بينما كنت في بيت المرجع السيّد محسن الحكيم قدّس سرّه، اتَّصَل سادن الروضة العبّاسيّة المقدّسة السيّد بدري ضياء الدين هاتفيّاً بالسيّد الحكيم ليخبره بأنّ السرداب قد امتلأ ماءً (وهو جارٍ من نهر العلقمي)، ويخشى انهدام الحرم بكامله وبضمنه القبر الشريف لأبي الفضل سلامُ الله عليه، فيجب التعجيل بحلّ هذه المشكلة.
أجابه السيّد الحكيم: سنأتي بإذن تعالى الجمعة القادمة، وسنعمل ما في وسعنا إن شاء الله.
كانت الجمعة، فذهب السيّد الحكيم ومعه جمع من العلماء إلى مدينة كربلاء المقدّسة، وتشرّفوا بالدخول إلى الحرم العبّاسي الطاهر، وكنت أنا مِن جملتهم ( والحديث ما زال لسماحة السيّد الكاشاني ). ثمّ نزل السيّد الحكيم إلى السرداب المقدّس للاطّلاع عن كثبٍ وقربٍ عمّا يحدث، فما أن مدّ نظره ورأى ذلك المنظر حتّى جلس وأجهش بالبكاء بشكلٍ لم نألفه مِن قبل، مما لفت أنظارنا بشدّة. تقدّمتُ أنا، فتطلّعتُ لأرى ما الخبر وما الذي أبكى السيّد الحكيم (رض) ، فإذا بي أرى ما يثير الإعجاب! فقد حار الماء حول قبر العبّاس عليه ولم يَدْنُ منه مع ارتفاعه، دار الماء حول القبر المبارك من كلّ جهه بصورةٍ وكأنّ حائطاً يمنعه من الوصول إلى القبر الشريف!
وكان على مسافةِ مترٍ واحدٍ تقريباً، أمّا المسافة المتبقّية بين القبر والماء فقد كانت تراباً لم يدنُ منها الماء، بحيث كنت أنفخ فيها فكان التراب يتطاير منها، علماً أنّ الماء كان في فَوَرانٍ يجري بقوة محاذاةً للقبر الطاهر.. وقد أمر السيّد الحكيم بترك الباب المؤدّي إلى القبر الشريف مفتوحاً أمام أبناء كلّ الطوائف والأديان ليروا بأُمّ أعينهم هذه الكرامة لأبي الفضل العبّاس عليه السّلام.