المعايير القرآنية للمرأة المثاليّة

465

 woman

الحكمة – (خاص ):

م.م. فاطمة كريمي تركي / جامعة پيام نور/مشهد/إيران..

     المرأة ـ الأنثى ـ  نصف البشر، مقابل الرجل ـ الذكر ـ النصف الثاني 🙁وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى)(النجم:45)، لقد جاءت في القرآن الكريم آيات کثيرة خاصة بالنساء، علاوة علی الآيات التی تشملهن مع الرجال، وهذا يدّل علی مکانة المرأة الرفيعة في القرآن، رغم جهود الأعداء في تنزيل هذه المکانة من سمائها وقمتها، إلی الحضيض والابتذال والتبرج الحديثة.

وسوف نتطرق لأبرز النساء الصالحات والنساء السيئات اللائي ذكرهن القرآن الكريم، ومن ثم نعرج على أهم الصفات القرآنية في المرأة .

المرأة في القرآن

ذكر القرآن الكريم في بعض آياته النساء والرجال معًا، وهي :

 أ : { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهٌ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}(التوبة ،71)، في هذه الآية فرض الله للمؤمنين والمؤمنات بعض الفرائض، مثلًا أن يکون بعضهم أولياء بعض، آمرين بالمعروف، ناهين عن المنکر، مقيمين الصلاة مؤتين الزکاة، مطيعين لله ورسوله. في هذه الفرائض التي نسميها الفرائض العبادية، لا فرق بين الرجال والنساء، بل فرضها الله لکليهما، وذکر النساء جنب الرجال وفرض لهن ما فرض للرجال من الواجبات، يعني التسوية بين الرجال والنساء في أداء الفرائض.

ب: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}(الأحزاب: 35)

في هذه الآية الشريفة أيضًا ذکر الله النساء جنب الرجال في الإسلام والايمان والإطاعة والصدق والصبر و….إلخ.

 في بعض الآيات ذکر الله تعالی بعض الواجبات الخاصة بالنساء، کواجبات الأمومة :

ـ {الْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} (البقرة:233)

 ـ ((وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا)) (الأحقاف:15)

ـ ((وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ))( لقمان:14)

وكذلك ذكر القرآن الكريم الواجبات الزوجية، كقوله تعالى:

– ((نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ))(البقرة:223)

((الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا))(النساء:34)

والواجبات الأخری المذکورة في سورة النور المبارکة، يمکن الرجوع إليها والاطلاع عليها.

نماذج للمرأة في القرآن

 ذكر القرآن الكريم عدة من النساء، منهن الصالحات، ومنهن السيئات، وضرب ببعضهن مثالًا ومن كلا الجانبين، سنمر بهن مرورًا سريعًا.

النساء الصالحات:

مريم بنت عمران:

             ذكرها الله في كثير من الآيات القرآنية وأثنى عليها وجعلها مثالًا يحتذى به، منها قوله تعالى : ((وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ))(التحريم:12).

((وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ * يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ))( آل عمران:42ـ43).

وهناك آيات أخرى تحدثت عن مريم وعن مكانتها .

امرأة فرعون (آسيا بنت مزاحم)

             من النساء اللائي ذکرهن القرآن بصورة خاصة امرأة فرعون (آسية بنت مزاحم)، ذکرها القرآن في نجاة موسی من القتل حينما التقطه آل فرعون وهو رضيع، باقتراحها (( لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ))(القصص:9).. كما ذكرها الله في مواضع أخرى ، منها :

((وَضَرَبَ اللهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِين))(التحريم:11)

علاوة علی النموذجين المذکورين، ذکر القرآن عدّة نساء مع بعض الخصال الحسنة نذکر عددًا منهن:

أم موسی

من النساء المؤمنات اللائي ذکرهن القرآن هي أمّ موسی (ع).هي التي يمکن أن نعدّها أکبر مظهر للإيمان والتسليم لربّ العالمين. فأيّ الإيمان أعظم من إيمانها بالله و تسليمها المحض له تعالی؟! وأيّة امرأة في العالم تُلقي برضيعها في اليمّ (البحر) وهي لم تعلم عن مصيره شيئا؟! کفاها عزًّا أنها أمّ أحد أنبياء الله ومن أُولي العزم (ع)، وبلغت من المکانة والدرجة العظيمة إلی حد أوحی الله سبحانه ملهمًا لها حينما تحيّرت في أمر ولدها واضطربت علی وليدها حيث يقول :((وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ)) (القصص:7).

