الحياة تحت خلافة داعش: عراقيات يعبّرن عن سخطهن من ’جهاد النكاح‘
• أعرب عراقيون يتخذون من لبنان مسكناً لهم عن سخطهم إزاء استهداف ما يعرف بتنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” (داعش) للنساء في شمال العراق وإجبارهن على الزواج من مقاتليه في ما يسمى بـ”جهاد النكاح”.
وكانت وزارة حقوق الإنسان العراقية قد كشفت في مطلع الشهر الجاري عن تسجيل عدد من الانتهاكات التي ارتكبتها داعش بحق نساء عراقيات.
وشملت هذه الانتهاكات إكراه العديد من النساء على “إرضاء الرغبات الجنسية لمقاتلي التنظيم وفق ما يعرف بفتوى جهاد النكاح وإرغام قاصرات على الزواج بهم”، حسبما قال المتحدث باسم الوزارة كامل أمين.
وخلال الشهر الجاري أيضاً، أعلنت نائبة الأمين العام والمديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة فومزيل ملامبو نكوكا أن أربع نساء انتحرن بعد أن تعرضن للاغتصاب أو أُجبرن على الزواج من مقاتلين بداعش.
وقالت الطالبة الجامعية في كلية إدارة الفنادق، منى مهدي، 21 عاماً وتعيش مع عائلتها منذ سبع سنوات في لبنان، “حرام ما يحصل”.
وقد تركت منى العراق عندما كانت في الـ 14 من عمرها ولكنها لا تزال تحتفظ بصور عن حياة بغداد الجميلة، وما كان فيها من تقدم على الصعيدين الاجتماعي والثقافي.
وقالت “لا يمكننا ونحن في الألفية الثالثة أن نعود عقوداً إلى الوراء، وتحديداً إلى ما ينادي به تنظيم داعش. لا يمكن لداعش و من تدعيه خليفتها أن يحكمانا باسم الدين وينزلا علينا أحكاماً لا تمت لقوانين حقوق الإنسان بصلة، ويفرضا على المرأة العراقية قوانينهم المذلة”.
وتابعت قائلةً “أمام كل بنت مستقبل ومن المفترض أن تقرر بنفسها مسار حياتها، فبأي حق تفرض داعش، هذه المجموعة الإرهابية، ما لا يتصوره عقل عليها وبالقوة، لإنهاء حياتها قبل أن تبدأ؟”
انتهاك فاضح للشرف والمبادئ
أما شقيقها الأستاذ الجامعي زين مهدي، فأكد أن ما تفرضه داعش على بنات نينوى والموصل “انتهاك فاضح للشرف والمبادئ”.
واعتبر مهدي أن “نكاح الجهاد دخيلة على العادات العراقية”.
وقال: “هذه الظاهرة ليست من أخلاقنا وعاداتنا. إنها دعارة علنية واستجابة لشذوذ”.
وطالب مهدي بأن يتصدى المجتمع العراقي لهذه الظاهرة “الفاسدة والمرفوضة”، مؤكدا أن العراقيين لن يتخلوا عن مظاهر عيشهم الراهنة.
وأوضح أن داعش “تريد إرساء خلافة لا علاقة لها بالإسلام الذي يحترم الإنسان ويحفظ حقوق المرأة ويحترمها”.
وأضاف “لطالما كان العراق نموذجاً للانفتاح […]. نحن شعب يحب الحياة والعصرنة ولن نقبل بإعادتنا إلى عصور حجرية وأنظمة وعادات تغير من نمط حياتنا”.
من جهتها، قالت أسيل فليح وهي طالبة في كلية إدارة الأعمال في الجامعة الأميركية للعلوم والتكنولوجيا ببيروت، “داعش غريبة عنا ويجب مكافحتها قبل أن تفتك بعرض النساء والفتيات”.
وشددت فليح على أنه لا يمكن للعراقيين العيش بظل أحكام خلافة تضع حداً لتقدم حياتهم الاجتماعية الحديثة وسيادة القوانين المدنية.
وقالت “لن نعود بعراقنا إلى قوانين تهين المرأة وتحط من كرامتها ولن نتخلى عما وصلنا إليه من حياة مدنية حديثة”.
الإسلام يكرّم ويحترم المرأة
بدورها، أشارت العراقية داليا الجدوع، وهي ربة منزل وأم لفتاتين، إلى أن الإسلام يكرّم المرأة ويقر بحقوقها من تعلّم وعمل وإبداء الرأي، وهو عكس ما تنادي به جماعة داعش.
وقالت الجدوع “إن داعش تحلل الحرام وتحرّم الحلال. المرأة العراقية كما فتياتها متعلمات ومثقفات ولهن حياتهن وهن من يقررن بمن يقترنّ”.
وأضافت “لا مكان للخلافة الإسلامية التي تدعيها داعش في مجتمعنا العراقي ولا لأحكامها التي تفرضها على المرأة العراقية المتمسكة بحقوقها المدنية التي يصونها الدستور”.
وعبّرت الجدوع عن أسفها لما تحاول داعش فرضه من تعليمات في الموصل، كما عبّرت عن قلقها من أن تفرض داعش ممارسات غريبة عن عادات العراقيين ودينهم.
وتابعت “حرام ما يفرض على بناتنا من هؤلاء الهمجيين الذين لا يخافون ربهم. كيف يفرضون الحرام وينتهكون عرض الفتيات والنساء لدرجة إقدام عدد منهن إلى الانتحار؟”
وتساءلت “كيف لنا بقبول خلافة داعش التي تدعي الإسلام وتريد فرض كل ما من شأنه أن يجعلنا سبايا له؟ خلافتهم مردودة مع الشكر، وليفكوا شرهم عنا”.
ورأت المحامية اللبنانية المنضوية بالتجمع النسائي الديموقراطي، منار زعيتر، أن القوى الأصولية كداعش تستهدف النساء اللواتي يمثلن بحسب قولها “الفئة الأكثر تهميشاً في المجتمع”، بهدف إبراز قوتهم.
وأكدت زعيتر أن جهاد النكاح هو أبشع أنواع التنكيل بالنساء، إذ يشمل بمضمونه كل أشكال العنف الجسدي والقانوني ضد المرأة.
وقالت “لا يمكن الاستمرار به أو إعطاؤه صبغة شرعية لأن ما تفرضه داعش على النساء يدخل في ثقافة عقول حجرية وإرهابية تسعى إلى السيطرة على المرأة”.
الشرفة