خبير نفسي: من المفيد أن تعلم أنك لست وحدك في هذه المأساة!
636
شارك
الحكمة – متابعة: بعد الاعتداء المأساوي الأخير في برلين وما نجم عنه من صدمة اجتاحت البلاد، حاورت DW الخبير النفساني كريستيان لودك حول سبل التعايش مع الصدمة الجماعية أو المجتمعية في مثل هذه الحالات.
DW: كيف يمكنك تعريف الصدمة العصبية بدقة؟ هل يوجد ما يعرف بصدمة عصبية جماعية أو مجتمعية وليست فردية فقط؟
“في اللغة اليونانية، تعرف الصدمة العصبية بالجرح، في بداية الأمر استخدم ذلك المصطلح الجراحون عندما كانوا يتحدثون عن جروح العمليات الجراحية، ومنذ ذلك الوقت بدأ استخدام الكلمة بشكل مستعار للتعبير عن الجرح العاطفي”.
“تحدث الصدمة العصبية دائما عندما تخوض تجربة صعبة تضعك في موقف ضغط نفسي رهيب، وهي تتشابه مع ما يسمى بالتهتك، والذي لا يُشفى إلا برعاية خاصة وجيدة، أنها أشبه بالجروح العادية، فيجب أن تنظف الجرح وتتركه كي يلتئم، وكذلك الأمر بالنسبة للجروح النفسية، وهذا يعني أنه عندما يمر أناس بتجربة قاسية مثلما حدث في برلين مساء الاثنين الماضي، سيظهر على الناس أعراض غريبة جدا”.
“ستجدهم متعبين للغاية، ومثقلين بتلك الصور في ذاكرتهم عن هذا الحادث البشع، لكن حتى تلك الجروح يمكن معالجتها إذا ما تم تنظيفها جيدا”.
ما الذي يساعد في القيام بذلك؟
في مثل تلك الظروف نحتاج إلى أكبر قدر من المعلومات، فنحن نحتاج لشرح تلك العوارض لأنفسنا بأنها أمر طبيعي، وذلك يعني أن أية عوارض تظهر على أي شخص مهما بدت غير طبيعية، يجب أن نعتبرها ردود فعل طبيعية للمواقف المجنونة، فهذا يعني أنني لست مجنونا إذا لم يكن باستطاعتي النوم أو مشاعري مضطربة، فهذا الموقف ليس غير طبيعي فقط، بل هو موقف جنوني.
ذكرت معلومات مؤكدة، وهي مناشدة لوسائل الإعلام ألا تسقط في الهيستريا، لكن عليها أن تستمر في أن تقدم تقارير بشكل جدي؟
بالقطع! من المهم للغاية أن تستمر (وسائل الإعلام) بالعمل الصحفي، ومع ذلك، فهي بحاجة أن تقدم تقارير جدية، خاصة في “الإعلام الجديد” الذي يمكن أن يكون مفيدا جدا. عندما أرى، على سبيل المثال، أن الشرطة نشرت شيئا ما، ثم يمكنني أن أتأكد من هذه المعلومة. قد تكون أكثر مأساوية وخطورة عندما تصبح مثل هذه المعلومات المؤكدة مختلطة بنظريات الخوف والمؤامرة. ثم تحدث ديناميكية التفاعل فجأة والتي هي بالقطع غير مفيدة وتسبب ضررا أكثر من نفع.
عندما تتحدث عن الإعلام الجديد، يقفز إلى الذهن زخم التضامن الذي تلي هجمات سابقة. إلى أي مدى هذا الأمر مهم للناس؟
أعتقد أن المشاركة في شيء ما مثل هذا مهم بشكل لا يصدق، لأن الناس يمكنهم خلق مصير متماثل في فترة وجيزة. وكما يقول المثل القديم، “الحزن المشترك هو نصف الحزن.” من المهم للغاية أن نرى: “أنا لست وحدي في هذا الأمر. من المألوف أن أتصرف بالطريقة التي أتصرف بها ولست في حاجة لأن أشعر بالخجل.” من المهم أن تتبادل الناس المعلومات وتبني محيطا مجتمعيا حولنا، لأنه في القيام بذلك، نخلق معارضة لقوة العنف والإرهاب عبر عناية كل منا بالآخر.
بعد الهجمات الأخيرة، يتساءل الناس في أغلب الأحيان عن كيفية التصرف السليم: هل نتجنب المساحات العامة، أو ينبغي ألا نغير كل شيء حتى لا يملى علينا أسلوب حياتنا؟ هل هناك أي نصيحة عامة يمكنك تقديمها أم أن الأمر متروك لكل شخص بشكل فردي؟
بشكل عام سوف أبعث برسالة إلى الأشخاص والجمهور بألا يدعوا الخوف يتملكهم وألا يدعوا أنفسهم يوقفوا القيام بالأمور التي يقومون بها كل يوم. وإلا سوف يكون الإرهابيون أو الأشخاص الذين يقفون وراء الهجمات قد حققوا هدفهم، الذي هو نشر الخوف والإرهاب وتخويف الناس.
نحن أيضا لسنا بحاجة إلى الخوف المفرط أكثر من اللازم. بالطبع، هناك حالات فردية يكون فيها الناس خائفين بشكل خاص. يمكنهم اتخاذ القرار بأنفسهم بألا يغادروا المنزل. لكن في مجتمع مفتوح، مثل الذي نعيش فيه، الأمن ليس مضمونا بنسبة 100 في المائة. يجب أن نعود إلى الحياة الطبيعية التي نمارسها كل يوم بأسرع وقت ممكن. الروتين اليومي يمنحنا الأمان، نحن على دراية بهذا الأمر.
لا يجب أن ندع أنفسها نتراجع عن حضور الفعاليات الكبيرة. بالطبع، علينا توعية الناس أن يصبحوا أكثر انتباها. لكن يجب أيضا أن نتأكد أن السلطات والشرطة أو القضاء، تعمل بجدية في مكافحة الأسباب الجذرية. هذا هو الاحتمال الوحيد الذي لدينا للعثور على حل طويل المدى.
قضية الهجرة كانت محور نقاش في ضوء الهجوم. كيف يمكننا منع أنفسنا من البحث عن كبش فداء والاستسلام للهستريا؟
يمكننا فقط حماية أنفسنا عبر إطلاع أنفسنا بحرص شديد. رغم أنه رد نموذجي للغاية، فلا ينبغي علينا بناء أحكام مسبقة. “اللاجئون” لا يمكن تعميم الأمر عليهم. كثير منهم أشخاص رائعون. من بين هؤلاء اللاجئين، مثل بقية المجتمع، هناك أيضا أفراد بمستوى عال من الطاقة الإجرامية، بعضهم ينتمي إلى الجماعات المتشددة. عليك أن تميز بين الشخص والأيديولوجية. لا يمكننا التعميم ونقول أن “كل اللاجئين هذا أو ذلك…”. أحذر بشدة من ذلك.