سببت هوسًا لمشتركي «فيس بوك» و«تويتر» و«ماسنجر» و«بلاك بيري» و«واتس أب»”..شائعات مجهولة المصدر” تنتشر في وسائل الاتصال

373

26-6-2014-8-d

أمل مدربا..
تنتشر الشائعات المجهولة المصدر بين حين وآخر، على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك وتويتر.. إلخ)، والماسنجر والمواقع الإلكترونية والمنتديات وخدمات البلاك بيري والبي بي والواتس أب، بشكل أصبح يشكل هوساً يومياً لمشتركيها، والغريب أن هذه الشائعات والأخبار المغلوطة دائماً ما تنسب للصحف، والقنوات التلفزيونية، والإذاعية، أو غيرها من الجهات الموثوقة بهدف منحها صبغة رسمية ومرجعية، من قِبَل مروجيها، الذين يصفهم عدد من علماء النفس بأنهم من ذوي الشخصيات «السيكوباتية»، المنافية لأخلاق المجتمع، وزاد بعضهم بوصفهم أنهم ضائعو الهوية، وفاقدو الهدف، ووصفهم علماء الدين بالفاسقين، وناشري البلبلة والفوضى في المجتمع.

وأكدت دراسة نفسية في نجد والحجاز أن الشائعة تتغير 70% عن مصدرها الأصلي من خلال انتقالها عبر عدد من الناس، كل منهم يسعى لتصديقها بما يتفق ورغبته في التصديق أو التكذيب، وأن الرجل والمرأة يتساويان في مستوى تلقي الشائعة، سواء بالإيجاب أو النفي، كما أن الشائعة ليست سلبية دائمًا، إذ من خلالها يمكن معرفة مدى تقبل الناس واستعدادهم لأي حدث من الممكن توقعه، أو حدوثه، والتنبؤ بردود الأفعال مسبقًا، وهذا يسهِّل كثيرًا على صنَّاع القرار في اتخاذ القرار المناسب.
وموقع الحكمة يعيد نشر هذه الدراسة التي جاءت في قالب تحقيق صحفي ونشرت قبل عامين لإمكانية الاستفادة من مقدماتها ونتائجها في معالجة الظاهرة عينها في مجتمعنا العراقي الذي يعاني من سلبياتها مثل باقي المجتمعات القريبة جغرافيًّا من بلدنا ، خاصة في هذه الظروف التي يمكن لأعدائنا المتربصين بوحدتنا أن يستغلوها في إشاعة روح الإحباط من خلال الدعايات المغرضة .
غياب جماعي
وصفت المعلمة حصة خالد الشائعات بالمربكة وقالت «تتغيب كثير من الطالبات، في بعض الأيام التي تصادف المناسبات الوطنية، أو حتى مواسم الأمطار أو الغبار، بدعوى أنها إجازة أُمِر بها، ووصلت إليهن عن طريق البلاك بيري، أو أن الأرصاد حذرت من الخروج من المنازل لوجود موجة غبار كثيفة، أو أمطار غزيرة ووصلتهن عن طريق البلاك بيري أيضًا، وأصبح الغياب الجماعي في المدارس ظاهرة مستمرة بسبب الشائعات أو مواقع التواصل التي يتفق الفتيات فيها على ذلك»، وتضيف «كنت في السابق أقوم بتأجيل الحصة إلى يوم آخر، مما يربك خطة المنهج لدي، ويؤخرني، لكني في الفترة الأخيرة عدلت عن ذلك وأصبحت أشرح درسي ولو كانت الحاضرة طالبة واحدة فقط».
