الحزام الأخضر لبغداد .. ضرورة صحية وبيئية

254

الحكمة – متابعة: يتقلص الغطاء الاخضر في العراق امام التمدد الصحراوي بسرعة كبيرة، ويسبب ذلك اضرارا بيئية واقتصادية وصحية كبيرة في البلاد، فيقضي على التنوع الاحيائي في البيئة، ويهدد الصحة العامة للسكان وتدهور خصوبة التربة والانتاج الزراعي، وتتقلص مع الزمن امكانيات الحكومة في التأثير على تفشي ظاهرة التصحر ان لم تلجأ بصورة فورية الى اتخاذ اجراءات حاسمة لايقافها ومكافحتها عن طريق برنامج طموح وطويل الامد يهدف الى الاحتفاظ بخصوبة الارض في العاصمة وتوسيع الغطاء الاخضر واستخدام التقنيات الحديثة بادارة موارد المياه والتربة. شح المياه
المهندس الزراعي مهند جاسم يقول:
“ تعد الاحزمة الخضراء من اهم الاساليب العلمية المستخدمة للحفاظ على بيئة صحية في المدن التي تقع على مشارف الصحراء وتتعرض بأستمرار الى عواصف رملية وترابية تؤثر في صحة الانسان وبيئته، اذ تزرع هذه الاحزمة الخضر بأشجار دائمة الخضرة على شكل اشرطة تمتد على الحدود الصحراوية للمدن لتشكل مصدات للرياح القوية الاخرى”.
ويضيف جاسم:
“من فوائد الاحزمة الخضراء زيادة المساحات الخضر، وتثبيت التربة الرملية، وايقاف زحف الصحراء الى مراكز المدن، فضلا عن تلطيف المناخ داخل المدن وخارجها عن طريق توفير كميات اكبر من الاوكسجين النقي وايجاد تنوع حياتي خاصة للطيور والحيوانات التي هاجرت من المدن بسبب قلة المساحات الخضر”.
ويتابع جاسم:
“تعود اسباب ضعف الحزام الاخضر لتقلص ايرادات العراق من المياه لاكثر من الثلث منذ الربع الاخير من القرن العشرين، وانحسرت الامطار عن معدلاتها نتيجة لارتفاع معدل حرارة سطح الارض، فبات العراق اكثر حاجة لها من اي وقت مضى، وقد تزامن انحسار المياه والامطار عن البلاد مع سيطرة دول الجوار على منابع الانهار عن طريق بناء سدود كبرى اضرت بالثروة المائية العراقية كثيرا، وفقد العراق معها فوائد الفيضانات الربيعية التي كانت تتجدد معها خصوبة الارض وينتعش بها الغطاء الاخضر في السهول والوديان، فأصبحت عرضة للتعرية والتصحر”.

تقديم المشورة
وكيل وزارة الزراعة الدكتور مهدي ضمد القيسي بين:
“ تبنت الوزارة مشروع الحزام الاخضر في محافظة كربلاء والعمل مستقر فيها، اما فيما يتعلق بالحزام الاخضر لمدينة بغداد فتبنته امانة بغداد كونها تحيط بالمدن وهذه ليست من ضمن مساحة عمل الوزارة”.
ويضيف القيسي:
“ كان دورنا في مشروع الحزام الاخضر حول بغداد فنيا، من حيث تقديم الاستشارة وخبراتنا في هذا المجال، وهذا الامرسحب من الوزارة بعد ان تم ربط مديريات الزراعة بمحافظة بغداد، ومع كل ذلك، فالوزارة مستعدة لتقديم المشورة حتى وان اصبحت مهمة انشاء مشروع الحزام الاخضر وديمومته مناطة بأمانة بغداد والمحافظة بشكل كلي”.
ويستدرك القيسي:
“ ان اي تشجير في المناطق وحولها يسهم في التخفيف من شدة الحر، ويلطف الاجواء، بضمنها المساحات الزراعية المخصصة للوزارة في زراعة الحنطة والشعير وغيرها تعد من العوامل المساعدة في التخفيف من وطأة العواصف الترابية، وان الجميع اصبح على علم بذلك فبدأت الكثير من دوائر الدولة ومديريات التربية والجامعات بأخذ شتلات من وزارة الزراعة بموافقة الوزير بصفة الاهداء لزراعتها في دوائرهم وجامعاتهم، ونحن بدورنا نشجع على زيادة الرقعة
الخضراء”.
وعن التلكؤ في انجاز مشروع الحزام الاخضر رغم ضرورته في الوقت الحاضر يوضح القيسي:
“هناك جانبان في التلكؤ بموضوعة الحزام الاخضر، جانب اداري واخر فني، ويتمثل الاول في ان المناطق التي يمر بها الحزام الاخضر بعضها ملكية خاصة او عقود زراعية، وعليه لابد من ايجاد حلول لها بتحويل ملكيتها الى امانة بغداد لتكون مسؤولة عنها، والجانب الفني متمثل بديمومة هذا المشروع وتوفير المياه، اذ يحتاج الى توصيل مياه مباشرة من النهر وهذه تعد صعبة او بحفر ابار لسقايتها وهذه ايضا فيها صعوبات فنية وتكلفة مالية، فليس بالسهولة تنفيذ هذا المشروع”، وحتى في حال انجازه فان ديمومته ستواجه صعوبات، فبالاضافة لماتقدم فانه يحتاج الى حراسات من التأثيرات السلبية للحيوانات والناس التي تلجأ للقطع العشوائي للاشجار والنباتات
المزروعة”.

