الحكمة – متابعة: تعلم شركات التبغ جيداً أهمية المرأة في المجتمع، لذلك تعمل منذ زمن طويل على جذبها لشراء منتجات نسائية من السجائر، كالسجائر الملونة والأنيقة التي ابتكرتها بطريقة بعيدة عن السجائر التقليدية الرجالية. طبعا الموضوع ليس جديدا، لكن طموح هذه الصناعة في جذب المرأة لا يتوقف، فقد وصل إلى درجة أن بعض شركات التبغ تعمل على توفير ميزانيات ضخمة من أجل دراسة سلوكيات واحتياجات الفتيات الصغيرات والنساء، ومن ثم تعمل على تلبيتها، ففي بعض الأحيان تروج لسجائر بطريقة المرأة المرغوبة وفي بعض الأحيان تظهر المدخنة على أنها امرأة مثقفة.
الدراسات الطبية تؤكد الحقيقة
ووفق ما نشرت منظمة ” Campaign for Tobacco Free Kids ” فإن التدخين أصبح منتشرا بشكل كبير بين النساء في الآونة الأخيرة خاصة في سنوات التسعينات من القرن الماضي، حيث أوضحت الدراسات الحديثة أن نسبة النساء المدخنات 18 بالمائة. صحيح أن النتائج تختلف من مجتمع لآخر ومن بلد لآخر لكن الحقيقة الصادمة أن شركات التبغ استطاعت أن تجذب النساء فعلا.
كيف أقحموا المرأة في عالم التدخين؟
في سنوات العشرينات من القرن الماضي كانت تستغل المرأة في إعلانات للسجائر كامرأة معجبة بالرجل المدخن، وفي إعلانات أخرى تروج فكرة أن الرجل المدخن يستطيع جذب النساء بسهولة، لكن في سنة 1927 ظهرت أول امرأة مدخنة في صورة لمجلة نسائية. ومن بين هذه الشركات التي تستهدف النساء لجذبهن في إعلاناتها هناك الماركة العالمية ” Lucky Strikes ” وكانت تجذب النساء في الوقت الذي كان فيه التدخين أمرا محظورا في المجتمع إلى غاية الحرب العالمية الثانية.
السجائر وعصر التحرر
ومنذ ذلك الوقت بدأت الشركات تستهدف النساء كجزء من المستهلكين، حيث استعانوا برموز للموضة والجمال والأناقة، وإلى غاية الآن مازالوا يقدمون النساء المدخنات على أنهن نساء أنيقات ومتحضرات ومثقفات. وفي سنوات الخمسينات بدأت الحملات الإعلانية تصبح موجهة للمرأة بشكل أساسي، وفي الخمسينات أصبحت الجهود مكثفة من طرف صناع التبغ للترويج للسجائر على أنها منتوج للمرأة أيضا وتزامن ذلك مع ما يسمى بحركات التحرر الذي عرفتها تلك الفترة. وظهر في ذلك الوقت منتوج تحت اسم ” Virginia Slims ” في سنة 1968. وأصبحت المرأة حينها هدفا رئيسيا في صناعة التبغ وتم الترويج إلى السجائر كنموذج لاستقلالية المرأة، فقامت شركة فيليب موريس بالترويج لمارلبورو تحت شعار ” You’ve Come A Long Way Baby “.
السجائر اللايت
عندما ظهرت شخصية سوبرمان قامت شركات التبغ باستغلال الشخصية للترويج لشخصية “سوبر وومان” التي تتصف بالعديد من الصفات والخصائص المميزة عن الرجل، وتم الجمع في الإعلان بين معلومات حقيقية وبين الإعلان للتدخين كمنتج موجه للمرأة الحديثة والمتحضرة. أما في مرحلة السبعينات والثمانينات، فاستغلت الشركات تصاعد نشاط الحركات الاستقلالية في الستينات ودعوات الكفاح والنضال من أجل الحصول على الحريات الفردية. ثم انتقلت عملية صناعة التبغ إلى إنتاج سجائر خفيفة القطران ” Low Tar ” الموجهة للسيدات و التي يطلق عليها البعض اسم ” Light “، وكان ذلك في منتصف السبعينات حيث روجت الشركات هذا النوع على أنه أخف و أكثر نعومة من باقي السجائر و الأٌقل ضررا حسب زعمهم، وهو الأمر الذي كذبته منظمة الصحة العالمية. وفي سنة 1978 أكد فيليب موريس أن عدد النساء المدخنات للسجائر اللايت بلغ 70 بالمائة من المدخنين بشكل عام، مما يعني أن الشركات نجحت في استقطاب النساء وخداعهن.