أطفال نبل والزهراء يصارعون الهاون والجوع: حكاية 18 شهرًا من الحصار
من منا لم يسمع بحصار غزة اليوم يعاد حصار غزة مرة أخرى ولكن هذه المرة على أرض سورية ومن إرهاب سوري .
نبل والزهراء تعيشان حصاراً يشبه ذلك الحصار الذي فرضه الاحتلال الاسرائيلي على غزة، ولمن لا يعرف نبل والزهراء.
هما بلدتان صغيرتان تقعان في الشمال من محافظة حلب قرابة الـ 20 كم ، يبلغ عدد سكان مدينة نبل حوالي 35000 نسمة وبلدة الزهراء حوالي 25000 تعيش هاتان البلدتان حصاراً خانقاً من قبل المجموعات المسلحة.
منذ بداية الاحداث في حلب سيطر مسلحو المعارضة على الطريق الوحيد التي تربط الريف الشمالي بالمحافظة ، وهو طريق يصل بلدات وقرى منطقة اعزاز بمدينة حلب ومعروف باسم (طريق غازي عنتاب ) ، وأطبقوا حصاراً خانقاً على بلدتي نبل والزهراء …، وبسبب ذلك الحصار تعددت حكايات المعاناة .
البداية كانت من رغيف الخبز. لقد بات رغيف الخبز في هاتين البلدتين سلعة نادرة ولم يعد من السهل أن تحصل على لقمة العيش لأطفالك في ظل حصار خانق ، بيد أن معاناة أهالي نبل والزهراء لم تقف عند هذا الحد ، فانقطاع التيار الكهربائي والغاز الضروري للطبخ جعل الطهي في المنازل أكثر صعوبة ، وعادت مواقد الحطب التي تنتمي إلى حقب سابقة لتحتل زاوية في كل بيت.
وقع الحصار الذي تفرضه المعارضة المسلحة وانقطاع كافة الطرق المؤدية للبلدتين شكل تهديدًا حقيقيًّا على الوضع الغذائي في هاتين البلدتين ، فأغلب المحال التجارية مغلقة أو فارغة تماماً.
تعددت حكايات المعاناة فكان لطلاب العلم والجامعات أيضاً نصيب منها رغم أن العلم ليس أولوية في بيئة المعارك ، ولكن الحدود التي يصطنعها المسلحون تضع حداً للكثير من أحلام الطلاب وآمالهم ، فالوصول إلى صفوف الدراسية الجامعية لهذا العام بات رهناً بانتهاء المعارك ، وهو مالا يتوقع قرب حصوله حتى أكثر المراقبين تفاؤلاً .
ماعقَّدَ الأمور أكثر من الحصار هو مشكلة الاختطافات فأهالي ريف حلب بشكل عام يعانون من فقدان الأمان على الطرقات الدولية والتي جعلت الصراع هنا يتحول لحرب اختطافات حقيقية . عشرات المخطوفين من أهالي هاتين البلدتين بعضهم كتب له الحرية والنجاة والبعض الآخر مازال يقبع في سجون المعارضة.
تحسن علاقات الحكومة السورية مع أكراد الشمال شكل جانباً إيجابيًّا انعكس على سكان بلدتي نبل والزهراء ، فبات الطريق الوحيد لإدخال بعض المواد الغذائية من منطقة عفرين المجاورة لبلدتي نبل والزهراء انما بأسعار مرتفعة جداً وكميات قليلة لا تلبي حاجات السكان هناك ، ولكن ( الرمد أهون من العمى ) هذا مايقوله السكان في تلك المنطقة . لم تقف المعاناة عند هذا الحد فقط ، فقذائف الهاون ورشقات الرصاص التي يتم إطلاقها على هاتين البلدتين بشكل عشوائي بات أمراً عادياً ، وصور الدمار لم تعد بغريبة على الناس هنا.
يومياً يسقط مايقارب العشرين قذيفة على البلدتين محدثةً عدداً من الأضرار المادية وموقعةً شهداء وعدد من الإصابات المتفاوتة بين المدنيين . هذا عدا المحاولات اليومية لاقتحام البلدتين ، ولكن قوات الدفاع الوطني تشكل عائقاً امام دخول المسلحين لتلك البدة . لا يمضي يوم إلا وأحداث الحرب تخط سطورها على قرى وبلدات ريف حلب الشمالي .
بعد انسحاب الجيش السوري من مطار منغ العسكري وتوقف العمليات العسكرية في الريف الحلبي بشكل عام لم يبق عائقٌ لدى المجموعات المسلحة للسيطرة على مجمل الريف إلا بلدتي نبل والزهراء, ولأجل هذا الهدف تقصف المجموعات المسلحة البلدتين بوابلٍ من القذائف الصاروخية والهاون بشكل عشوائي بغية إخضاع أهلها .
لم تكتف المجموعات المسلحة بالحصار والتجويع فقط هذه هي الحال اليومية لبلدتي نبل والزهراء .
الله أكبر ( قصف معاقل الشبيحة في بلدتي نبل والزهراء )
هذا مايقوله المسلحون دائماً بعد كل صاروخ وقذيفة هاون مغلفة بالحقد والإجرام يرسلونها إلى تلك البلدتين . صليتان متتاليتان من الصواريخ كافيتان لحصد ارواح العشرات من الاطفال ، هذا مايميز الحلقات اليومية من مسلسل القذائف على بلدتي نبل والزهراء .
الأطفال لهم النصيب الأكبر دائماً من هذه القذائف. عشرات الاطفال يومياً ما بين شهيد وجريح . منهم من وصل عمره إلى السنة فيما لم يتجاوز أكبرهم الثامنة عشرة.
توقف العمليات العسكرية في حلب وريفها شكل هاجساً أمام سكان بلدتي نبل والزهراء وأملاً بعودة الجيش العربي السوري إلى الريف الشمالي وفك الحصار عن هاتين البلدتين.
شيعة نيوز