تكنولوجيا الاتصال .. الآيباد والهاتف النقال وتأثيراتهما في الأسرة والمجتمع

281

18-3-2014-2-d

    هي ذات الأنامل الصغيرة التي تجر القلم بخطوات ثقيلة على الورق، تراها رائعة في مختلف الاتجاهات على الشاشة الإلكترونية ضيقة المساحة ، إنها مفارقة عجيبة لأطفال العصر الرقمي القادرين على فعل أمور عدة في حيز زمني واحد, عندما كنت صغيرًا كانت العائلة الكريمة  تقيس تقدمنا العقلي في مجال التكنولوجيا بناء على اساس قدرتنا على برمجة جهاز التسجيل ثم جاء الجيل الجديد وصار المقياس هو جهاز الحاسب الالي.

انتشرت في أوساط  المجتمع العراقي ظاهرة توفير عدد كبير من الأجهزة الالكترونية  للأطفال في اغلب الأسر العراقية في ظل تطور وتقدم التكنولوجيا وماتفرزه يوميًّا من أجهزة مختلفة إلا ان معظم الأسر لاتعلم ان ادمان ابنائهم في استخدام  هذه الاجهزة  قد تسبب لهم  أمراضًا عديدة ابرزها الانطوائية , والاكتئاب ,  والتوحد, والانفصام في الشخصية , وفرط الحركة الذي تجده بكثافة عند المراهقين وصغار السن ولذلك (وكالة واع) طرقت هذة القضية على عدد من المواطنين واختصاصيِّ النفس وباحثي علم الاجتماع والفلسفة لمعرفة حقيقة خطورة الإفراط في استخدام الاجهزة وبالأخص (آيباد والكلاكسي والإيفون).

آباء: لم نكن نعرف هذه المخاطر ونظنها تقوي الذكاء

يقول المواطن اكرم حميد: لدي اربعة اطفال  كل واحد منهم لديه جهاز ايباد وارى انه لابد من مسايرة الزمن وتفتح مدراك العقل، لكن وفق استخدام متقن وعن مدى علمه بخطورتها في حالة الاستخدام المفرط، وأوضح انه يعلم ان الاستخدام  المفرط قد يسبب أضراراً صحية. وذكر انه يمنح اطفاله اوقاتاً محدودة لاستخدامها ,حيث اقوم بمراقبة اطفالي بجميع الاوقات سواء كانت الرقابة مباشره أو غير مباشرة.

اما المواطن مؤيد علي الذي يسمى بـ(ابو احمد) قال وضعت الآيباد  بيد ابني (احمد) الذي يبلغ من العمر (11) عام بهدف التسليه والتعلم وتفتيح الذكاء ولكن سرعان ما تحول هذا الجهاز الى اداة للشجار مع اخية (مصطفى)  واصبحت  اخوض معهما ملحمة ادرامية لنزع هذا الجهاز جانباً فيبكيان على فراقه كمن فقد عزيزاً له.

أما المواطنة بلقيس عيسى فقالت: منحت ابنتي بعد نجاحها جهاز ايباد والتي تبلغ من العمر 12  عامًا، والتي بدأت بشكل  شبة ايجابي  وخاصة من ناحية تحصيل الفوائد  التعليمية، غير ان التعلق  الشديد به  ادى الى تراجع  قدرتها على التواصل  الاجتماعي، وصارت سببا ً عنوانه الغيرة من بنات الجيران والأقارب، بفعل سهولة حمله الى اي مكان، الى ان وصلت اللحظة  التي اصبحت ابنتي مجنونة ومقطوعة عن العالم الخارجي، وتجلس في غرفتها 24 ساعة لتستعمل الآيباد. وترى السيدة بلقيس ان ايجابيات الآيباد تتلخص بـ 20% اما مضاره فهي 80%، والسبب يعود إلى عدم “مراقبة ابنتي  في بداية الامر بعد اعطائي الآيباد لها”.

آما آبو رامي فقال: منحت ابني جهاز كالاكسي حتى يستطيع ان يزيد من قدراته العلمية برغم أنه يبلغ من العمر (15)  عام ولكن شاهدت بعد فترة ان سلوك رامي بدء بالتغير نحو الأسوء، وأخذ يلفظ الفاظًا غير لائقة على اخوته، وفي احدى الليالي دخلت الى غرفة ابني  وشاهدته ينظر الى افلام مشينة وغير لائقة في المجتمع، فقررت ان آخذ الجهاز وأقوم ببيعه، حتى احافظ على اخلاق ابني التي يرفضها المجتمع لو بقي الجهاز في يديه, اتمنى من كافة الاهالي ان تقوم بالمتابعة والمراقبة لان تلك الاجهزة تعتبر من المضار الاساسية  لأولادنا.

