زراعة الأراضي الفارغة تقلّص حجم (الإرهاب) البيئي

369

28-2-2016-S-04

      الحكمة – متابعات: المنزل هو أساس عملية التربية البيئية في تنمية الشعور بالانتماء إلى المحيط والطبيعة، ولأن العاصمة بغداد وباقي المدن العراقية الأخرى عانت مشاكل بيئية كبيرة وخطيرة خلال فترات الحروب التي تعاقبت عليها، لم تتمكن الأجهزة والمؤسسات الحكومية من تطويق الكثير من الأزمات بسبب عدم تعاون المواطن وإعراضه عن القيام ببعض مسؤولياته الخاصة بالحفاظ على البيئة واستزراع المساحات الفارغة التي تحول قسم كبير منها إلى مكبات للنفايات، مع قصور لبعض الدوائر الخدمية في تنفيذ واجباتها وأعمالها.

في مناطق كثيرة من أحياء العاصمة بغداد توجد مساحات واسعة من الأراضي الفارغة أمام البيوت والمدارس والعيادات الطبية، أصحاب تلك البيوت قاموا باستغلالها لأغراض مختلفة، فمنهم من حولها إلى «كراج» أو مستودع أو سيجها من دون الاستفادة منها، بالرغم من أنها مؤشرة في تصاميم أمانة بغداد على أنها (مساحات خضراء) أي مخصصة للزراعة وليس لأي غرض آخر، الكثيرون استحسنوا فكرة زراعة تلك المساحات بالأشجار والخضراوات لأنها جملت الأحياء والأزقة وقلصت من رقعة النفايات التي كانت تحيط بأغلب الشوارع والبيوت وعكست منظرًا مريحًا للنفس البشرية التي ملت من مناظر الدمار والفوضى التي اجتاحت مدنًا كثيرة.

جمالية

في منطقة حي أور ببغداد استغل أحد أصحاب البيوت مع جيرانه الأرض الفارغة التي تزيد مساحتها على 150 متراً مربعاً أمام كل بيت في زراعة الخضراوات وأشجار النخيل والصفصاف، واتفق مع باقي جيرانه الآخرين على توسيع رقعة المساحة الخضراء أمام بيوتهم بشكل متسلسل وصولًا إلى أبعد بيت في الجهة الأخرى من الشارع، فعدد البيوت يتعدى الـ50 منزلًا، وحتى فترة قريبة كانت تلك الأرض المقابلة لبيوتهم من أكبر (المزابل) فالجميع كان يلقي بنفاياته ليلًا ليتحول الشارع في الصباح إلى منظر لا يسر الناظر، يقول عادل زاير (40) عامًا صاحب أحد البيوت في تلك المنطقة وفقًا لـ(الصباح):
“لم نستطع التخلص من مشكلة النفايات التي تتراكم يوميًا بشكل مخيف، وبحثنا في حلول كثيرة سرعان ما كانت تفشل بسبب عدم السيطرة على لامبالاة الكثيرين من غير المهتمين بنظافة المنطقة والمدينة، ثم لجأنا إلى فكرة زراعة تلك المساحات الفارغة بشكل منتظم ومتابعتها والإشراف عليها ونجحت الفكرة، إذ تحولت إلى حدائق جميلة لم تعد تغري أبناء المنطقة في إلقاء النفايات فيها، كما أن الكثيرين من أصحاب البيوت الأخرى استعانوا بنا لزراعة أراضيهم الفارغة، وأصبحت زراعة (فضلات الأرض) في جانب وأمام البيوت أمراً مستساغا من قبل الجميع”.

اقتصاد منزلي

وأشار المواطن سلمان خضير (55 عاما) من أهالي الحي نفسه إلى:
“استغلال زراعة الأرض أمام منزله بمحاصيل شتوية وخضراوات متنوعة، أسهم في اكتفائه ذاتيا، مبينًا أنه قام بزراعة الخيار والطماطم والبامياء والباذنجان والبطيخ والفجل، وقام بغرس ثلاث أشجار نخيل أضفت منظرًا جميلًا على الأرض المزروعة في المنطقة، فبالإضافة إلى التخلص من النفايات التي كانت تتجمع أمام البيوت، وأصبحت تلك المساحات توفر لنا سلة غذاء منزلي وتغني عن الحاجة إلى شراء أنواع مختلفة من الخضراوات وبالإمكان أن تزيد غلة تلك المساحات، لكن الغاية الأساسية منها هي إبراز الجانب الجمالي والبيئي، ولذلك اقتصر الإنتاج منها بشكل بسيط وبما يكفي ذاتيًا لعائلة واحدة بشكل يومي تقريبا”.

إرهاب بيئي

يقول رائد عبد الواحد (35) عامًا:
“تكدس النفايات في الساحات والأراضي الفارغة وحرقها ليلًا أو صباحًا منظر مؤلم يبعث في النفس البشرية القلق والخوف من انتشار الأمراض ولاسيما لدى الأطفال، فالنفايات الصلبة تعمل على تكاثر المكروبات التي تؤدي إلى الإصابة بالإسهال والكوليرا، بالإضافة إلى منظر الحي أو الزقاق الذي يوحي بمدى تردي الأوضاع البيئية المحيطة بالسكان، فاتساع مساحات النفايات أصبح نوعًا من الإرهاب البيئي الذي يقض مضاجع الناس ويثير خوفهم من تفشي الأمراض الوبائية، ولذلك نجد أن المواطن العراقي أصبح متقبلًا لأي فكرة أو مشروع تتبنى إنقاذ مدينته أو حيه السكني وجعله مكانًا نظيفًا ولعل فكرة (ازرع في بيتك) هي من الأفكار الجميلة والعملية في زيادة رقعة المساحات الخضراء في داخل وخارج المنازل وفي الساحات العامة والجزرات الوسطية، لأنها ستفرض على الكثيرين حمل نفاياتهم بعيدًا وتخليص الشوارع من مشكلة فوضوية القمامة التي ترمى في جميع الأماكن من دون محاسبة قانونية”.

تشجيع ومساندة

أعضاء في مجلس النواب يرون أن إطلاق حملات توعية المواطنين وتشجيعهم على استغلال وزراعة مساحات الأراضي المتروكة في المناطق السكنية من شأنه أن يسهم في إعادة الحياة لها ويؤدي إلى اضفاء الجمالية على المكان وتحسين البيئة إضافة إلى العامل الاقتصادي الذي يعد مهما للعائلة العراقية في توفير حاجتها اليومية من الأغذية النباتية بحسب المساحات المزروعة بما يحقق الفائدة للجميع، عادين هذا المشروع مساعداً على زراعة جميع المساحات الفارغة وتحويلها إلى أماكن خضراء جميلة.

س م

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*