معاناة مادية واجتماعية تواجه المبتعثين العراقيين في ألمانيا

327

001الحكمة – متابعة: تزداد معاناة العراقيين في ألمانيا بسبب أوضاع العراق غير المستقرة، والشريحة المتضررة أكثر هم طلبة الدراسات العليا. فهؤلاء يعانون مرتين، إحداهما بسبب قطع تمويل المنح الدراسية والأخرى بسبب قضية اللاجئين في ألمانيا عموما.

يعاني طلاب الماجستير والدكتوراه العراقيون في ألمانيا من قطع منحهم الدراسية؛ نظراً للمشكلة المالية وأزمة التقشف في العراق. وأصبح هؤلاء مهددين بترك الدراسة بعد سنوات طويلة من التعب والحلم بشهادة عليا.

حلم إتمام الشهادة العليا بات أمراً صعبا وشبه مستحيل بالنسبة للطالبة العراقية “هـ” التي تدرس الماجستير في إحدى الجامعات بولاية شمال الراين ويستفاليا، كما تقول لـ DW عربية. وتحكي “هـ” أنها تحمل معها خيبات أمل بسبب ما تمر به من أيام عصيبة وصراع، وهي ترى كيف تتلاشى أحلامها أمام عينيها بعد ثلاث سنوات من السهر والتعب والدراسة الجامعية في ألمانيا.

قطع المنحة يهدد الدراسة والإقامة

وبعد أن أصبحت مواصلة دراستها في ألمانيا تواجه عوائق كبيرة كتبت طالبة الماجستير “هـ” مع مجموعة من طلبة الدراسات العليا اعتراضا على قطع دعمهم المالي من قبل وزارة التعليم العالي العراقية. وتقول الطالبة بهذا الصدد: “قامت الحكومة العراقية بإجراءات تقشفية وبسببها قطعوا عنا رواتب المنحة، ونحن الآن نقف حائرين أمام مصير مجهول”.

لكن هذه ليست المرة الأولى، التي يواجه فيها الطلاب العراقيون أزمة كهذه، إذ تكررت حالات مشابهة في الأعوام الماضية لكثير من الطلاب العراقيين، وتسببت في صعوبات لمسيرتهم العلمية. وفي كل مرة كان عليهم تحمل تكاليف الدراسة والمعيشة في ألمانيا على حسابهم الشخصي، بينما كانوا يبحثون عن حل لاستمرارية المنحة مع وزارة التعليم العالي في العراق.

وليس ذلك فحسب، بل ونتيجةً لتوقف منحتهم المالية واجه الطلاب متاعب أخرى عند تقديمهم طلب تمديد الإقامة لدى السلطات الألمانية. فالسلطات المختصة تشترط لتمديد الإقامة أن يكون لدى الطالب إثبات يفيد كيفية تمويله لدراسته. وفي حالة عدم وجود ضامن؛ فيجب على الطالب الأجنبي أن يكون لديه حساب بنكي مغلق به على الأقل نحو 9 آلاف يورو للعام الدراسي الواحد. ويزداد المبلغ بالطبع لمن ترافقه عائلته. وتصف الطالبة “هـ” لـ DW عربية خيبة أملها قائلةً: “كنا نأمل في أن تغير السلطات الألمانية قرارها بهذا الشأن لكن لم يكن الرد الألماني منسجما مع هذه الآمال”.

من جانب آخر وصف الطالب “أ” قرار قطع المنحة من قبل الوزارة العراقية بأنه قرار غير عادل وقال: “هذا ظلم كبير فقد مُنِح طلاب عراقيون في دول مثل بريطانيا وأمريكا الحق بتمديد مدة المنحة رغم الأزمة المالية التي يمر بها العراق، بينما حرمنا نحن منها.”

وربما تكون حالة الطالب “أ” أصعب من غيره، فهو قدم مع عائلته إلى ألمانيا للدراسة. فبموجب وزارة التعليم العالي في العراق يحق للطالب العراقي إحضار عائلته معه إلى البلد الذي حصل فيه على المنحة، وبهذا تتحمل الوزارة مصاريفه، هو وعائلته. أما الآن وبعد قطع المنحة فمن المحال بالنسبة لـ “أ” تسديد مبلغ الحساب المغلق لتمديد الإقامة لكل فرد من العائلة. ويقول الطالب “أ” لـ DW عربية.”البعض يستغرب ويفاجأ حينما أقول له بأني طالب ماجستير وأعيش على حسابي الخاص.”

