بابا عاشور أو بابا نويل المغربي

381

3-7-2012-1

يوم عاشوراء بين الحزن الرهيب، والفرح العجيب

ربما يَعجَب القارئ الشيعي إذا علم أن هناك بلدًا إسلاميًّا كالمغرب يحتفل بيوم عاشوارء احتفالًا كبيرًا، وتتنوع فيه مظاهر البهجة والسرور، والغريب أنه لا يوجد تبرير منطقي لهذا الاحتفال سوى تبريرات واهية لا ترقى عشر معشار هذه المظاهر، بل قد تتجاوز احتفاليات عاشوراء في المغرب مظاهر الاحتفال بسائر الأعياد الإسلامية، فلماذا ؟!

في أهمية عاشوراء، وعظيم المصاب الذي حدث فيه منها: إنّ يوم الحسين (عليه السلام) أقرح جفوننا، وأسبل دموعنا، وأذل عزيزنا بأرض كرب وبلاء، وأورثنا الكرب والبلاء إلى يوم الانقضاء، فعلى مثل الحسين فليبك الباكون ، و: لا يوم كيوم الحسين، وقول الإمام الرضا(ع): ((لقد قتلوا في هذا الشهر ذريته، وسبوا نساءه، وانتهبوا ثقله، فلا غفر الله لهم ذلك أبدًا . يا بن شبيب، إن كنت باكيًا لشيء فابكِ للحسين بن علي بن أبي طالب، فإنه ذبح كما يذبح الكبش، وقتل معه من أهل بيته ثمانية عشر رجلًا ما لهم في الأرض شبيه، ولقد بكت السماوات السبع والأرضون لقتله، ولقد نزل إلى الأرض من الملائكة أربعة آلاف لنصره فوجدوه قد قتل، فهم عند قبره شعث غبر إلى أن يقوم القائم فيكونون من أنصاره وشعارهم : ( يا لثارت الحسين ) . يا بن شبيب، لقد حدثني أبي، عن أبيه عن جده أنه لما قتل جدي الحسين عليه السلام أمطرت السماء دمًا وترابًا أحمر . يا بن شبيب، إن بكيت على الحسين حتى تصير دموعك على خديك غفر الله لك كل ذنب أذنبته، صغيرًا كان أو كبيرًا، قليلًا كان أو كثيرًا ))، وغيرها من الروايات الكثيرة.

وفي ما يلي تحقيق صحفي عن الاحتفال بعاشوراء في المغرب:

    تميز هذه المظاهر الاحتفالية إحياء ذكرى عاشوراء في المغرب، التي تصادف العاشر من شهر محرم من كل سنة هجرية.

   فإذا كان يوم عاشوراء في العراق وإيران يوم كآبة وحزن على مقتل سيدنا الحسين بن علي عليه السلام، فإنه في المغرب مناسبة للفرح والترفيه والتضامن وسط أجواء روحانية وتقاليد اجتماعية وحركة تجارية غير عادية.

“بابا عاشور”

   يبدأ الاحتفال بمناسبة عاشوراء في العديد من مناطق المغرب منذ مطلع شهر محرم، حيث تمتلئ الأسواق بالتمور والفواكه الجافة من تين وتمر وجوز ولوز وكاكاو (فول سوداني) وحمَّص وحلوى، وهذه الفواكه معروفة عند عامة الناس في المغرب بـ“الفاكية”، ويخلق إقبال الناس على شرائها رواجًا كبيرًا حيث يعتبر اقتناؤها لدى الأسر المغربية أحد لوازم الاحتفال، ويعد استهلاكها وتفريقها على الأهل والجيران وأطفال الحي مظهرا من مظاهر الاحتفاء بعاشوراء.
ويصاحب ذلك شراء الآباء هدايا لأولادهم، وهذه الهدايا غالبًا ما تكون عبارة عن لعب مثل مزامير ومسدسات مائية وأجهزة إلكترونية أو الدمى والبنادر والطعارج وغيرها من اللعب التي يعرضها التجار على غير العادة في الأسواق والشوارع خلال الأيام التي تسبق وتلي هذه المناسبة.