أرقام شباب
وتقول «باسمة» «إن شائعات البلاك بيري ومواقع التواصل لا تتعلق فقط بالإجازات، فهناك ما هو أخطر، وتقريبا في كل يوم تصلني شائعة عن فقدان أم لابنها أو ابنتها الصغيرة، ويرفقون صورًا لأطفال ويضعون أرقاما للتواصل مع أهلهم ساعة إيجادهم، وقد حاولت إحدى صديقاتها الاتصال على رقم من تلك الأرقام، وكان المفاجأة أنه شاب يريد التعرف والصداقة. وتوافقها هند علي وتقول «في كل يوم تصلني دعوى للتبرع بالمال لأحد الآباء أو الأمهات المريض طفلهما أو المحتضر، وفي مرة من المرات حاولت الاتصال لكن أختي منعتني لأنها قرأت سابقا أن تلك الأرقام المرفقة ما هي إلا أرقام شباب يريدون المعاكسة، أو فتيات اتصلن عليهم وقاموا بنشر أرقامهن”.
خداع واستغلال
وعبرت أطياف نجيب عن أسفها وأنها قامت بإلغاء الخدمة بعد أن وقعت مرات عديدة في فخ الشائعات وتقول «من فترة لأخرى يصلني برود كاست يقول إن شركة الاتصالات ستقوم بتحديث البيانات، وعليه لا بد أن أقوم بإرسال رسالة مكونة من أرقام مرفقة مع البرود كاست للخدمة وإلا تعذر إعادتها، وحين أعاود إرسالها خشية انقطاع الخدمة علي، يتضح أنها عبارة عن تحويل للرصيد للرقم المدون» وترى مروة علي أن تلك الشائعات لا تنطلي إلا على جديدي الخدمة، ولا تمر على من عاشرها زمنا، وأصبح عارفا بأنواع الحيل التي يستغل بها البعض لجهلهم، ومحاولة قليلي الذمة لنشر الأرقام لعبة سخيفة من قبل ظهور هذه الخدمات.
غيرة وحسد
وتقول نورة موسى «طلقت صديقتي من زوجها بسبب شائعة كتبت على صفحتها في الفيسبوك، ولم يتأكد من مصدرها ومدى صحتها، حيث نشرت تلك الشائعة أكاذيب وشوهت صورة صديقتي، وسمعتها، وكانت إحدى الزميلات التي تدرس معنا بنفس الجامعة هي من فعل ذلك بدافع الحسد، والغيرة، والحقد»، وتشعر أمل عز الدين بالخوف كلما سمعت تلك القصص وتقول» مع تفشي الإنترنت في حياة الناس، ووسائل الإعلام الجديدة انتشرت الشائعة الإلكترونية، التي يبدو تأثيرها أضخم بكثير من أثر الشائعة العادية المعروفة، حتى أصبحت أتردد في تصديق كل ما يصلني من أخبار، أو اكتشافات، فكثيرا ما يصلني أن فلانا مات بحادث وتصور جثته، دون تصور لشعور عائلته حال وصول الخبر لها، إن كان لا يتعدى الشائعة، حتى شائعات الاكتشافات الطبية المروجة مثل :»إغلاق فتحة الأنف اليسرى أصبح علاجا للصداع مثلا!!”.
شخصيته عدائية
ويبين الدكتور وليد الزهراني الاختصاصي النفسي الإكلينيكي أن أسباب الشائعات قد تكون نفسية، وقال «ربما كان إطلاق الشائعة نتيجة لمشكلة نفسية تصيب الشخص نفسه، أو لدى شعوره بالغيرة، أو بدعوى الحسد والحقد من باب أذية الغير كسلوك سلبي أو من باب التقليد في مجتمع تنتشر فيه الشائعات فيحاكي مجتمعه، أو لعله من حب الشخص للفت الانتباه والأنظار حتى يتميز بأخباره الجديدة، وموضوعاته المتنوعة حين يجد قبولاً لها في محيطه، ومطلق الشائعة قد يعاني مشكله سلوكية أكثر منها نفسية، خاصة من يمتلك مشاعر عدائية لأناس معينين، فيحاول تشويه سمعة من يعاديه، أو الدخول في شرفه، وعرضه، وتكون منتشرة بين النساء أكثر من الرجال، ولا يقتصر الوضع على مواقع التواصل فنجدها حتى في الاجتماعات الأسرية.
