الحكمة – متابعة: أشارت أبحاث طبية حديثة الى أن الأطفال الذين يحصلون على رضاعة طبيعية يسجلون أعلى الدرجات في اختبارات الذكاء والفهم والاستيعاب، ويكونون أفضل أداء للدروس والواجبات الدراسية اليومية في المدرسة. ولم تعرف الأسباب الحقيقية الكامنة وراء ذلك، لذا قاموا بتصنيف الأولاد الى مجموعة الرضاعة الطبيعية ومجموعة الرضاعة الصناعية وقاموا باجراء مقارنة بين المجموعتين حسب معدلات النجاح للفريقين.
اثنتان من المهارات
وقد توصلوا خلال دراسة جديدة قام بها علماء الاجتماع من جامعة بريغهام يونغ الاميركية ونشرت في مجلة «طب الاطفال»، الى أن السبب يكمن الى توفر اثنتين من المهارات لدى الأم تستحق منا أن نولي هتمامنا بها، ونعمل على تشجيعها بين جميع الأمهات ،وهما اللتان تساهمان كثيرا في تعزيز سمة الذكاء للاطفال والتفاعل الأفضل لديهم والذي ينعكس فيما بعد على سرعة الفهم والحفظ والاستيعاب. وهما غريزة التجاوب العاطفي وابداء الحنان مع الأطفال المتمثل في حسن الرعاية والاهتمام الذي يعد بمثابة منبّه لعقل الطفل منذ بواكير
حياته.
والمهارة الثانية تكمن في عادة قراءة القصص لهم وتخصيص وقت معين لهذه الفقرة التي تعزز مصدر الذكاء المعرفي لدى الاطفال منذ صغرهم لكونها تجعلهم يميزون بين مختلف الألوان والأشكال ومعرفة اسماء الحيوانات وبعض النباتات وباقي الكائنات، وبالتالي تجعلهم يتطلعون لمعرفة المزيد منها خصوصا انها تكون مرسومة بألوان زاهية تجذبهم اليها.
فالأمهات اللواتي يرضعن أطفالهن غالبا ما يكن متجاوبات أكثر في قراءة القصص لأطفالهن. اذ تكون عادة القراءة لهم كنوع من الاستجابة لمنبهات عاطفية وفكرية تعزز لديهم الرياضيات ومهارات القراءة. فالقراءة للأطفال في وقت مبكر تبدأ من عمر9 أشهر يعمل على نمو الدماغ ويحسن أيضا فيما بعد الاستعداد لدخول المدرسة.
يقول مؤلف الدراسة البروفيسور بيرج غيبس: «تميل الأمهات المرضعات الى القيام على حد سواء بتلك الأشياء. فالامومة حقا هي التي تجعل الأطفال يتحمسون للاستزادة من المعرفة والتعلم. فالرضاعة الطبيعية لها مردودات نفسية وعاطفية بين الطرفين تظل آثارها الايجابية مستمرة على الدوام. فهذا الواقع يعطي لنا آلية أفضل، ويمكن أن تشكل الثقة المرجوة حيال التدخلات البيئية المجتمعية التي تعزز استعداد الأطفال في الدخول الى
المدرسة».
ويقول غيبس: «وفقا لتحليلاتنا الطبية التي قمنا بها على مجموعة الأطفال ممن نالوا قسطا وافيا من الرضاعة الطبيعية، انه يمكن لتلك التحسينات البيئية ان توقظ فيهم التحسس الأيجابي حين أبداء أي نوع من المنبهات العاطفية من قبل الأم تجاههم، كما ان تمضية بعض الوقت معهم من قبلها في القراءة للأطفال تسفر عن نمو أدمغتهم بنحو 3 أضعاف قبل سن الرابعة مقارنة بأطفال الرضاعة الصناعية. وهذا ما لاحظناه وسجلناه في اختبارات مقاساة الذكاء في الرياضيات وتقييم الاستعداد
للقراءة.»
ويضيف غيبس: «في سن الرابعة من عمر الأطفال قد لا يمثل تفاوت شهر أو شهرين بينهم جزءا مهما من الوقت، لكن اذا كان الطفل يحتاج الى تعليم خاص بسبب مشاكل صحية أو تعليمية أو بيئية مختلفة، فأننا نعمد الى دفعه الى الأمام عبر مسار تعليمي خاص نلجأ خلاله الاستعانة أولا بأسرته لكي نعزز لديه الثقة النفسية المتوخاة للطفل في أول سني دراسته، لأنها ستكون محطة حياته مستقبلا.»
مجموعة بيانات
لذلك لجأ الباحثون الاستفادة من بحوث العلماء في جامعة بريغهام يونغ، بالرجوع الى مجموعة البيانات الوطنية لنحو7500 من الأمهات وأطفالهن منذ الولادة وحتى سن الخامسة. وشملت مجموعة بيانات معلومات وفيرة ودقيقة عن البيئة المنزلية، بما في ذلك وقت الاستيقاظ ان كان مبكرا أو متأخرا، وكيف تكون طريقة الآباء في القراءة لأطفالهم. بالاضافة الى ذلك، شاركت الأمهات في الدراسة أيضا عبر أنشطة مسجلة فيديويا مع أطفالهن.
وكيف يحاول الطفل اكمال المهمة الصعبة في القراءة أو الحساب، ثم قياس المساندة التي تبديها الأمهات مع اطفالهن، ومدى التجاوب العاطفي بينهم.
وقد اكتسبت الدراسة الثناء من قبل خبيرة تنمية الطفل البروفيسورة ساندرا جاكوبسون، من جامعة واين ستيت الطبية الاميركية، حيث أشارت الى أن الأطفال في الدراسة الذين حصلوا على رضاعة طبيعية لمدة 6 أشهر أو أطول كانوا في حال أداء أفضل عند قراءة التقييمات بين المجموعتين لأنهم بالاضافة الى نيلهم حقهم من الرضاعة الطبيعية، قد حظوا بممارسات أسرية
مثلى.
وجد غيبس وزميله الباحث فورستر، أن القراءة اليومية للرضيع في وقت مبكر يبدأ من عمر9 أشهر يجعل الطفل أكثر حساسية للاشارات والتعليمات خلال التفاعلات الاجتماعية معه، كما ان الرضاعة الطبيعية في حد ذاتها تسهم بشكل كبير في الاستعداد للقراءة في سن4 سنوات.
وأشار الباحثون الى أن معظم الأطفال المعرضين للخطر هم أيضا أقل احتمالا للحصول على الأبوة والأمومة الأمثل في مرحلة الطفولة