لهذه الأسباب أخفي قبر الزهراء وأصبح لغزاً!
أكثر المواقف إيلاماً هو أن تقف في مكان ما، وفي زمان ما أيضا لم يحسم أمر تحديده، وتقرأ “السلام عليك أيتها الصديقة الشهيدة، السلام عليك أيتها الرضية المرضية…” دون أن تلامس أصابعك شباكاً مذهباً أو تشم أريجاً مألوفاً لك في مراقد سبق أن زرتها في مدن العراق المقدسة.
في مثل هذه المواقف النادرة الحدوث يقصد الملايين روح الزهراء، عليها السلام، لا جسدها الذي لا يزال قبره مجهولاً.. مخفياً بوصية منها.
وسط هذه التراجيديا التي لا يستشعرها إلا عرفاء الشوق المكتفين بأمل الوصال الروحي مع محور الوجود؛ يتساءل آخرون: لماذا أخفي قبر الزهراء، عليها السلام، ولم يكن لها مرقداً يحج إليه محبيها؟
يجيب مركز الأبحاث العقائدية عن هذا التساؤل العريض بما يلي:
هناك عدة أمور نذكرها تباعا:
1- إن الزهراء، عليها السلام، قد أوصت أمير المؤمنين في أن يخفي قبرها، حيث روي عن الإمام الحسين، عليه السلام، قال: “لما مرضت فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وصّت إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) أن يكتم أمرها ويخفي خبرها, ولا يؤذن أحداً بمرضها, ففعل ذلك وكان يمرضها بنفسه وتعينه على ذلك أسماء بنت عميس رضي الله عنها على الاستسرار بذلك كما وصّت به، فلما حضرتها الوفاة, وصّت أمير المؤمنين (عليه السلام) أن يتولّى أمرها, ويدفنها ليلاً ويعفي قبرها, فتولى ذلك أمير المؤمنين (عليه السلام) ودفنها وعفى موضع قبرها…) (أمالي المفيد ص 281 ح 7 , أمالي الطوسي ح 1 ص 107).
الحكمة من دفنها سراً
2- هناك بعض الروايات تعرضت لبعض وجوه الحكمة من دفن الزهراء (عليها السلام) سراً واخفاء قبرها (عليها السلام)، منها:
3- عن ابن نباتة قال: سئل أمير المؤمنين (عليه السلام) عن علة دفنه لفاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسلم ليلاً؟ فقال (عليه السلام): (إنها كانت ساخطة على قوم كرهت حضورهم جنازتها وحرام على من يتولاهم أن يصلي على أحد من ولدها) (أمالي الصدوق ص 523).
4- عن ابن البطائني عن أبيه قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام): لأي علّة دفنت فاطمة عليها السلام بالليل ولم تدفن بالنهار؟ قال: (لأنها أوصت أن لا يصلي عليها الرجلان الاعرابيان) (علل الشرائع للصدوق ج 1 ص 185).
أكثر من حقيقة
3- عن دفن الزهراء (عليها السلام) سراً وإخفاء قبرها يكشف عن أكثر من حقيقة:
أ- أن يتساءل المسلمون عن السبب الذي لاجله لم تحظ الزهراء (عليها السلام) بما حظيت به نساء عصرها من أن يكون لها قبر مع أنها المرأة الاولى في الكون فضلاً وتقوى وهدى.
ب- موقفها تجاه الذين ظلموها وغصبوا حقها وباعوا آخرتهم بدنياهم.
ج-التعبير الحقيقي عن مرارة الأحداث التي تجرعتها ممن ظلمها.
المصدر: مركز الأبحاث العقائدية، تحرير: غرفة الأخبار
الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة