ما هو السبب الحقيقي لعدم انسجامك في العمل؟

416

nurus-inno-stry

الحكمة – متابعة: يريد كل شخص أن يشعر بأنه ينتمي إلى المكان الذي يعمل به وأنه مقبول من العاملين معه. وقد يكون هذا الأمر جيدا عندما تكون طالبا في الجامعة ويمكنك اختيار أصدقائك، لكن الوضع يختلف تماما عندما يتعلق الأمر بوظيفتك الأولى – أو حتى في وقت لاحق من حياتك المهنية عندما تكون أولوياتك مختلفة تماما. لكن ماذا لو كانت وظيفتك تعتمد على العمل بشكل وثيق مع زملائك طوال الوقت؟ وكيف يمكنك العثور على ثقافة الشركات التي تناسبك؟

إبرة في كومة قش

يقول توم غيمبل، المسؤول التنفيذي ومؤسس شركة “لاسال نيتورك” للتوظيف في شيكاغو: “لا توجد ثقافة عمل واحدة تناسب الجميع، ولا يمكن أن تكون ثقافة شركة واحدة مناسبة لك طوال حياتك المهنية.”

وأضاف أنه في الوقت الذي تنمو وتتطور فيه كمهني، فإن الأشياء التي تحفزك قد تتغير، مما يعني أن نوع الثقافة التي تبحث عنها أو تتناسب معها على أفضل وجه “قد تتطور أيضا”.

المال لم يعد كل شيء

إذن كيف تعرف ما هو المكان الذي يمكنك الانسجام فيه مهنيا؟ بينما كان المال هو العامل الحاسم للعديد من الباحثين عن عمل في السابق، فقد حدث تحول خلال السنوات الأخيرة نحو إيجاد ثقافة الشركات المناسبة ونوع القيم التي تتبناها تلك الشركات، حسب شوشانا دوبرو ريزا، وهي أستاذ مساعد في قسم الإدارة بجامعة لندن للاقتصاد.

وأضافت ريزا: “يركز الناس الآن بشكل أكثر على ما هو مفيد لهم في أعمالهم – واختيار مؤسسات تمكنهم من تحقيق هذا النوع من الأهداف”.

الأولويات

ويقول غيمبل من شركة “لاسال نيتورك”: “إذا كنت تريد أن تعرف ما إذا كنت ستنجح في شركة ما، فعليك أن تفهم ما هو مهم بالنسبة لك وما هي حوافزك ونوع البيئة التي تنجح فيها.”

ويقترح غيمبل على الشخص المعني بذلك أن يدرس جيدا الأشخاص المؤثرين في ماضيه والذين جعلوه يقدم أفضل ما لديه، سواء كانوا مدربين أم أساتذة أم مستشارين، وأن يسأل نفسه: ما هي الصفات التي كانوا يتمتعون بها؟ ثم يسأل مديره المحتمل خلال المقابلة عن كيفية أسلوبه في الإدارة، وعندئذ سيعرف هل يوجد أي شيء مشترك بين الشخصيتين أم لا.

البيئة المحيطة

عندما كنت في الجامعة، هل كنت واحدا من أولئك الذين برعوا في عمل جماعي؟ أم أنك كنت تفضل العمل باستقلالية حسب جدولك الزمني؟ هل كان يتعين عليك العمل في الجزء الهادئ من المكتبة، أم كنت تنجح في العمل في مقهى مزدحم؟

يقول غيمبل إن “إجاباتك على هذه الأسئلة تخبرك بنوع البيئة التي تنجح فيها”. ويضيف: “إذا كنت بحاجة إلى الهدوء للعمل بشكل فعال، فإن أي مكتب مفتوح دون حواجز قد لا يكون الأنسب لك. استعلم عن ذلك خلال المقابلة. وإذا كنت تفضل العمل باستقلالية، فاسأل عن فرق العمل بالشركة وعن كم العمل الجماعي في مقابل المشروعات المستقلة”.

تحول ثقافي

تقول كات كوهين، الرئيس التنفيذي ومؤسس شركة “ايفي وايز” للاستشارات التعليمية في نيويورك، إن المرء يتعين عليه التفكير أيضا فيما تعلمه من أي دورات تدريبية صيفية أو خبرات عمل سابقة. هل كان هناك شركة شعرت حقا أنها مناسبة لك وأقمت اتصالات معها فعلا؟ أم أنك كرهت الدورة التدريبية منذ البداية بسبب طبيعتها السريعة والتي تتطلب تعاون الجميع؟

وأضافت كوهين: “من المهم للشخص تحديد ثقافة الشركة التي يعتقد أنه قد ينجح بها وأن يبحث جيدا عن الشركات التي تجسد ذلك المعنى”.

