هل يقبل سُنَّة العراق بالمساواة مع شيعة السعودية؟

380

26-6-2014-7-d

د. حامد العطية..
اتهم وزير الخارجية السعودي الحكومة العراقية بتهميش وإقصاء السنة العرب، وهو يتجاهل أبسط الحقائق عن النظام السياسي العراقي، فهو نظام تحاصص إثني وطائفي، ولكل مكون إثني وطائفي حصة متفق عليها من المناصب السيادية ومقاعد النواب والوظائف القيادية، ولمناطقهم حصص مقررة من الميزانية الفدرالية، ولو تحرينا العدالة والانصاف لتبين أن حصة الأكراد والسنة العرب من المناصب السياسية والإدارية والدبلوماسية والأموال العامة والنفوذ أكثر بكثير من استحقاقهما العددي.

ماذا يريد السنة العرب أكثر من هذا؟ كل شيء، أي العودة بالزمن إلى الوراء، عندما كان السنة يحكمون، والعراقيون الشيعة محكومين ومهمشين ومظلومين ومحرومين ومضطهدين إلا نفر قليل مرتبط عقائدياً أو مصلحياً مع الحكام السنة، أما الأكراد فيريدون مد دولتهم المستقلة إلى كل شبر مشى عليه كردي.
من كان قصره من زجاج لا يرمي الناس بالحجارة، مثل يتكرر سماعه بين العرب، لأن الكثيرين منهم يرمون بالحجارة وما هو أشد فتكاً منها يميناً ويساراً، ومنهم حكام السعودية، مما يدفعنا لتفحص قصورهم الزجاجية.
في السعودية أقلية شيعية، إماميون كما أهل العراق وإيران وإسماعلييون، ويشكلون حوالي 15 بالمائة من سكان السعودية، وهي نفس نسبة السنة العرب في العراق.
وللعلم كافة شيعة السعودية عرب أقحاح، قبائلهم معروفة، سكنوا مناطقهم منذ القدم، وهم أحق بالبلاد وخيراتها من الكثيرين من سكان الحجاز وغيرها المنحدرين من أصول أسيوية والمتجنسين والأرقاء المحررين.
في العراق رئيس مجلس النواب من العرب السنة، وكذلك نائب رئيس الجمهورية ونائب رئيس الوزراء، ولهم عدد من الوزارات السيادية وغير السيادية وسفارات ومناصب عليا من وكالات الوزارة والإدارة العامة.
في السعودية حيث يشكل الشيعة نفس نسبة السنة العرب في العراق، أي 15 بالمائة، رئيس مجلس الشورى سني، ونواب الملك ورئيس الوزراء من العائلة المالكة وهم من السنة، ولم ولا ولن يوجد وزير شيعي واحد، لا في الحاضر ولا الماضي ولا المستقبل، ما دام آل سعود يحكمون بمباركة أحفاد آل محمد بن عبد الوهاب.
في العراق حصة السنة من مقاعد مجلس النواب الثلث (33%)، أي حوالي مائة مقعد، أما شيعة السعودية فيشغلون 5 مقاعد فقط من أصل 150 مقعداً، أي بنسبة 3 % فقط، وهم معينون بقرار ملكي لا منتخبون.
أعلى منصب شغله شيعي في السعودية هو سفير، وكان من نصيب الدكتور جميل الجشي لفترة قصيرة، سفيراً لبلاده في إيران، ولا يرقى الشيعة للمراتب العليا في الحكومة، ومن المحظور عليهم التوظف في القوات المسلحة والسلك الدبلوماسي والشركات الحكومية الكبرى، ويضطر البعض منهم لإخفاء مذهبه خوفاً من الاضطهاد والتمييز في المعاملة، وقد عملت مع أحدهم في مؤسسة سعودية، وبعد خروجه منها كاشفني بأنه شيعي، لكنه اضطر مرغماً على التظاهر بغير ذلك اتقاءً لشرور الطائفيين في المؤسسة، وهي ظاهرة غير موجودة البتة في العراق.
يستخرج النفط في السعودية من المنطقة الشرقية، حيث يعيش الشيعة، وهم أقل الناس استفادة من عوائده، وفي العراق يستخرج معظم النفط من مناطق الشيعة، ولسُنَّة العراق حصة كاملة وغير منقوصة من عوائده.
لا يحرم علماء الشيعة في العراق زواج الشيعي من سنية أو الشيعية من سني، أما في السعودية فدونه خرط القتاد، لأنهم في السعودية وغيرها يكفرون الشيعة، ويفترون عليهم أقبح الافتراءات، فيما خرج المرجع الديني لشيعة العراق ليقول بأن السنة ليسوا إخواننا فقط بل هم أنفسنا.
يتضح من هذه المقارنة السريعة أن شيعة العراق أكثر إنصافاً بكثير من حكام السعودية والبحرين، ويبقى أن نقول لحكام السعودية والخليج بأن لا ينهوا عن تهميش سنة العراق وهم يضطهدون شيعة بلادهم، والعار كل العار أن تنهون عن فعل وتأتون أسوأ منه.
إن أعظم صور العدل وأسمى الأخلاق أن تقول الحق على نفسك.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*