الانتخابات العراقية كارثة بيئية والمرشّحون لم يكترثوا للتلوث
وسيم باسم
الوعي البيئي العراقي في الحضيض، لدى المرشحين والناخبين على حد سواء، ما جعل من العملية الانتخابية كارثة بيئية حلت بالمجتمع العراقي، بسبب ترك آلاف القوارير البلاستيكية وأطنان الورق مهملة في مراكز الاقتراع.
لم تقم انتخابات العراق أي اعتبار للبيئة، بل تحولت إحدى اسباب التلوث في العراق. فمن المراكز الانتخابية إلى فوضى الشوارع التي تؤدي إلى مراكز العراق، بدا الناخب العراقي غير مكترث بنظافة بلده.
خلّف المشاركون في التصويت وراءهم فوضى مكانية وبيئية تثير التساؤل عن غياب الوعي في أهمية المحافظة على البيئة، في ظل بقايا مستلزمات الدعاية الانتخابية المتروكة، والملصقات والصور التي تتقاذفها الرياح في الشوارع، وانتشار قوارير الماء الفارغة وبقايا الطعام في كل مكان، ويمكن تصور حجم التلوث البيئي إذا عرفنا أن أكثر من 8100 مرشح ينتمون إلى أكثر من 260 كيانًا سياسيًا يتنافسون للفوز بـ 378 مقعدًا في مجالس 12 محافظة.
وفي مدينة بابل، تركت حملة انتخابية تقوم بها إحدى الكتل السياسية الآلاف من القوارير البلاستيكية الفارغة التي ملأت ملعب الحلة الرياضي. كما يلاحظ المراقب خلو الشعارات والخطابات الانتخابية للمرشحين والكتل السياسية من أي إشارة إلى المشكلات البيئية الكثيرة التي يعاني منها العراق.
سياسة بيئية انتخابية
يقول الباحث البيئي لطيف الشريفي: “فضلًا عن التلوث البيئي، فإن ترك الآلاف من القناني الفارغة وأطنان من الورق والمواد البلاستيكية من دون الاستفادة منها، يمثل هدرًا للاقتصاد”. ويعاني العراق، بحسب تقارير علمية، من مشاكل بيئية كثيرة، أبرزها تلوث مياه الشرب، والجفاف، والتصحر، والتلوث الإشعاعي والصناعي.
ويدعو الشريفي الجهات المشرفة على الانتخابات والحكومات المحلية إلى وضع سياسة بيئية ترافق الحملات الانتخابية، يلتزم بها الجميع، وتصبح جزءًا من المعايير الانتخابية المعمول بها، كما تدعو الناشطة النسوية مائدة حسين إلى عدم انتخاب المرشحين الذين يتسببون بالتلوث البيئي، بل إلى محاسبتهم بعد انتهاء فترة الانتخابات.
ويشير الشريفي مرة أخرى إلى ضرورة أن تُمنح التراخيص للمقرات والفعاليات الانتخابية بعد توافر شروط بيئة معينة يُصادَق عليها من جهات بيئية وصحيّة.
اللجوء لشركات مختصة
يُعزي المهندس عامر الشمري، من بلدية بابل، انتشار مخلفات الانتخابات إلى غياب أجندة النظافة التي لا توفرها إلا الشركات المحترفة، مثلما يحدث اليوم في الكثير من الدول الغربية. ويتابع: “لا ننسى بقايا الطعام والشراب ومخلفات وسائل النقل إلى مراكز التصويت”.
ويقترح الشمري التعاقد مع شركات نظافة محلية أو أجنبية، ترافق الحملات الانتخابية، لتقوم بدورها في الحفاظ على البيئة من التلوث الانتخابي. ويدعو إلى ترك مهمة الحملات الدعائية للمرشحين إلى شركات اعلان مختصة، تتحمل مسؤولية تنظيمها ومن ثم ازالتها في الوقت المناسب.
الجدير بالذكر أن مرشّحي الانتخابات بالعراق يقومون بالدعاية لأنفسهم بمساعدة الأهل والأصدقاء والأقارب، فيعملون على لصق الدعايات الانتخابية في كل مكان، وبطريقة يصعب إزالتها في المستقبل مسببة تشوهًا في المظهر العام للشوارع والمدن.
تعيق التمثيل الضوئي
يروي المواطن أحمد الياسري أن المشاركين في التصويت خلفوا وراءهم كمًا هائلًا من الملفات الورقية والشخصية وقناني الماء والعصير، في إحدى المقرات الانتخابية بشارع الأربعين في الحلة. ويقول: “ستبقى هذه لفترة طويلة قبل أن يأتي عمال النظافة في البلدية لتنظيف المكان ورمي المخلفات الورقية والبلاستيكية في القمامة من دون إعادة تدويرها”.
ويشير الفنان شبيب الحلي إلى التلوث البصري الهائل الذي تسببه الشعارات والملصقات الانتخابية للمرشحين. ففي جميع الأماكن ترك العرْض العشوائي لصور المرشحين ودعاياتهم أثرًا كبيرًا في المشهد الجمالي، ويقول الحلي إن الدعايات الانتخابية خرّبت الذوق العام. وباعتباره معلّما للرسم في مدرسة ابتدائية، لاحظ أن الأطفال يرسمون اليوم المدن والشوارع بطريقة فوضوية حيث تكثر الملصقات والإعلانات.
ثمة جانب آخر من التلوث، يشير إليه الأكاديمي في علوم الحياة أحمد عبد، منبهًا إلى أن الملصقات الكثيفة على الأشجار تعوق عمليات التمثيل الضوئي، كما أن الكثير من المواشي والأغنام تتغذى على ملصقات الدعاية بعد أن قذقتها الرياح حيث تحتوي على مواد سمية كالأصباغ و اللواصق.
حلول مقترحة
يقترح عبد حلول عدة لتقليل نسب التلوث، لا سيما في أوقات الانتخابات، من خلال تأمين حافلات نقل للناخبين تختصر أعداد سيارات النقل الصغيرة المستخدمة بكثرة، لغرض تقليل نسب الغازات الملوثة. كما أن نشر الوعي البيئي عبر وسائل الإعلام المختلفة كفيل بتقديم نتائج أفضل.
ويتابع: “الوعي البيئي لم يغب عن الناخب فحسب بل عن المرشح والناخب على حد سواء”. ويرى عبد أن من الطرق التي توصل المشكلة البيئية إلى الأسماع هو بإنشاء حزب بيئة عراقي، يتولى مهمة الدفاع عن الطبيعة والمحيط الصحي.
المصدر: إيلاف