التكنولوجيا وضعف العلاقات الاجتماعية

يقول الطفل محمد الذي يبلغ من العمر (17) عامًا لقد وجدت راحتي في الآيباد  لأنه يعوضني عن النقص العائلي، وإضافة الى ذلك يساعدني في التعلم وزيادة المعلومات المدرسية. قال لا اريد ان القي اللوم على احد في تعلقي في الآيباد لكنني لم اتلقَّ التربية السلمية منذ صغري، فتربيتي وثقافتي من الاجهزة الالكترونية، واليوم يلومني اهلي على تصرفاتي المؤذية لمشاعرهم، والسبب الرئيسي يعود لإدماني. وتعلقي بالآيباد هو ضعف العلاقات الاسرية التي اعاني منها  سواء من جانب امي او ابي وأيضا كل واحد منهم في عزله ما ادى ان يحل الآيباد محل والدي لأنني لم اجد من يفهمني بسبب انعدام الحب في اسرتي.

دور الأهل في انتشار هذة الظاهرة

يرى المواطن زيدان المعموري ان استخدام مثل هذه الاجهزة يجب ان يكون وفق متابعة من اولياء الامور، فغير الخطر الصحي والأعراض الجانبية الصحية التي تؤدي الى سلوك سيء لدى الطفل يجب ان تراقبه حتى من الناحية الشرعية ، وهي مهمة  جدا ،  فقد يساء  استخدامها  لمشاهدة عديد من المقاطع غير المناسبة اوغير الجائزة ، وهنا تقع مسؤولية اولياء الامور  والأسرة عامة  فالطفل في سن الخامسة او السادسة اصبح على دراية تامة بطرق تحميل البرامج  وطرق تحميل  المقاطع من اليوتيوب ومن غيرها من المواقع التي تشكل خطرًا  على اطفالنا، وعلى كل من يستخدم هذه الأجهزة مثل (الكلاكسي والايفون والبلاكبيري) و(الآيباد), ووجه زيدان نصيحته لكل ولي امر ان يخاف الله في ابنائه اوبناته من خطر استخدام مثل هذه الأجهزة، مشددا على  الدور الكبير الذي يتحملة رب الاسرة، وذكر انه لا مانع من استخدام الاطفال لتلك الأجهزة (ايباد) لكن وفق رقابة مشددة من الأسره، ورأى انه لا يجب ان يمنحوا الحرية التامة لتحميل  البرامج اوالمقاطع دون الرقابة.

أصحاب محلات (الآيباد) أكثر مبيعاً بالنسبة لصغار السن

بين السيد مرتضى حسين صاحب محل لبيع الاجهزة الالكترونية و(الآيباد) في منطقة باب الشرقي ان الاقبال على اجهزة الآيباد بالتحديد هو اقبال كبير جدا حتى ان اغلب الاجهزة من الناحية التجارية تنخفض اسعارها  اما الآيباد فأن اسعاره ترتفع بسبب الاقبال عليه. وذكر ان اكثر الفئات العمرية التي تقوم بشراء الآيباد اصحاب اعمار (10_15) عام .وذكر ان بعضهم يأتي بمفرده والبعض الاخر ياتي بصحبة احد افراد اسرته البعض يطلب مني ادخال برامج للجهاز لاتتناسب مع اعمارهم  لانهم صغار في العمر  والاخر ياتي بعد فترة من اقتنائه الآيباد ويطلب مني (فرمتة) الجهاز وإدخال برمج جديدة وفي اثناء (الفرمته) اشهاد افلام ومقاطع ورسائل صوريه لا تتناسب مع اعمارهم اومستواهم الاخلاقي اتمنى ان تقوم الاسرة بدورها الرقابي في المتابعة حتى لا تلقي الاهالي  اللوم علينا  بأننا السبب في ادخال هذه البرامج لأطفالهم.