مصادر متعددة
وأضاف الزهراني «مطلق الشائعة دائمًا يجعلها مقصودة ويكون الارتباك في نسبها لمصدر مختلف كلما أعادها بـ «سمعت» أو «علمت» من مصادر متعددة، والمشكلة كذلك تمتد لمن يصدق الشائعة ويقع في قلبه حقيقة كل ما يسمع وهو ما يشجع مطلقها ويعززه ويدعمه فكلما أطلقها ولقي مردودها زاد أكثر وأكثر، فالمتلقي إذاً له دور أيضا والإنسان المنطقي والواقعي هو من لا يصدق إلا ما يراه بعينه ويسمعه بأذنه، وما ينتشر في مواقع التواصل من شائعات تطال المشايخ والعلماء ولاعبي الكرة والممثلين والنجوم دائما يكون بهدف تشويه سمعتهم، وقذفهم، وهو راجع لتربية الشخص نفسه، وهذا ما يطلق عليه في علم النفس بالشخصية المنافية لأخلاق المجتمع أو الشخصية «السيكوباتية» العدائية.
فقدان للهدف
وأكدت اختصاصية علم النفس إلهام حسن أن من أهم دوافع الشائعات الإلكترونية الترفيه وجذب الانتباه وكذلك العدوانية، وأن مروّج الشائعة يُسقط ما يضمره في نفسه، كالخوف أو الإهمال أو الخيانة أو الرشوة أو التضليل، على الآخرين. وغالباً ما يركّز المروجون للشائعات على وتر الوطنية، والجنس، لتكون أسرع انتشاراً وأكثر تداولاً بين المتلقّين، وتؤكد «حسن» أن مطلق الشائعة يعاني فقدان الهدف في حياته، فيبحث عن أمور قد تكون تافهة، لكنها في نظره ذات هدف عظيم، فيصرف جهده ووقته عليها، مشيرة إلى أن كثيرًا منهم يعانون أمراضًا نفسية، واتزانهم مفقود، فيسعون وراء أمور سطحية، ويطلقون لخيالهم العنان فيها ظناً منهم أنها أمور تستحق البت فيها، ويستطيعون أن يجذبوا الكثير إليهم، ودافعهم الحقد دائما.
فلترة الثلاثية
وأوضحت أستاذة علم الاجتماع حنان الشريف أنه مع ظهور تقنية الاتصال السريع عبر برنامج «الواتس آب» و”البلاك بيري” وانتشار أجهزة «الآيفون» أخذت الشائعات بالسيطرة على المشهد فبات المزاح فيها نوعًا من «الثقافة المرحة». مؤكدة أنه لا أحد يستطيع إيجاد تفسير دقيق لهرولة البعض لصناعة الشائعات السلبية والتلذذ بانتشارها في أرجاء الوطن، فقد يكون الطيش سببًا أو المراهقة وقلة الخبرة أو المعاناة من مرض نفسي أو حتى الإجرام وكره المجتمع، موضحة أن الشائعات تظهر وتنتشر في الأوقات التي تزداد فيها رغبات الجماهير واهتماماتهم لذلك، وهناك عدة أسباب تساعد على انتشار الشائعة، منها: أن تكون متضمنة معلومات أو قضية مهمة بالنسبة للجمهور،وأن تكون متسقة مع اتجاهات الأفراد وميولهم وتوقعاتهم، وعندما لا يكون هناك اتساق بين الأهداف وأساليب تحقيقها، كما أن لشخصية ناقل الشائعة، وميوله، واتجاهاته ومركزه الاجتماعي، وصلته بمصدر الشائعة دورا كبيرا، ويلاحظ انتشار الشائعة في الظروف الغامضة التي تتضارب فيها المعلومات وتقل الثقة في مصادر المعلومات الرسمية مثل أوقات الحروب والإضرابات والتوترات والفوضى. وهو ما يسمى بنظرية “الفلترة الثلاثية”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*