ليلة العاشر:

   وبحلول ليلة العاشر من محرم، تتجمل النساء في معظم المناطق ويتزينَّ بالحليِّ ويلبسن لباسهن التقليدي، ويخضبن شعورهن بالحناء، وكذا أيديهن وأرجلهن بها مع وضع شيء منها في أكف الأطفال وهن يرددن: “عيشوري عيشوري.. دليت عليك شعوري..”.

   وتخرج الشابات منهن إلى الأزقة متباهيات بأزيائهن وبجمالهن في مظاهر الزينة والبهاء وهن يضربن البنادر والطعارج مرددات: “هذا عاشور ما علينا الحكام أللا.. فعيد الميلود كيحكمو الرجال أللا…”، في إشارة إلى أن الرجال لا سلطة لهم على النساء والفتيات طيلة عاشوراء، مما يسمح لهن بالغناء والرقص ليال متتابعة، وعلى الرجال أن ينتظروا انتهاء شهر ربيع الأول، موعد الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف، ليسترجعوا سلطتهم “المنتزعة” من لدن النساء..

   ويقرن المغاربة عاشوراء بشخصية أسطورية يطلقون عليها “بابا عاشور”، ولا أحد يعرف أصل هذه الأسطورة التي تظهر في أهازيج الفتيات وهن ينقرن طعاريجهن المزركشة، ويهتفن: “هذا عاشور ما علينا الحكام أللا.”..
غير أن اسم «بابا عاشور» يختلف من منطقة إلى أخرى، فحسب الباحث مصطفى واعراب، فقد أطلقت عليه القبائل الأمازيغية اسم “أعاشور” أو “أبنعاشور”، وفي بعض مناطق جنوب المغرب اسم “حرمة” و”الشويخ” بينما أطلقوا عليه بمناطق شمال المغرب “با الشيخ” في حين يعرف بـ”عيشور” و”بابا عيشور” في وسط المغرب.
وخلال الأيام العشر التي تسبق عاشوراء، والتي يسميها المغاربة بـ”العواشر”، يبدأ أطفال الحي فرادى وجماعات بالتجوال عبر الدروب والأزقة محملين بالطعارج (خاصة في الأحياء الشعبية)، حيث يطرقون أبواب المنازل مرددين أهازيج خاصة بهذه المناسبة لطلب “حق بابا عيشور”، مع عرضهم لعظمة من خروف العيد مزينة بالحناء ومغطاة بثوب على أنها “بابا عاشور”.

 “الشعالة”
تشهد الشوارع والميادين العامة في المدن والأرياف ليلة عاشوراء ظاهرة إشعال النيران التي يطلق عليها “شعالة” أو “تشعالت” بالأمازيغية، وبعد إيقاد النار يبدأ القفز عليها باعتبار أن ذلك يزيل الشر ويبعده، بل إن البعض يشعلون النار في أفنية منازلهم ويأخذون في الدوران حولها وهم يطبلون ويزمرون ويغنون.

طقوس “زمزم”

   يستيقظ المغاربة مبكرًا في صباح اليوم العاشر من شهر محرم (عاشوراء) اعتقادًا منهم أن من ينشط في هذا اليوم سيكون العام عنده كله نشاط وبركة، وفي بعض المناطق تبادر الأمهات بإيقاظ أهاليهن عن طريق نضحهم (رشهم) بالمياه منذ الساعات الأولى من يوم عاشوراء.

   وبعد الاستيقاظ، يبدأ الصغار في رش بعضهم بعضًا بالمياه قبل أن ينتقلوا إلى الجيران وبعدهم المارة عبر الدروب والأزقة.

   وتعد هذه العادة من الطقوس اليهودية “الدخيلة” على طقوس احتفال المسلمين المغاربة بعاشوراء.

   وأخير أدعو الأخوة المغاربة حفظهم الله أن يطالعوا كتب التاريخ بدقة ليروا ما جرى فيه من مصائب على أهل بيت نبيهم وعترته الطاهرة، وأنا على يقين أن ما يفعلونه ناشئ عن عدم معرفة بحقيقة هذا اليوم الحزين، و{يا ليت قومي يعلمون}.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*