مراحل السجون التي مر بها الامام الكاظم عليه السلام
422
شارك
لم تنته مظالم أهل البيت (عليهم السلام) عند أحد الائمة (سلام الله عليهم) بل استمرت حتى كادت أن تقضي على آخر الأئمة وهو الإمام محمد بن الحسن المهدي (عجل الله تعالى فرجه) لولا لطف الله تعالى عليه، فتوالت الأحداث المؤلمة على أهل البيت (عليهم السلام) وصولا إلى الإمام الكاظم (عليه السلام) الذي أصبحت السجون لا تنسى أثره النوراني الذي كاد أن يقلب موازين الرأي العام من مكانه الذي ازداد شرفا بقدومه فيه، نعم إنه الإمام الكاظم عليه السلام الذي ذاق ألم السجون والتعذيب ومحاولات الإطاحة بعصمته التي منحها الله تعالى له.
تعرض الإمام الكاظم عليه السلام إلى السجن مرتين بأمر من الحاكم الجائر هارون العباسي الذي اعتبر أن الإمام الكاظم عليه السلام يسبب ثقلا على كاهل دولته وذلك لما ناله الإمام الكاظم عليه السلام من قوة في التأثير على الناس وتوجه الناس إليه وأصبح سببا في الامتداد الشيعي في تلك الآونة، مما أدى إلى إثارة قلق هارون وخوفه على السلطة الذي جعله يتطاول على مقام الإمام الكاظم عليه السلام وذلك بعدما التقى معه و قد غضب هارون من كلام الإمام الكاظم و حمله غيضه إلى اعتقاله عليه السلام و هو يصلي عند رأس جده رسول الله صلى الله عليه وآله فلم يترك حرمة إلى مقام النبي محمد صلى الله عليه و آله و لا إلى حفيده و إمام زمانه، وقد ضيع على الناس أمر اعتقاله و أصبح يوهمهم إلى درجة أنه حين تم نقل الإمام صلوات الله عليه إلى البصرة أرسل جملين أحدهما إلى البصرة و الآخر إلى الكوفة لكي يوهم الناس عن وجهة معتقلي الإمام صلوات الله عليه و على آله.
فكانت وجهة الإمام عليه السلام إلى البصرة وتم حبسه بها مدة من الزمن إلى أن شاع بين الناس معرفة كون السجين هو الإمام الكاظم عليه السلام فأوجس هارون في قلبه خيفة من ذلك فطلب من السجان الذي كان اسمه عيسى أن يغتال الإمام عليه السلام داخل السجن ولكنه أبى ذلك لخوفه من انقلاب الرأي العام في البصرة وطلب من هارون إعفاءه عن ذلك، ولذا أمر هارون بنقل الامام عليه السلام إلى سجن بغداد، وكان هارون من شدة قلقه من الإمام صلوات الله عليه جعل يراقبه بنفسه عن كثب.
وبعدها خرج الإمام صلوات الله عليه من سجن هارون بعد أن طالت مدة الحبس واستجابة لدعائه بعد أن قام في غلس الليل البهيم فجدّد طهوره وصلَّى لربه أربع ركعات وأخذ يدعو بهذا الدعاء:
(يا سيدي: نجّني من حبس هارون، وخلّصني من يده، يا مخلّص الشجر من بين رمل وطين، ويا مخلّص النار من بين الحديد والحجر، ويا مخلص اللبن من بين فرث ودم، ويا مخلّص الولد من بين مشيمة ورحم، ويا مخلّص الروح من بيت الأحشاء والأمعاء، خلصني من يد هارون)، وبقي بعد خروجه في بغداد و لم يغادرها.
وأيضا شاع صيته في العلم و الفضائل في بغداد مما جدد الخوف والضغينة لدى هارون فاعتقله في بيت الفضل بن يحيى، فلم يرى منه الفضل إلا كما رأوه في سجن البصرة وبغداد فكان يشغل كل وقته بالعبادة إلى الله تعالى، مما أدى إلى رفض الفضل بن يحيى اغتيال الإمام صلوات الله عليه بعد أن طلب منه هارون ذلك، فاضطر هارون بعدها إلى نقل الإمام الكاظم عليه السلام إلى سجن السندي بن شاهك وأمره بأن يعامله بكل قسوة ممكنة.
وكان هذا آخر مطاف للإمام الكاظم عليه السلام حيث دس إليه السم في تمرات بأمر من الطاغية هارون ومضى سلام الله عليه مظلوما معذباً شهيداً في قعر السجون.