول لم يصرح بالقول القاطع بخلافة الإمام علي عليه السلام , وإنما أوّلوا أحاديثه ووصاياه وتقديمه للإمام عليهم بكل المواقف والمجالات , فقالوا حسبنا كتاب الله , وحيث إن كتاب الله لم يرد فيه الاسم الصريح للإمام علي بن أبي طالب عليه السلام , فلم يبقَ من الطريقين كتاب الله وسنة رسوله منفذًا لإثبات ولاية الإمام حسب رأيهم .

    وفي هذا المختصر نطرق بابًا آخر لإثبات أفضلية الإمام علي عليه السلام على كل من دون رسول الله صلى الله عليه وآله, وهذا الباب هو وقائع تاريخية وقعت في زمن الرسول الكريم صلى الله عليه وآله كان فيه اختيار الرسول صلى الله عليه وآله واضحًا وجليًّا للإمام علي عليه السلام كنائب له أو الرجل الثاني في الدولة أو لنقل الدعوة الإسلامية, وذلك بشكل واضح خفيَ على الذين عَمَت قلوبهم لذة الدنيا ومتاعها القليل , فعلى الإنسان الذي يريد أن يكون دينه لله خالصا أن يُفَعِّل عقله وبصيرته في اختيار القائد والولي والخليفة الأقرب إلى الله وأخلصهم وأزكاهم فيكون إمامه في الدنيا وإمامه الذي يُسْأل عنه يوم الحساب:

{يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُوْلَـئِكَ يَقْرَؤُونَ كِتَابَهُمْ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً{71} وَمَن كَانَ فِي هَـذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً} /72/ الإسراء

    وسنورد في بحثنا المختصر هذا عينات من حوادث التاريخ الإسلامي في حياة الرسول صلى الله عليه وآله من غزوات ومواقف, وكذلك ما قيل في شخص الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام من غير المسلمين الذين بُهروا بشخص الإمام , وذلك في نقاط مختصرة.

 المؤاخاة بين المسلمين:

    ونقول بين المسلمين لأن المؤاخاة حدثت مرتين , واحدة قبل الهجرة كما يذكرها ابن حبيب في (المحبر) والثانية بعد الهجرة , آخى فيها الرسول محمد صلى الله عليه وآله بين المهاجرين والأنصار .

    نقول باختصار شديد لقد آخى رسول الله صلى الله عليه وآله بين من حضر بين يديه من المسلمين، كل مع قرينه أو مثيله وكفئه, والمهم من ذلك أنه آخى بينه وبين الإمام علي عليه السلام, فقد أفرده لنفسه وقال له أنت أخي في الدنيا وأخي في الآخرة, وشهد ذلك جميع المسلمين .

    سؤال : عندما نقرأ في أحاديث أتباع الصحابة أن أبا بكر هو أقرب الناس إلى رسول الله وهو أصدقهم وهو صاحبه في الغار وأبو زوجته المفضلة وهو حاميه وراعيه, فلماذا لم يؤاخه فيجعله أخًا في الدنيا والآخرة كما فعل بالإمام علي عليه السلام ؟ هل كان هذا اختيار الرسول صلى الله عليه وآله أم اختيار الله عز وجل, والرسول لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى, ألا يعني هذا أن عليًّا أقرب وأفضل عند الله ورسوله؟ سؤال لا بد  له من جواب.

زواج علي من فاطمة عليهم السلام

    روى الطبرسي في إعلام الورى عن علي بن إبراهيم القمي[1] قال : وكان رسول الله صلى الله عليه وآله بنى منازله , فكانت فاطمة عليها السلام عنده فخطبها أبو بكر فقال له الرسول انتظرأمر الله عز وجل, ثم خطبها عمر بن الخطاب فقال له مثل ذلك, وهنا يروي الدولابي في ( الذرية الطاهرة ) بعد أن رد الرسول خطبة عمر لفاطمة عليها السلام , جاء عمر لعلي عليه السلام وقال له : أنت لها ياعلي , فقال له الإمام مالي شيء إلا درعي أرهنها .

