المرجعية تحذر من خطر “تقسيم” العراق في غياب “إصلاح حقيقي”
378
شارك
الحكمة – وكالات: حذر المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني في تصريحات لوكالة فرانس برس الخميس من خطر “تقسيم” العراق ما لم تمض حكومة حيدر العبادي في تنفيذ “إصلاح حقيقي” لمكافحة الفساد، في اشد تحذير من خطر الفساد على مستقبل العراق.
وشدد السيستاني ذو الموقع الوازن في السياسة العراقية، بشكل متكرر مؤخرا على ضرورة الدفع باتجاه الاصلاح. وشكلت مواقفه جرعة دعم لتظاهرات بدأت منذ اسابيع، ودفعت العبادي لإعلان حزمة إصلاحات.
وفي اجابات مكتوبة من مكتبه ردا على اسئلة وجهتها اليه فرانس برس، قال السيستاني “اليوم، اذا لم يتحقق الإصلاح الحقيقي من خلال مكافحة الفساد بلا هوادة وتحقيق العدالة الاجتماعية على مختلف الأصعدة، فان من المتوقع أن تسوء الأوضاع أزيد من ذي قبل، وربما تنجر إلى ما لا يتمناه أي عراقي محب لوطنه من التقسيم ونحوه لا سمح الله”.
وشدد السيستاني على أن “المرجعية العليا طالما دعت إلى مكافحة الفساد وإصلاح المؤسسات الحكومية وتحسين الخدمات العامة، وحذرت أكثر من مرة من عواقب التسويف وما إلى ذلك”.
واعتبر أنه “لما نفذ صبر كثير من العراقيين واحتجوا على سوء أوضاع البلاد وطالبوا بإصلاحها” في الأسابيع الماضية، وجدت المرجعية “أن الوقت مؤات للدفع قويا بهذا الاتجاه عبر التأكيد على المسؤولين – وفي مقدمتهم السيد رئيس مجلس الوزراء (…) بأن يتخذوا خطوات جادة ومدروسة في سبيل مكافحة الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية”.
وحمل السيستاني السياسيين الذين تبوأوا مقاليد الحكم في البلاد منذ إسقاط النظام السابق عام 2003، مسؤولية الاوضاع الراهنة.
وقال ان “الذين حكموا البلاد خلال السنوات الماضية يتحملون معظم المسؤولية عما آلت إليه الأمور، فإن كثيرا منهم لم يراعوا المصالح العامة للشعب العراقي، بل اهتموا بمصالحهم الشخصية والفئوية والطائفية والعرقية، فتقاسموا المواقع والمناصب الحكومية وفقا لذلك لا على أساس الكفاءة والنزاهة والعدالة، ومارسوا الفساد المالي وسمحوا باستشرائه في المؤسسات الحكومية على نطاق واسع”.
وأوضح أن ذلك، مضافا إلى غياب الخطط الصحيحة، أدى “إلى ما نشهده اليوم من سوء الأوضاع الاقتصادية وتردي الخدمات العامة”.
واعتبر السيستاني أن الفساد كان من العوامل التي ساهمت في سيطرة داعش على مساحات واسعة من البلاد في حزيران/يونيو 2014.
وكان السيستاني دعا العبادي في 7 آب/اغسطس إلى أن يكون “أكثر جرأة وشجاعة” في الإصلاح ومكافحة الفساد. وحض المرجع رئيس الوزراء على ألا يكتفي “ببعض الخطوات الثانوية”، وأن يتخذ “قرارات مهمة وإجراءات صارمة في مجال مكافحة الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية”.
وفي التاسع من الشهر نفسه، أقرت الحكومة حزمة إصلاحات لمكافحة الفساد وتحسين مستوى الخدمات العامة. وصوت البرلمان على هذه الحزمة بعد يومين، مضيفا إليها حزمة برلمانية “مكملة” للإصلاحات الحكومية، وتضبط بعض ما ورد فيها ضمن إطار “الدستور والقانون”.
وأكد العبادي الأسبوع الماضي أن مسيرة الإصلاح ومكافحة الفساد “لن تكون سهلة”، وإن المتضررين منها سيعملون بجد “لتخريب كل خطوة”.
ورغم الضغوط الشعبية ودعم المرجعية للإصلاح، إلا أن الطبيعة المتجذرة للفساد في العراق واستفادة معظم الاحزاب والكتل السياسية منه، قد تجعل من الصعب إحداث تغييرات جوهرية. وحذر العبادي الأسبوع الماضي من أن مسيرة الإصلاح ومكافحة الفساد “لن تكون سهلة”.
والخميس، أعلن العبادي عن خفض كبير في عدد أفراد الحماية المخصصين للمسؤولين، إضافة إلى سلسلة خطوات إصلاحية إضافية.
وجاء في بيان لمكتبه الاعلامي، أنه اتخذ قرار “إجراء تخفيضات كبيرة في أعداد الحمايات الشخصية للمسؤولين والرئاسات وغيرهم تصل إلى 90%”.
كما قرر العبادي “إلغاء أفواج الحمايات الخاصة التابعة إلى الشخصيات وإعادتهم الى وزارتي الدفاع والداخلية حسب التبعية لتدريبهم وتأهيلهم ليقوموا بمهامهم الوطنية في الدفاع عن الوطن وحماية المواطنين”.
وأوضح المتحدث باسم رئيس الوزراء سعد الحديثي إن القرار “سيجعل أكثر من 20 ألف عنصر أمني تتجاوز رواتبهم 250 مليار دينار سنويا (208,3 ملايين دولار)، يعادون إلى خدمة المؤسسة العسكرية والأمنية”.
كما شملت قرارات العبادي الخميس “إعادة تخصيصات مكاتب نواب رئيس الجمهورية ونواب رئيس الوزراء الملغاة إلى الخزينة العامة للدولة”.
وكانت إحدى اقتراحات الحكومة الإصلاحية إلغاء المناصب الثلاثة لنواب رئيس الجمهورية، والتي يشغلها سياسيون بارزون هم نوري المالكي وأسامة النجيفي وأياد علاوي.
كما أعلن العبادي الخميس تشكيل لجنة لإصلاح نظام الرواتب والمخصصات وإلغاء المخصصات الاستثنائية لكل الرئاسات والهيئات ومؤسسات الدولة والمتقاعدين، وخفض الحد الاعلى للرواتب التقاعدية للمسؤولين.
وتأتي هذه الخطوات بعد إعلان العبادي الأحد تقليص عدد المناصب الوزارية إلى 22 بدلا من 33، عبر إلغاء ثلاثة مناصب لنواب رئيس الوزراء وأربع وزارات، ودمج ثماني وزارات وجعلها أربعا فقط.