الهاتف النقال المتطور ومضاره على الطفولة

ومن جانبه اكد انور علي صاحب محل لبيع الهواتف النقالة في شارع الربيعي ان مبيعات اجهزة البلاك بيري والكلاكسي والايفون  تسجل ارقاما ً مرتفعة كل يوم عن ذي قبل  وتتراوح الفئات العمرية التي تتوجه لاقتناء هذة الاجهزة وبصوره كبيرة هي مابين(12_16) عام ,مؤكدا ان حجم مبيعات هذة الاجهزة تتمثل (80%) من مجمل انواع الاجهزة الاخرى نظرا لاحتوائها  برامج الدردشه والتواصل الاجتماعي (الانترنيت _الفيس بوك) بعض منهم لا يود اقتناءها ولكنه يشاهد غالبية  الاصدقاء  وبعض الاقارب  يحملونها فتدفعه الغيرة للحصول عليها .واضاف ان هذه الاجهزة اصبحت وسيلة سهلة  في متناول الصغير  وأخذت تسير بشكل سلبي بين المراهقين  لما تحتويه من برامج  ووسائل مشينه ولايتناسب مع اعمارهم  حيث تم استغلالها  اسوء الاستغلال  من قبل غالبية  المراهقين  والاطفال  حيث انها اصبحت  مصدر اعلاميا ً مزعج  ينشر بعض الروابط  والرسائل الصوتية والصورية السيئه على الانترنيت  كذلك جرى استخدامها  بأسلوب خاطىء ولابد من وجود رقابة حيث نشاهد الكثير من الاطفال تغيرت سلوكهم نتيجة  مايشاهدوه  عبر تلك الاجهزة  والبعض يأتي ويطلب ادخال  برامج وافلام ليس لها علاقة بلتربية الاجتماعية موضحاً ان هذة الاجهزه البلاك بيري والايفون والكلكسي بعيده كل البعد عن الرقابة الامنية فلابد من توظيفها التوضيف الصحيح لان في ذلك حفظ لاخلاق وتصرفات الاطفال والمراهقين  ليكونوا بعيدين عن السلوكيات الخاطئة والسيئة ,اتمنى ان يقوم الاهل بدور الرقابة على طفالهم  حتى لانكون السبب في ضياع اولادهم مثل مايقول البعض.

المدرسة ودورها الرقابي

اوضح السيد  وليد ريسان مدير مدرسة (الرباط  للبنين) في بغداد ان اجهزة  التواصل والتعامل اليدوي وبمفرداتها المختلفة  ومن ضمنها الآيباد اصبحت خطر على الاطفال لانها تؤثر  في سلوكياتهم وتعيد تشكيلهم عن ادبيات التربية الاسرية والتعليمية. وبين ان صغار السن لايحسنون التعامل مع هذه التكنلوجيا المتطورة  فجهاز الآيباد  وغيره طغت على اهتمامات الاطفال وشلت تفكيرهم وأصبحت الشغل الشاغل لهم والعالم المغلق حيث ان بعض  التلاميذ  كان مستواهم في السابق ممتاز  ويفوق الذكاء ولكن بعد مدة من اقتنائهم للايباد تراجع مستواهم  واخذ يؤثر على تركيزهم  الذهني والإرهاق العقلي وبالتالي تأخرهم الدراسي. اتمنى ان يقوم الاهل اضافة الى دور المدرسة بالمراقبة  لان اكثر الوسائل التي تحملها هذة الاجهزه تكون  مضرة بأخلاق الاطفال بما تحملة من مواقع غير اخلاقية أوغير سليمة من ناحية العقائدية والتربوية والأسرية.

ايباد: سلاح ذو حدين ويتسبب بأمراض تتطلب وقتاً طويلاً  لعلاجها

اوضحت استشارية الامراض النفسية والطب الاسري الدكتورة ضحى احمد ان الاجهزة الالكترونية  وبالأخص (الآيباد) تعد سلاحا ذو حدين  يمكن تشبيهها بالسكين التي  في المطبخ لايمكن الاستغناء عنها  ومن ضروريات الحياة. وبينت ان الآيباد والأجهزة الاخرى لها ايجابيات اذا استعملت بطريقة جيدة وسليمة وتكمن الايجابيات في برامج تربوية مفيدة للطفل بينما تكون سلبية في برامج العنف والقتل والافلام الغير لائقة  هذة من الناحية الارشادية ,اما من الناحية الطبية تعتبر هذة الاجهزة (الآيباد والكلاكسي والايفون والبلاكبيري) من اخطر الامور على حياة الاطفال ماتسبب بامراض عديدة تحتاج وقت طويل لعلاجها حيت تؤدي هذة وبالأخص  للأشخاص الذي بلغوا مرحلة الادمان عدة امراض منها:

 1_تؤدي إلى أمراض نفسية كالخوف والفوبيا والسلوك الوسواسي والنوم المضطرب وضعف الثقة بالنفس والسلوك العدواني  والكراهية للآخرين  بما تتضمنه من مقاطع العنف.