    ما يهمنا هو : لماذا انتظر رسول الله صلى الله عليه وآله أمر تزويج فاطمة عليها السلام ؟ هل لخصوصيتها باعتبارها بنت رسول الله ؟ أم لخصوصيتها بالعصمة , والمعصوم أمره موكل كله إلى الله ؟ أم أن المتقدمين لخطبتها ليس فيهم كفاءة توازي كفاءتها عند الله باعتبارها هي سيدة نساء العالمين , فزوجها يجب أن يكون سيدًا عند الله وأقرب الناس إلى رسول الله لأن فاطمة هي أقرب النساء إلى قلب ومهجة الرسول حيث يقول عنها : فاطمة بضعة مني , وفاطمة روحي التي بين جنبي ؟.

    سؤال : ألا يستوقفنا هذا قليلا لنقارن بين علي بن أبي طالب عليه السلام , وبين من خطب الزهراء عليها السلام من كبار الصحابة ؟ وكيف أن رسول الله صلى اله عليه وآله بطريق غير مباشر بيَّنَ أن عليًّا أفضل منهم وأقربهم إليه بأمر الله وليس عن هوى أو عصبية ,…….فلنتأمل كثيرًا.

معركة أحد

    نترك الآيات التي صرحت ووصفت حال المسلمين في معركة أحد وكذلك نترك الأحاديث, ونمسك بما قاله المؤرخون عمن ثبت في ساحة الوغى ودافع عن رسول الله ودينه, فيروي القمي[2] ( ولم يبقَ مع رسول الله صلى الله عليه وآله إلا أمير المؤمنين عليه السلام وأبو دجانة الأنصاري , كلما حملت طائفة على رسول الله استقبلهم أمير المؤمنين ودفعهم عنه, ويقتل فيهم حتى انقطع سيفه , فجاء إلى رسول الله وقال له : يا رسول الله إن الرجل يقاتل بالسلاح وقد انقطع سيفي , فدفع إليه رسول الله صلى الله عليه وآله سيفه ذا الفقار , وقال قاتل بهذا , وسمعنا مناديًا ينادي من السماء ( لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي ) , ونزل جبريل على رسول الله وقال هذه والله المؤاساة يا محمد فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لأنني منه وهو مني .

    وهذا ما يهمنا من هذا الحدث, أي إن الإمام عليًّا من رسول الله والرسول منه عليهم أفضل الصلوات وآلاف التحية, أي هما رجلان من سنخ واحد , ويأتي هنا سؤال عرضي : لو أن أحدًا من عامة الناس رأى صديقه وكان رجل صالح في الشارع وقد تعرض إلى اعتداء من قبل رجل سيىء وشرير , هل يتركه أم يدافع عنه ؟ فكيف برسول الله صلى الله عليه وآله هذا الرجل الأقدس في الوجود , كيف يتركه الأصحاب يتعرض للضرب وللموت ويلوذون بالفرار , ولم يبقَ معه إلا الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام , فمن يستحق أن يكون خليفة من بعد الرسول, سؤال للتأمل كثيرًا.

معركة الأحزاب

    لو لم نورد إلا هذه الواقعة في هذا المختصر لكفتنا في ترجيح أفضلية الإمام علي عليه السلام على كل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله, لما فيها من عمق الوضوح والدلالة على أن الإمام هو أقرب الخلق إلى الله وأكثرهم حبا للجنة وأعظمهم عشقا للموت من أجل إعلاء كلمة الله ودينه الحنيف. وقف عمرو بن ود العامري وهو أشجع شجعان المشركين الذين حاصروا الخندق الذي حفره رسول الله صلى الله عليه وآله مع أصحابه لحماية أنفسهم وأهليهم, وقف بعد أن اقتحم الخندق مع نفر من أصحابه وهو يرتجز ويقول .

