الوهابية بين آل سعود والإسلام الحقيقي
محرر الموقع
لأكثر من قرنين من الزمن، كان تيار الوهابية المتعصب في السعودية مهيمناً، وممثلًا لشكل من أشكال التشدد الإسلامي الذي يصرّ على التفسير الحرفي للقرآن واعتبار كل من لا يتبع هذا التيار مشركًأ أو كافرًا وعدوًّا.
يقول محللون إن الوهابية أساءت وشوهت الإسلام، مشيرين بهذا لمتطرفين كثر مثل أسامة بن لادن وحركة طالبان، التي اتخذت من الإسلام حجَّة للقيام بأعمال إرهابية وانتحارية طالت العالم أجمع .
وعلى الرغم من إدانة السعودية وخصوصًا الأمير نايف (ولي العهد السعودي الحالي) لـ أسامة بن لادن، لكنهم بالحقيقة لم يدينوا تلك الرسالة، أو الهدف من أحداث 11 أيلول كمثال واضح على ذلك، ولكنهم أدانوا ابن لادن لشخصه، مبتعدين عن حقيقة أمر تعلُّمِهِ وتلقينه الإرهاب في المملكة العربية السعودية.
وتؤكد المناهج الدينية في السعودية و منها كتابا “الحديث” و”التفسير” على وجود السلفيين والوهابيين، الذين يشددون على عدم تقبُّل أي دين آخر لا يمثل تعصبَّها، داعيةً إلى كرههم ونبذهم، وربما قتلهم، غافلة عن وجود ما يطلق عليهم بالمعتدلين نسبيًّا من المسلمين والمسيحيين و اليهود وغيرهم.
حيث يدرّس “الحديث” و”التفسير” لمدة أربعة عشر عامًا للذكور في المدارس، و تقوم وزارة التربية والتعليم في السعودية بطباعة هذه الكتب ووضع سياسة المناهج التعليمية “الدينية” وفق سياسات خاصة.
وحاولت الحكومة السعودية منذ قدومها إلى السلطة عام 1932، التخلص من الكثير من الجماعات العرقية وتوحيدها تحت اسم الفكر الإسلامي الوهابي، باعتباره أكثر ميولًا إلى الأصولية وقدرةً على التحكم بمشاعر الناس وأفكارهم وتوجيههم نحو القتل والتصفية.
وامتلك الوهابيون بعد انتشار توجهاتهم وخاصة بعد حرب الخليج ، منبرًا خاصًّا للأفكار والأنشطة السياسية، مستخدمين الإسلام لإضفاء الشرعية السياسية والاقتصادية والسلوك الاجتماعي، مستغلين تعاليم المؤسسة الدينية نفسها، وعملوا على تصديره إلى أفغانستان وباكستان عن طريق أنظمة المدارس الدينية، ومن ثم إلى جميع أنحاء العالم الإسلامي. حيث إن الوهابية خلقت تناقضًا بين تعاليم الإسلام التي بنيت على التسامح، وبين منطق الوهابية القائم على ((إما أن تعتنق الأصولية أو تكون ضحيتها)) ، حيث شكلت هذه السياسة قاعدة أساسية للتحكم بالناس من منطلق إسلامي يتناسب مع أهداف المملكة وسياستها.
كما كان الاتصال بين الحركة الوهابية في السعودية وحركة طالبان خلال العقدين الماضيين قويًا وواضحًا، وجاذبًا أيضًا متطرفي شمال الهند وقيادات وهابية مختلفة، من خلال تدريسهم لهذا الفكر وتنظيمه، وهذا ما شهدناه مع قيام حركة طالبان بتدمير التماثيل البوذية والتحف والرموز الدينية الأخرى في أفغانستان، ممثلة بذلك لرؤية وهابية لا تؤمن بشواهد القبور، ولا الصور ولا حتى التماثيل، و لا تحترم أي معتقد آخر، معتبرة إياها نماذج من الشرك والكفر بالله.
((الإيمان بإله واحد، والاعتقاد في وحدانية رسالته، وحدانية الأسرة البشرية. و التعبير عن الإخلاص لله في حقوق الإنسان، وحسن الخلق، والرحمة والسلام والعدالة، والحرية)) عقيدة لن يجادل اثنان من المسلمين حولها. وثقت في القرآن الكريم باعتباره أعلى سلطة تشريعية في العالم الإسلامي المتشدد و المعتدل، و استمرارًا لنهج تعاليم النبيِّ محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وبناءً على ذلك فإن النقاشات الكثيرة عن الأصول للأحاديث والتفسيرات العديدة لآيات حملت جدلًا واسع النطاق، تفرض وجود ديناميكية تشريعية خاصة تتغير لتواكب تقدم الحياة، ولكن تجميد هذا الفكر في فترة زمنية معينة أو في تفسير بعض القضايا على أسس مذهبية وتعصبية بحتة يخلق الكثير من التناقضات، وخاصة في مملكة تنادي بالحريات ولكنها تحرم النساء من أبسط حقوقها في قيادة السيارة وتتغاضى عن أبرز أمرائها وأفعالهم في لاس فيغاس، وتفرض الوهابية على شعبها وعلى معتقداتهم!!.
تاريخيًّا ، منذ عام 1744، جرى تشكيل تحالف بين مؤسس الحركة الوهابية، محمد بن عبد الوهاب ومحمد بن سعود، الذي يحكم أحفاده المملكة العربية السعودية حتى اليوم. وكان هذا التعصب الرجعي للإسلام الأساس المثالي اللاهوتي لخلق استعمار من نوع آخر في المملكة العربية السعودية، والوهابية لا تزال النزعة الإسلامية الرسمية في المملكة العربية السعودية وحتى اليوم، و يُعرف أن الغرب بذل كل ما في وسعه لمساعدة المذهب الوهابي في الازدهار والانتشار، والاعتراف بأنها الأداة الأيديولوجية المثالية لتحقيق أهدافها الإمبريالية. وقد جادل البعض أن البريطانيين أساسًا هم من ساعدوا في الواقع على خلق الوهابية.
وبمفارقة خيالية نرى اليوم، الغرب يدعون ويوجهون أحفاد محمد بن سعود، (القائمين على النظام السعودي الحالي)، إلى الانضمام إلى حملة صليبيّة جديدة تحمل عنوان الديمقراطية. وهذا يدفعنا للتساؤل عن سبب تصريح مسؤول حكومي سعودي علنًا على ((بي بي سي)) : ((إن السماح للشعب لاختيار حكومته أمر مرفوض وضد الشريعة الإسلامية))، بينما نجدهم يسوِّقون ((الحريات)) جنبًا إلى جنب مع قطر ودول خليجية أخرى ومع دول غربية. ويدعون إلى التسلح والإرهاب علانية متذرعين بأنهم يدعمون الشعوب كافة في تحقيق الحرية والديمقراطية.
المصدر: عواصم ، إيكنا / الكاتب السوري: أحمد لايقة