وتنصح كوهين بالاعتماد على شبكة المعارف من الأصدقاء والعائلة ومواقع خريجي الجامعات ومواقع البحث عن وظائف مثل “غلاسدور” لتحديد الشركات التي قد تناسب مهاراتك ومتطلباتك.

وتقول: “اجلس واسأل شبكة معارفك بعض الأسئلة، فالتحدث إلى أكبر عدد من الأشخاص فكرة جيدة دائماً”.

ليس مناسبا دائما

تقول كوهين إنه لشيء مثالي أن تجد العمل المناسب لك وأن تندمج فيه. لكن ليس هناك مجال دائما لأن تكون انتقائيا إزاء ثقافة الشركة كأول وأهم شيء، خاصة إذا كنت قد تخرجت للتو من الجامعة.

وتضيف: “معظم الخريجين يحتاجون وظيفة وحسب، وعليهم قروض طلابية يفكرون في سدادها، ومن الصعب الحصول على فرصة عمل. فالشركات أساسا تغامر عندما توظف شخصا حديث التخرج في سوق العمل بدوام كامل، وقد ينتهي المطاف بالشخص الذي يبحث عن عمل بقبول وظيفة في شركة ليست خياره الأول أو لا تجسد كل الخصائص التي كان يبحث عنها في البداية”.

وتطالب كوهين باكتساب الخبرات اللازمة وبناء شبكة علاقات مع المتخصصين، حتى لو كان المنصب ليس ما تخيله المرء.

الأولويات تتغير

عندما يصبح المرء في منتصف مشواره المهني، فإن احتياجاته من حيث مسؤوليات الوظيفة وما يمكن أن تقدمه قد تتغير.

يقول غيمبل: “قيم ما هو مهم بالنسبة لك”. هل تبحث عن مزيد من المرونة، ومزيد من الاستقلالية؟ هل تريد أن تترقى أم أنك راض بما أنت عليه؟ هل تريد الدفع بالوضع الراهن إلى الأمام أم أنك راض بالتوقيع لدى الدخول والخروج من العمل وفعل ما يطلب منك وحسب؟

يضيف غيمبل: “حال فهمك لما تبحث عنه، ستكون في موقع أفضل لتقييم ما إذا كنت ستنسجم مع ثقافة الشركة أم لا.”

وعندما تنتقل إلى المرحلة الأخيرة من حياتك المهنية، من المهم أن تعيد النظر في تلك الأولويات. ويسأل غيمبل: “هل تريد أن تكون محاطا بزملاء أصغر منك سنا، أم تريد أن تقترن بأناس من نفس سنك ومنصبك؟ هل تريد أن تتعلم وأن تواجه تحديات، أم أنك تبحث فقط عن مكان تنهي فيه حياتك المهنية قبل التقاعد؟”

إذا كانت إجابتك هي التعلم والنمو، فإنك حينئذ قد ترغب في السؤال عن برامج التوجيه العكسي التي تتيح لك التعلم من زملائك وعن التطور المهني الذي يقدم لشخص لديه مهاراتك ومنصبك.

صعود وهبوط

تقول دوبرو ريزا: “هناك أسطورة تقول إنه بمجرد البدء في العمل فإن النجاح المهني سيتوالى ويتخذ مسارا تصاعديا، وهذا خطأ. وبدلا من ذلك، من الأفضل لنا جميعا أن نتحكم في توقعاتنا وأن نتوقع صعودا وهبوطا وصدمات خارجية وفترات بلا عمل، إلى آخره. خلاصة القول هي أن نتوقع تغييرا في حياتنا المهنية وليس استقرارا”.

أما شون ميرفي، الرئيس التنفيذي ومؤسس شركة “سويتش أند شيفت” للاستشارات الإدارية في مدينة ساكرامنتو بولاية كاليفورنيا الأمريكية، فيقول إنه في الوقت الذي قد تتغير فيه أولوياتنا على مدى حياتنا المهنية، فإننا جميعا نبحث عن الشيء نفسه في نهاية المطاف.

ويضيف: “نريد جميعا أن نعمل في ثقافة نعامل فيها كناضجين وبالغين نعمل بمهنية عالية ولدينا استقلاليتنا ونعمل لتحقيق طموحاتنا ولدينا عمل وعلاقات هادفة”.

إليزابيث غارون-بي بي سي

س ف

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*