2_ تؤدي  إلى عدم  تعاون الأطفال مع الغير وأشك في سلوك الاخرين  وضعف الشخصية والصعوبة في محاورة الاخرين.

3_تؤدي الى ضعف العلاقة مع افراد الأسرة والأصدقاء  لانشغالهم بتلك الاجهزة (ايباد).

4_تؤدي  الى تعرض الاطفال  للسمنة نتيجة الجلوس الطويل وعدم ممارسة المشي او الرياضه  او الحركة  بشكل عام  وتوتر الاعصاب واورام اليدين  وضعف البصر بسبب التركيز العالي.

وأضافت يجب على الآباء والأمهات  ان يقوموا باحتضان اطفالهم  ويسمحوا لهم باقتناء الآيباد واستخدامه في اوقات الفراغ ، أو بعد الانتهاء من الواجبات اليومية  للدراسة  وتحديد  وقت معين يعرف الطفل  متى يبدأ  ومتى ينتهي،  وتحديد وقت اقصى حد هو ساعتين  يوميا ً للاستخدام  بعد التأكد من نوع البرامج  والألعاب  الموجودة على الآيباد، مع اهمية عدم ترك  الحرية الأطفال  باختيار وتحميل البرامج من  تلقاء نفسة  بل يكون  بأشراف وإدارة من الوالدين.

علماء الاجتماع  ودورهم في توعية  الآباء والأمهات من أخطار الآيباد

يرى محسن علي  دكتور في علم الاجتماع والفلسفة  ان الحل هو ليس بمنع الآيباد تماما ً من  الطفل بل تحديد اوقات معينة في اليوم لاستعماله مع مراقبة  المحتوى الذي يستخدمه الطفل  ويطلع عليه  عبر تلك التقنيات، وكذلك السماح له  بعمل اشياء مفيدة  بعيدا ً عن هذه الأجهزه  مثل اللعب مع الأصدقاء  او الدراسة او ركوب الدراجة  وغيرها من النشاطات،  كما يتوجب على الوالدين ان يشرحوا لأطفالهم ان (الآيباد) ليس وسيلة للعب  او تسلية وإنما وسيله للتعلم  ، ثم اضاف ان الأسرة تستطيع احتضان اطفالها وتجعلهم يستخدمون الآيباد  بطرق صحيحة  وبعيدة عن الامور التي تؤدي  الى هلاك اخلاقهم  اذا تبعوا تلك النصائح  وعملوا بها ،  منها مساعدة الاطفال  في اختيار الالعاب أو البرامج  على الآيباد.

تحديد زمن يومي لايتجاوز ساعتين  كحد اقصى.

عدم الموافقة  على استخدام الاطفال لجهاز الآيباد  في غرف النوم  وقت اطفاء  الاضواء خوفا ً من الاشعاعات.

مشاركة الوالدين وتشجيع اطفالهم على التواصل بالمواضيع العلمية  وعدم الاستهزاء بالاطفال بالالعاب والبرامج التي يستفادون منها .

اخذ الاطفال الى الحدائق العامة والألعاب الترفيهية بهدف ايجاد بديل عن تلك الأجهزة.

وأشار بعدها ان رقابة الوالدين هي الاساس في حياة الطفل لكي يتعلم الطريق الصحيح بعيدًا عن الاخطاء التي تدمر حياتهم وهم في بداية اعمارهم.

 ختاما ً

قد نغرق اسماعنا اليوم في سيول من الثناءات  والتحذيرات  حول وضع ادوات التكنولوجيا الرقمية  بين راحات  اطفالنا  وقد ننجرف في متاهات  الحيرة حيال اتخاذ قرارات  حاسمة ، فجيل الرقمي اليوم  يسجل بصماته  على صفحات المسيرة  التربوية  والاجتماعية  المعاصرة ، متسلحا ً بالفطنة المشهودة مهارات قل نظيرها  لدى الاجيال السابقة . هنا الدعوة ان يقوم الوالدان باحتضان أطفالهم وممارسة دور الرقابة المباشرة التي تجعلهم يقفزون بأمان الى الأعلى وهو العلم  وجعل هذه الأجهزة مكانا ً لطيفا ً وجميلا ً وآمنا لأطفالهم.

واع/بغداد/يزن العوادي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*