ولقد بُحِحْتُ من النداء بجمعكم هل من مبارز

               ووقفت إذ جَبُنَ الشجاع مواقف القرن المناجز

إني كذلك لم أزل متسرعًا نحو الهزاهز 

               أن الشجاعة في الفتى والجود من خير الغرائز

    ينقل الكراجكي أن النبي قال ثلاث مرات أيكم يبرز إلى عمرو وأضمن له على الله الجنة ؟ وفي كل مرة يقوم الإمام علي عليه السلام والقوم ناكسون رؤوسهم , فاستدعاه وعممه بيده فلما برز قال : برز الإيمان كلُه إلى الشرك كلِه .

فمر أمير المؤمنين عليه السلام يهرول في مشيته وهو يقول :

لا تعْجلنّ فقد أتاك مجيب صوتك غير عاجز

            ذو نية وبصيرة والصوت منجي كل فائز

إني لأرجو أن أقيم عليك نائحة الجنائز

           من ضربة نجلاء يبقى صوتها بعد الهزاهز

 

    أقول في سؤال : هل إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله المقربين لم يصدقوا به عندما قال لهم أني أضمن الجنة لمن يبرز لعمرو بن ود؟ هل أنهم لم يصدقوا أن هناك جنة لمن يستشهد بين يدي رسول الله ؟ أم إنهم فضلوا الحياة الدنيا على الآخرة ؟ أم إنهم استحبوا أن يهزم ويخذل رسول الله صلى الله عليه وآله أمام المشركين؟ هذه أسئلة على المنصف العاقل أن يجيب عليها بتجرد  ويستوضح من عقله مَن هو الأفضل أن يقود الأمة من بعد رسول الله ومن هو الأقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ هل هو من يخذل الرسول ويخاف من الموت أم من يهزأ بالموت ويقول من أجل الله ودينه ( لَاِبن أبي طالب أشوق إلى الموت من الطفل إلى محالب أمه ) , فتأمل كثيرًا .

الإمام علي في خيبر

    لا نطيل الكلام في هذه الواقعة لأنها جلية وزاهرة , فعندما حاصر النبي الأكرم صلى الله علي وآله حصون اليهود في خيبر,طال المكوث حولها فهي عصية ومحصنة,ودار ما دار من مناوشات بين الطرفي, وفي هذه الأيام قد أصاب الإمام عليًّا عليه السلام رمد في عينيه .

    روى ابن هشام[3] أن رسول الله صلى الله عليه وآله قد أعطى الراية لأبي بكر وسلمه الجيش ليفتح الحصن فانهزم ورجع يبطئ أصحابه ويبطئونه , وفي اليوم التالي أعطى الراية لعمر بن الخطاب فذهب ورجع خائبًا يجبن أصحابه ويجبنونه, فقال النبي ليست هذه الراية لمن حملها, جيؤوني بعلي بن أبي طالب .

    يروي المفيد في الإرشاد[4] فجاؤوا بعلي عليه السلام يقودونه إليه وقد أصابه الرمد، فقال له النبي اجلس وضع رأسك على فخذي ففعل ذلك علي عليه السلام، فدعا له النبيُّ، وتفل في يده ومسحها على عينيه ورأسه فانفتحت عيناه وسكن ما كان يجده من صداع في رأسه, ثم دعا له ومن ضمن ما قال له ( واعلم ياعلي أنهم يجدون في كتابهم الذي يدمِّر عليهم اسمه إيليا , فإذا لقيتهم قل لهم أنا علي فإنهم يخذلون إنشاء الله ).

    أقول: أين شجاعة الأصحاب من شجاعة علي عليه السلام ؟ ولماذا هو كرار غير فرار ؟ وهذا قول الرسول الكريم صلى الله عليه وآله , وسياق هذا القول يدل على الإطلاق , فهو ينفي فعل الفرار من القتال عن الإمام , لأنه يعتقد أن الثبات ملازم للأبطال المعتقدين بأحقية ما يقاتلون من أجله , وإن ماتوا وقتلوا فهم ذاهبون إلى الجنة وإلى عليّين , أما الذين يفرون من القتال إلى الدنيا الدنية فهم طامعون بما أوتوا من متاع قليل, قال الله تعالى بسم الله الرحمن {فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحيوة الدنيا بالآخرة ومن يقاتل في سبيل الله فيُقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجراً عظيماً }النساء

فتأمل كثيرًا.

