الإخوان ‘والورقة الإيرانية’ في مواجهة الخليج

237

19-1-2013 02

تدور معركة دبلوماسية شرسة بين مصر “الدكتور محمد مرسي” و دول خليجية لا تخفي نواياها في القضاء على حركة الإخوان المسلمين وامتداداتها في المنطقة، وإفشال حكمها في مصر على وجه الخصوص.

هذا وقد اعتقلت دولة الإمارات العربية المتحدة خلية تضمّ مجموعة من المقيمين المصريين على أراضيها، وتبعتها باعتقال خلية نسائية أخرى في إشارة واضحة تؤكد هذه النوايا، بينما اكتفت المملكة العربية السعودية بإعطاء الضوء الأخضر لبعض كتابها بنشر سلسلة مقالات تهاجم الإخوان المسلمين بقسوة وتتهمهم بنكران الجميل ومحاولة قلب أنظمة الحكم.

وشملت الحملة هذه دعاة سعوديين معروفين متعاطفين مع الحركة وممثلها غير المتوج في منطقة الخليج الدكتور يوسف القرضاوي.

حكومة الرئيس مرسي الإخوانية التي تواجه جبهة معارضة داخلية قوية تتزعمها جبهة الانقاذ العلمانية، و أوضاعًا اقتصادية صعبة، لجأت إلى كظم الغيظ، ومحاولة البحث عن ‘حلول سلمية’ لهذه الازمة مع دول الخليج الثرية، وبادرت بإرسال وفد برئاسة السيد عصام الحداد مستشار الشؤون الخارجية إلى ابو ظبي على أمل العودة بالمصريين المعتقلين، ولكنه لم يستقبل الاستقبال المفترض من قبل مضيفيه وعاد إلى القاهرة بخفي حنين.

السلطات السعودية لجأت إلى تصعيد من نوع آخر يلتقي، بل يعزز، موقف دولة الإمارات تجاه حكومة مصر الإخوانية، عندما أصدرت حكمًا بالسجن خمس سنوات، و500 جلدة، على المحامي المصري أحمد الجيزاوي بعد إدانته بتهريب حبوب مخدرة، قيل إنها كانت بحوزته أثناء وصوله إلى مطار جدة بصحبة زوجته لأداء مناسك العمرة.

عدم الاستجابة لطلبي الرئيس مرسي وحكومته بالإفراج عن المعتقلين المصريين في الإمارات والمحامي المصري في السعودية كانت عبارة عن رسالة تحد غير متوقعة موجهة إلى النظام المصري ورئيسه، وجرى تفسيرها على أنها خطوة تصعيدية جديدة وإغلاق كل أبواب الصلح.

وإذا كانت دولة الامارات لا تخفي عداءها المطلق لحركة الإخوان والرغبة في محاربتها بل و اجتثاثها من جذورها، مثلما صرح “الفريق اول ضاحي خلفان” رئيس شرطة دبي بسبب اتهامها بالتحريض ضد نظام الحكم فيها، فإن المملكة العربية السعودية تحاربهم لأسباب أخرى إلى جانب السبب الاماراتي نفسه، من بينها تقارب الرئيس مرسي وحركته مع إيران و اختياره الذهاب إلى طهران في آب (أغسطس) العام الماضي للمشاركة في قمة عدم الانحياز التي قاطعتها معظم الزعامات الخليجية إن لم يكن كلها.

الرئيس مرسي فهم مضمون رسالة التحدي هذه، وقرر أن يستخدم واحدة من أقوى أوراقه، أي الورقة الإيرانية فاستقبل “السيد علي أكبر صالحي” وزير الخارجية الإيراني في مكتبه، وقبل دعوة رسمية من الرئيس “محمود أحمدي نجاد” لزيارة طهران رسميا.

وسربت أوساط مقربة من حركة الإخوان خبرًا عن زيارة سرية لم تتم للجنرال قاسم حداد قائد فيلق القدس للقاهرة، في مهمة لإعادة بناء الاجهزة الاستخبارية المصرية، والاستفادة من الخبرات الإيرانية في هذا الصدد.

وقد تأخرت السلطات المصرية والإيرانية أربعة أيام قبل نفي هذا الخبر رسميًّا.

ولعل الحدث الأهم في مسلسل التبادل بالضربات تحت الحزام بين حركة الإخوان الحاكمة في مصر ودول الخليج المعارضة لها، دعوة الشيخ “الدكتور محمد العريفي” لإلقاء خطبة الجمعة في جامع عمرو بن العاص وسط القاهرة، في حضور ما يزيد عن عشرة آلاف مصل، وإشادته بمصر وثورتها وفضلها على كل العرب صحة وتعليمًا وثقافة ومطالبته لرجال الأعمال الخليجيين بالاستثمار فيها لمساعدتها على الخروج من أزمتها الاقتصادية.

هذا التقارب الرسمي المصري ـ الإيراني سيكون العنوان الأبرز في العلاقات المصرية ـ الخليجية في الأشهر المقبلة، وسيعتمد تطوره، تراجعًا أو تقدمًا، على سخونة أو برودة الحرب الحالية المستعرة بين المحور الإماراتي ـ السعودي وحركة الإخوان.

الإفراج عن الخلية الإخوانية في الإمارات و إصدار عفو عن المحامي الجيزاوي من قبل الملك عبدالله بن عبدالعزيز عاهل السعودية قد يكونان مؤشرًا عن قرب الانفراج في العلاقات و إعادة الورقة الإيرانية إلى الثلاثة، وإلا فإن هذا التقارب قد يتسارع على شكل إعادة فتح السفارة المصرية في طهران واستئناف رحلات الطيران بين البلدين.

نظام الرئيس مرسي خرج من عنق الزجاجة وكسب الجولة الأولى من الحرب ضد معارضيه، لكن هذا لا يعني أن الأيام المقبلة ستكون خالية من المفاجآت، فخصوم الإخوان في داخل مصر وخارجها يملكون أيضًا أسلحتهم القوية التي لا يجب التقليل من شأنها.

المصدر: وكالة أهل البيت للأنباء

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*