تبعات قضية اللاجئين وتأثيرها على الطلبة

وبجانب الأزمة المالية التي يمر بها الطلاب العراقيون، تؤثر موجة اللاجئين في ألمانيا على تعامل الدوائر الحكومية معهم. وإضافة إلى ذلك يواجهون صعوبة في الحصول على شقق سكنية للإيجار. وفي هذا الصدد يتحدث الطالب “ع”، الذي قدم من العراق للدراسة في ألمانيا على حسابه الخاص لـ DW عربية عن المشقة في إيجاد شقة للإيجار: “أبحث عن شقة للإيجار منذ أشهر طويلة دون جدوى حيث أني لا أستطيع الحصول حتى على موعد لرؤية الشقة بسبب اسمي العربي وظنهم أني لاجئ.”

من المعتاد في ألمانيا عند العثور على إعلان عن شقة للإيجار أن يقوم الشخص أولاً بإرسال رسالة إلى المؤجر يكتب فيها بعض المعلومات عن نفسه كالاسم والعمل، وعلى هذا الأساس تتم الموافقة المبدئية أو الرفض.

كريستينا بوليان موظفة في مشروع المعلومات بمجلس اللاجئين في مقاطعة سكسونيا – أنهالت، وقالت لـ DW  عربية: “إن العدد الكبير للاجئين في ألمانيا و التزاحم السكاني سبب صعوبة في إيجاد سكن للطرفين: اللاجئ و الألماني على حد سواء.” وتشير كريستينا بوليان إلى أن مسألة أن بعض الأجانب لا يجدون سكنا ما هي إلا مشكلة اجتماعية وكثافة سكانية تواجه الكثيرين في ألمانيا من كل فئات المجتمع، وهي موجودة قبل قدوم اللاجئين، حسب قولها.

الطبيب العراقي “أ” حاصل على إجازة دراسية مدفوعة من جامعة الموصل لنيل شهادة “البورد” (خبرة عملية للطالب في المستشفى) في الجراحة التجميلية، ويحكي لـ DW عربية أنه واجه الكثير من المشاكل في مدينة ماغديبورغ بشرق ألمانيا وأضاف “تغيرت معاملة المرضى معي، فهم يعاملوني وكأنني لاجئ رغم أنني طبيب أعمل على علاجهم في المستشفى.” ووصف “أ” التغيير الذي حصل بسبب اللاجئين بأنه سلبي جداً، فحسب قوله ترى الأكثرية من الألمان الإنسان العراقي كلاجئ يبحث عن المساعدات ويسبب المشاكل فقط.

ويصف الطبيب العراقي استياءهُ من معاملة بعض المرضى معه واصفاً إياها بالمحبطة: “الأمر وصل إلى حد أن بعض المرضى يرفضون العلاج من قبلي ويطلبون طبيبا ألمانيا بدلاً عني”. وتشير كريستينا بوليان لـ DW عربية  بهذا الشأن على تصاعد الجو العنصري في الآونة الأخيرة مما أثر على كثير من الأجانب في ألمانيا و خاصة اللاجئين، لكنها تستبعد أن تكون كل الحالات تعود إلى تبعات قضية اللاجئين.

وفي المقابل يذكر بعض الطلاب العراقيون عدم وجود أي تأثير سلبي عليهم بسبب قضية اللاجئين. فعلى سبيل المثال يؤكد الطالب “م” أن هناك، في الجامعة التي يدرس بها، ورش عمل تهتم بمساعدة اللاجئين ويشارك في تلك الورش طلبة أجانب أيضا، و يضيف “لم تؤثر قضية اللاجئين على حياتي بشكل سلبي فبالعكس كان التأثير إيجابيا وقد قمت بالمشاركة في عدة ورش ونشاطات في الجامعة لتسهيل اندماج الأجانب الجدد في ألمانيا.”

DW

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*