سورة براءة

    وهذه الحادثة تستحق أن تذكر لما لها من دلالة واضحة على أن الإمام عليًّا عليه السلام له تخصص مُشْتَرِكٌ فيه مع رسول الله صلى الله عليه وآله في مسألة تبليغ الرسالة وأدائها ولكن نيابة خاصة عن رسول الله صلى الله عليه وآله, وهذا الامتياز لم يعطَ لأي من الصحابة حتى المقربين منهم مثل أبي بكر وعمر كما يدعون !!.

    يروي أصحاب التاريخ أن الرسول الكريم صلى الله عليه وآله قد بعث أبا بكر بآيات من سورة براءة ليبلغ بها المشركين في مكة فذهب , وبعدها نزل جبريل على الرسول وقال له لا يبلغ عنك إلا رجل منك , فاستدعى الرسول صلى الله عليه وآله الإمام علي عليه السلام وقال له الحق بأبي بكر وخذ منه الآيات وبلغ بها , فلحق به الإمام وقال له ارجع إلى النبي، فقال أبو بكر هل حدث فيَّ شيء ؟ فقال عليه السلام سيخبرك رسول الله , فرجع أبو بكر إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال ما كنتَ ترى إني مؤدٍّ عنك هذه الرسالة ؟ فقال له النبي أبى الله أن يؤديها إلا علي بن أبي طالب , فأكثر أبو بكر عليه من الكلام فقال له النبي وكيف تؤديها وأنت صاحبي في الغار؟

    ويعني رسول الله صلى الله عليه وآله في كلامه هذا – كيف تؤديها وأنت صاحبي في الغار – أنك كنت معي في الغار فجزعت ذلك الجزع حتى أني أسكنتك وقلت لك لا تحزن, وما كان قد دنا شر المشركين , فكيف تقوى على لقاء الكفار بسورة براءة وما أنا معك بل أنت وحدك ؟.

    ونسأل من جديد : لماذا لا يبلغ عن رسول الله صلى الله عليه وآله إلا رجل مثل علي عليه السلام وهل يوجد مثله؟  ثم ماذا يعني جبريل بكلمة منك ؟ ألا نفهم أن لحاق الإمام علي عليه السلام بأبي بكر وأخذه الآيات هو وضع الشيء في مكانه الصحيح ؟ فأين مكان الإمام علي في ولاية المسلمين وخلافة رسول الله صلى الله عليه وآله؟ فتأمل كثيرًا.

    أما الآن سنرسل إشارات تحفيزية للضمير المجرد والعقل المحترم لكي يقف متأملاً ويسأل نفسه, لماذا تفرد الإمام عليه السلام بهذه الإشارات دون غيره ؟ لابد من الجواب لكي يقف المسلم المكلف على حد السيف فإما ينزلق إلى الهاوية وإما إلى رضوان الله في اختياره لإمامه في الدنيا والآخرة .

    ولادة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام داخل الكعبة المشرفة والتي لم يسبقه أحد في هذه الفضيلة ولم يلحقه أحد بها و حتى الأنبياء, وكأن الله جل وعلا يقول لمن أراد أن يصلي له, عليك التوجه إلى ظاهر الكعبة ,واتباع من ولد في باطنها , فهذا الظاهر والباطن هما نقطتان على مستقيم واحد لا يفترقان.

    وكذلك الحج , فمن يطوف حول الكعبة وهو غير مقر بولاية علي وإمامته فلا حج له.

    عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال للإمام عليه السلام ( إنما مثلك في الأمة مثل الكعبة نصبها الله علما وإنما تؤتى من كل فج عميق وواد سحيق , وإنما أنت العلم ,علم الهدى ونور الدين , وهو نور الله) .

    أن كل الخلفاء الذين حكموا قبل أمير المؤمنين عليه السلام كانوا يستنجدون به في حل المعضلات التي كانت تواجههم وما هي بمعضلات فمنهم من قال لا أبقاني الله لمعضلة وليس لها أبو الحسن ومنهم من قال لست خيركم وفيكم علي وغير ذلك كثير, ألا يستوقفنا أنه سلام الله عليه لم يحتج في أي يوم من الأيام لأي أحد في حل معضلة ما أو أمر تشابه عليه كما احتاجه الكل الذي حكموا قبله؟

    أن الإمام عليًّا عليه السلام هو الوحيد الذي حارت فيه العقول حتى أن كثيرًا من الناس لم يغالوا به فحسب بل عبدوه لما رأوا منه من كرامات ومعاجز لا توجد عند غيره .

    وهو الوحيد في التاريخ البشري الذي قال سلوني قبل أن تفقدوني , أي اسألوني عن أي شيء تجدون جوابه لدي حاضرا,فأي علم لديك يا أبا الحسن؟ كيف لا وأنت النور الأول الصادر عن الله تعالى.

    الإمام علي عليه السلام هو من تفرد بعظيم مدح الناس عن مدح غيره حتى من قبل أعدائه مثل معاوية وأمثاله , أما من مدحه من غير المسلمين فلا حصر له وممن قال فيه: الشاعر جبران خليل جبران حيث قال 🙁 إن علي بن أبي طالب عليه السلام كلام الله الناطق وقلب الله الواعي نسبته إلى من عداه من الأصحاب شبه المعقول إلى المحسوس وذاته من شدة الاقتراب ممسوس في ذات الله) .

    وآخر ما نختم به هذا المختصر المتواضع هو كلام لرجل مسيحي عرف علي بن أبي طالب عليه السلام وعشقه وهام به وهو الكاتب المرحوم جورج جرداق حيث يقول فيه( حيثما تبحث عن العدالة ستجد عليا وأينما تنقب عن الإنسانية فإنك لن تلاقي نظيرًا له عليه السلام, فهو النموذج الأرقى والمثل الأعلى ومن مثله في إنسانيته وعدالته وأريحيته وأبوته وكرمه وشجاعته ؟ أين هم الخلق من علمه وأدبه وبلاغته وسعة صدره وحنانه ؟ نعم أين هم؟ وأين هو أبو الحسن ؟ وأين الثرى من الثرية؟ ).

    سبحان الله رجل مسيحي قد استدل على أفضلية الإمام علي عليه السلام على غيره من سائر البشر من خلال قراءات قرأها عنه , بينما من عاش معه زهد به ونحّاه جانبًا وجلس مكانه ,( ليتهم ما فعلوا ).

    وآخر دعوانا أن الحمد لله على كل حال وحشرنا الله مع الإمام علي عليه السلام وشيعته في منازل المخبتين.

 

1 – اعلام الورى ص- 87.

2 – تفسير أبو الحسن علي بن إبراهيم ألقمي.

3- سيرة عبد الملك بن هشام الحميري البصري ج-3

4 – الإرشاد للمفيد ص- 64

 

 المصادر التاريخية للبحث :

 المصدرالرئيسي: موسوعة التاريخ الإسلامي للشيخ محمد هادي اليوسفي الغروي .

تفسير ألقمي – أبو الحسن إبراهيم القمي –

سيرة ابن هشام – عبد الملك بن هشام الحميري البصري-

سيرة ابن إسحاق- محمد ابن إسحاق النديم البغدادي-

تفسير العياشي – محمد بن مسعود العياشي –

المحبر – محمد بن حبيب الهاشمي البغدادي –

الذرية الطاهرة – ألدولابي –

الإرشاد – محمد بن محمد النعمتان المفيد –

إعلام الورى – أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي –

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*