الأحزمة والجو
معاون مدير قسم التنبؤ الجوي فخرية عبد الكريم حسين تقول:
“ الحزام الاخضر يسهم في انخفاض نسبة الغبار في الجو وتلطيف الاجواء، فطبيعة منطقتنا ترابية واي رياح شديدة تتسبب في ارتفاع الغبار والحزام الاخضر يسهم في تثبيت التربة، وهذا ما لمسناه في محافظة كربلاء التي تشبه الى حد ما اجواء بغداد، فبعد رزاعة الحزام الاخضر انخفضت نسبة الغبار ودرجات
الحرارة”.
وتطرقت حسين الى:
“ ان المناطق المجاورة للعراق تختلف بأجوائها عن العراق فطبيعتها جبلية على العكس من بلادنا التي تقع في واد وعليه يطلق عليها (بلاد وادي الرافدين) وهذا الانخفاض يرافقه موقعنا من خطوط الطول والعرض وقربنا وبعدنا عن خط الاستواء ، فضلا عن عوامل اخرى اسهمت في ارتفاع درجات الحرارة منها شح الاحزمة الخضراء واستخدام المولدات وزيادة عدد المركبات”.
وتتابع:
“ان موقعنا الجغرافي مفروض علينا لايمكن تغييره لكن يستطيع الانسان التخفيف من وطأة الاجواء قدر الامكان من خلال زراعة الاحزمة الخضراء التي تثبت التربة وتمنع انتشار الغبار في الجو وتسهم في انخفاض درجات الحرارة، ضاربة المثل بطريق مطار بغداد الدولي، اذ بمجرد الدخول ضمن تلك المنطقة نشعر بتغير الاجواء فيها نتيجة لكثرة المساحات الخضراء فيها”.

أزمة مالية
الناطق الرسمي باسم امانة بغداد حكيم عبد الزهرة بين:
“ عملنا في السابق مع عدة جهات لانجاز مشروع الحزام الاخضر حول بغداد وتمكنا من عبور المرحلتين الاولى والثانية، لكن توقف المشروع لاسباب مالية وظروف اخرى”.

ويستطرد عبد الزهرة:
“ نعمل في الوقت الحاضر ضمن لجان مشتركة مع البيئة لتحديد الاماكن والمواقع التي تحتاج الى زراعة، فهناك اشجار محددة ستتم زراعتها في محافظة بغداد، فضلا عن شجيرات سنملأ بها الجزرات الوسطية وقرب المجسرات لتكون كسجاد اخضر لزيادة جمالية المنطقة من جهة والمساهمة في التقليل من درجات الحرارة المرتفعة ونسبة الغبار”.

جهة رقابية
عضو لجنة الخدمات في مجلس محافظة بغداد ماجد الساعدي يبين:
“ مجلس محافظة بغداد هو جهة رقابية تشجيعية وليس مختصا بالعمل التنفيذي، فكل ما يقال حول مسؤولية مجلس المحافظة بالحزام الاخضر لبغداد خاطئ”.
ويوضح الساعدي:
“كثير من المشاريع بضمنها الحزام الاخضرعطلت في بغداد بسبب الفساد الاداري والمالي، اذ توضع المخططات والتصاميم وتؤخذ الاموال ويتوقف العمل بحجة قلة التخصيصات المالية، وان بغداد اليوم تحتاج الى مثل هذه المشاريع نتيجة  التأثيرات والملوثات البيئية التي تحدث”.
وعن تنفيذ مشروع الحزام الاخضر كونه ضرورة ملحة للحفاظ على الصحة من الغبار يقول الساعدي:
“بغض النظر عن مصلحة المريض ان كان طفلا او شابا او رجلا، فهي واجب على السلطات التنفيذية عندما يتم وضع الخطط تنفيذ المشروع، ويعد عكس ذلك هدرا للمال العام، فالدستور كفل بتوفير الخدمات للمواطنين ان كانت صحية او تربوية او اجتماعية او زراعية، فلابد لكل جهة تنفيذية ان تقوم بواجبها، ضاربا المثل بدوائر البلدية التي تتجاوز تخصيصاتها المالية 600 مليون دينار لكل دائرة ولم نر شيئا يذكر من
خدماتها”.

الصباح

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*