انتشار ثقافة العمل التطوعي في العراق
أشاد مهتمون بالشأن المدني بالمبادرات التطوعية والأعمال الخيرية التي قامت بها فرق شبابية ومنظمات مجتمع مدني للنازحين، رغم محدوديتها ونسبتها مقارنة بحجم الأزمة وأبعادها.
وقالوا في أحاديث لـ”ملحق ديمقراطية ومجتمع مدني”، إن “أسس التطوع في المجتمع عريضة ومتميزة ولا تحتاج سوى التنظيم والاهتمام والقيادة وما يقدم في المناسبات الدينية والزيارات المليونية من أعمال تطوعية والتعاطي مع النازحين يؤكد أن المجتمع العراقي بجميع أطيافه ومكوناته مؤمن برسالة التكافل الاجتماعي وعلى استعداد لتخفيف أعباء الدولة والجهات الرسمية التي تعجز لوحدها أن تتصدى لها.
يقول طارق العادلي مدير المركز الإعلامي لمنظمات المجتمع المدني: إن “ثقافة التطوع وعدم تبلورها كسلوك ونظام ربما يتعلق بأسباب تاريخية، منها تتعلق بالأنظمة وطبيعة العلاقة مع الفرد ونظرة الأخير الى الدولة كسلطات لحكمه وليست لخدمته، ما ساعد على بروز نوع من التعامل السلبي للأسف بين الفرد المواطن والدولة مهما كان نظامها وشكلها ديمقراطيا او غير ذلك”.
لافتا الى ان “ما حصل عبر عقود طويلة لا يرقى الى مفهوم التطوع بمعناه الدقيق، إنما كانت على شكل اندفاعات وهبات سرعان ما تتلاشى بمجرد انتهاء الدافع والمصلحة، وحتى المنظمات المدنية ليست لديها بعد الخبرات والإمكانات والاستعدادات للقيام بعمل تطوعي منظم، لكن ما حصل عبارة عن تنفيذ مشاريع معدة لهذا الغرض محددة بوقت وقائمة على مصدر تمويل؛ أعني ليست اندفاعات ذاتية وثقافة مترسخة لديها بعد، وقسم من هذه المنظمات ذات ارتباطات سياسية، ما أفقدها هويتها المستقلة”.
وأضاف العادلي: “أما بالنسبة للمنظمات المدنية ومسارها التطوعي لم يبرهن على جديتها ومصداقيتها على النحو المطلوب والمناسب، لذلك نحتاج أولا الى ترسيخ القناعة بعمل المنظمات قبل القيام بحملات التطوع، هذه إشكالية ربما تحتاج الى حلول فضلا عن ضرورة الاعتراف بالمنظمات من قبل مؤسسات الدولة وإشراكها فعليا في صناعة القرار ومراحل التنفيذ وصولا الى التشاركية الصحيحة، ونأمل أن نشهد حراكا واضحا لهذا النوع من العمل والفعل لما له من أثر في دعم جهود الدولة واسوة بما يحصل في البلدان الاخرى التي تعيش الاستقرار وتتصاعد لديها فعاليات الاعمال التطوعية، إنها ثقافة لا بدَّ من شيوعها وانتشارها واعتمادها كسلوك ومنهج للأجيال الشابة”.
من جانبه قال رئيس الهيئة الإدارية لمنظمة “الخير الإنسانية” الناشط سعد جبار البطاط، إن “هذا الأمر منوط بالفرد نفسه بالإضافة الى أنها ثقافة عامة نحن نفتقد كلتيهما، لا يوجد إنسان مبادر ولا توجد مبادرات عامة تنطلق من المحلة او المنطقة أو الشارع أو الحزب أو الهيئة أو المؤسسة أو الكيان أو النقابة أو الاتحاد”.
لكن نحن لا يمكن أن نغمط فعاليات شبابية انطلقت بقوة باتجاه النازحين وعمليات التنظيف والدعوة الى القراءة وأعمال أخرى حققت مبتغاها في بغداد وميسان والبصرة وهي مكونات شبابية للأسف كانت محدودة كونها اعتمدت على التمويل الذاتي ولم توجد قيادات ورعاية لها لكي تستمر، فالمفروض تنمية واحتضان هذه المبادرات سواء من قبل الدولة ممثلة بوزارة الشباب والرياضة أو جهات المجتمع المدني او حتى المنظمات الدولية.
وأثنى جاسم البخاتي نائب محافظ بغداد على جهود منظمات المجتمع المدني وخاصة في التعامل مع ملف النازحين، وبناء المساكن والكرفانات وهناك أدوار تكاملية معها في هذا الإطار ونحن كجهة رسمية نثني على دورها مع الحكومة المحلية في بغداد رغم إمكانياتها المحدودة. وأضاف “نفتقد الى وجود آليات لاستقطاب الشباب واستثمار طاقاتهم على النحو المطلوب، فهناك مجاميع كبيرة تمتلك الحافز لكنها غير منظمة لا بل تحتاج الى من يقودها ويشركها في أعمال على الأقل في إطار الجهد البلدي وتنظيم العاصمة والحفاظ على أشجارها ومرافقها العامة”.
المسلة