في العاشر من ربيع الثاني هـلّ نـورٌ مـن أنوار العـرش وحلّ في بيوت الوحي والرسالة
ما إنْ حلّ العاشر من شهر ربيع الثاني من سنة مئتين واثنين وثلاثين للهجرة النبويّةِ الشريفة حتّى وُلد في المدينة المنوّرة برعمٌ علويٌّ آخَرُ من الشجرة النبويّة المباركة والدوحةِ الهاشميّة الطاهرة.. ذلك هو الإمام أبو محمد الحسن العسكري(عليه السلام).. فزهر وزها بيتُ الوحيِ والرسالة ومهبط الملائكة بهذا الوليد الزكيّ، وابتهجت وسُرّت به قلوبُ أهل البيت(عليهم السلام)وفرح محبّوهم ومريدوهم وهم يرون غُرّته تشعّ نوراً وهدىً وشرفاً وكرامة.
وبهذه المناسبة نتقدم بأسمى آيات التهاني وأجلّ التبريكات إلى مولاناصاحب العصروالزمان (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) ومراجعنا الأعلام وإلى الأمّة الإسلامية بذكرى مولد النورالحادي عشرمولانا وسيّدناالإمام أبي محمد الحسن بن عليّ الزكيّ العسكريّ(صلوات الله وسلامه عليهم) سائلين المولى عزّوجلّ أن يجعلكم وإيّانامن المنتهجين بنهجه والنائلين شفاعته يوم الورود.
ولد إمامُنا الحسن العسكري(عليه السلام) في سنة(232هـ) حيث تلقّفه والدُهُ الإمام علي الهادي(عليه السلام) بالفرح والابتهاج، لأنّه الامتداد الطبيعي للنبوّة ووارث علم الأنبياء والأوصياء، فسارع الإمامُ الهادي إلى إجراء مراسيم الولادة كما أجراها رسول الله(صلّى الله عليه وآله) مع الحسن والحسين(عليهما السلام)، فأذّن في أُذُنه اليمنى وأقام في اليسرى وحلق شعر رأسه في اليوم السابع وتصدّق بوزنه فضّةًوعقّ عنه بعقيقةٍ عملاً بالسنة المقدّسة، ثمّ سمّاه بـ(الحسن) وكنّاه بـ(أبي محمد) وتولّاه بالرعاية والتربية النبوية والآداب والحكم الشامخة فاصطنعه صناعة تحت ظلّ اللطف والفيض الإلهي، كما تولّى رسولُ الله(صلّى الله عليه وآله) عليّاً(عليه السلام)، فبرزت معالم العلم والفضيلة والحكمة على إمامنا العسكري منذ صغره.
ويُلقّب بالعسكريّ، والخالص، والسراج، والنقي، والزكي، وابن الرضا. وكنيته: أبو محمد،والدته: هي السيدة الجليلة (سليل) وتُلقّب بـ(الجدّة) إذ كانت من العارفات الصالحات العالمات، ويكفي في بيان منزلتها ما قاله الإمام الهادي(عليه السلام) عنها: (سليل مسلولة من الآفات والأرجاس والأنجاس)،تزوّج الإمامُ الحسن من أَمَةٍ اسمُها (نرجس) ويُقال لها (مليكة) بنت يشوعا بن قيصر ملك الروم، وأمّها تُنسب إلى شمعون وصيّ المسيح(عليه السلام)ولم يكن للإمام الحسن العسكري(عليه السلام) غير ولد واحد منها هو إمامُنا الثاني عشر المهديّ المنتظر(عجّل الله فرجه)،وكان إمامُنا العسكريّ(عليه السلام) أسمراً حسنَ القامة جميلَ الوجه جيدَ البدن له جلالةٌ وهيبةٌ يعظّمه الخاصة والعامة لعظيم فضله وعفافه وزهده وعبادته وكرمه،وتولّى الإمام الحسنُ الزكيّ شؤونَ الإمامة بعد وفاة أبيه الهادي(عليهما السلام) سنة(254هـ) ، وكانت مدّة إمامته ستَّ سنين وأشهر، ورحل الإمام العسكري عن الدنيا مسموماً في سامراء (العراق) يوم الثامن من ربيع الأول سنة(260هـ)، فيكون عمره الشريف حين وفاته (28سنة).
فالسلام على مولانا الإمام الحسن الزكيّ يوم ولد طاهراً مطهّراً ويوم مات مستشهِداً مسموماً مظلوماً ويوم يُبعث حيّاً شافعاً منصوراً، جعلنا الله وإيّاكم من شيعته وأنصاره ومحبيه.
شبكة الكفيل