زوجة موسی

حينما يقص القرآن ، قصة رحلة موسی إلی مدين وملاقاته “شعيب” وابنتيه ؛ يصف إحدی البنتين بقوله: ((فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ))( القصص ، 25) و هذه هي التي أصبحت زوجة موسی. فحياؤها ولو في المشي جدير بالذکر والتذکار، يشير القرآن بعد هذه الصفة البارزة لها إلی صفة حسنة أخری موجودة فيها وهي درايتها وحسن اختيارها زوجها إذ قالت لأبيها: ((يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ))( القصص ، 26).

أمّ مريم ، امرأة عمران

    يمکن أن نعرّفها أسوة في الصدق وفي الوفاء بالنذر: ((إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ))(آل عمران:35)کما تبين من الآية أنها نذرت ما في بطنها لله وحينما وضعت حملها ورأت أنها وضعت الأنثی رغم أن الأنثی ليس کالذکر ولکن وفت بنذرها صادقة.

علاوة علی الموارد المذکورة ، کثير من النساء ذکرهن القرآن بصورة مباشرة أو غيرمباشرة کفاطمة بنت محمد(ص) ، خديجة بنت خويلد ، بلقيس ملکة سبأ ، امرأة أيوب النبيّ (ص) ، امرأة إبراهيم ، امرأة زکريا وغيرها ونحن نکتفي هنا بهذا القليل فی هذا المجال ونختتمه بحديث من النبي (ص) : ( أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد(ص) و مريم بنت عمران و آسية بنت مزاحم ، إمرأة فرعون) (الدرّ المنثور ، ج 6 ، ص246).

النساء السيئات في القرآن

           كما أشار القرآن إلی النساء الصالحات، أشار أيضًا إلى النساء السيئات، سنتطرق إلى بعضهن:

امرأة نوح وامرأة لوط

رغم أن هاتين المرأتين زوجتا نبيين من أنبياء الله (نوح، ولوط) إلا أنهما كانتا مثالًا سيئًا، بعكس امرأة فرعون الكافر المتجبر، التي كانت مثالًا حسنًا وقدوة يقتدى بها، قال تعالى في وصفهما: ((ضَرَبَ اللهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ)) (التحريم:10).

ومن النساء السيئات اللائي ذکرهن القرآن الكريم، امرأة أبي لهب التي عايشت عصر رسول الله (ص) وهي التي وصفها القرآن: ((حَمَّالةَ  الحَطَبِ * في جِيدِهَا حَبلٌ مِن مَسَدٍ)) (المسد ،4و5).

مواصفات المرأة المثالية في القرآن

بعد هذه المقدمة عن النساء الصالحات والسيئات، نصل إلى مرادنا وهو مواصفات المرأة المثالية في القرآن الكريم.

أ . التوحيد و العبودية

            وهي الغاية التي خُلقنا لأجلها کما قال الله تعالی : ((وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ))( الذاريات:56) وکما نری فی القدوتين الحسنتين:

((وَضَرَبَ اللهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ…)) (التحريم:11)، ((كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللهِ إنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ))(آل عمران:37).

ب . الطهارة والعفة

وهاتان الصفتان تعدان من أبرز صفات المرأة المؤمنة، قال تعالى :

((وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ * يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ))( آل عمران:42ـ43).

((وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا))(التحريم:12).

((يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا))( مريم:28)

ج. التصديق بالله وکتبه ورسله وكل ما ورد منه على لسان أنبيائه ورسله، قال تعالى :{وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ} (التحريم:12)

د. التقوی وعدم الخضوع في القول

قال تعالى : ((يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا))(الأحزاب:32)

هـ. أداء الفرائض وعدم التبرج

قال تعالى : ((وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ))(الأحزاب:33)

((وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ)) (التوبة ، 71)

و. التصبّر والخشوع والذکر

((إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا)) (الأحزاب:35 ).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(مجلة ينابيع / العدد 63)

 ض ح

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*