النجف أول مدينة عربية تتحرر من النفوذ العثماني العام 1915

246

19-2-2013-01

لقد أدت سياسة التسلط والتنكيل بالمواطنين التي اتبعها العثمانيون في سنواتهم الأخيرة إلى التمرد بين صفوف الشعب العراقي واندلاع الثورات، ومن أهم تلك الثورات هي ثورة النجف العام 1915 كونها ثورة شعبية انتفض فيها الثوار ضد الظلم والاستبداد، حيث حوصرت الحامية التركية من قبل الأهالي وطلب رجالها الأمان فأعطي لهم الأمان، وطردوا من النجف نهائياً فكانت أول مدينة عربية تتحرر من نفوذ الاتراك، وبقيت تحكم نفسها لمدة سنتين، حتى دخول الإنكليز بغداد العام 1917 واحتلال العراق بأكمله ليبدأ فصل جديد من فصول الغطرسة والاستعباد.

ثم قامت ثورة أخرى في النجف العام 1918 ضد المستعمرين الإنكليز وقتل فيها الحاكم العسكري (الكابتن مارشال) من قبل الثوار، وبعد ذلك حوصرت المدينة من قبل القوات البريطانية ومنع عنها الماء والغذاء ومرت على الأهالي أيام صعبة من الجوع والعطش … وبعد (45) يوماً من الحصار والقصف المدفعي الشديد استطاع الإنكليز فتح ثغرة بسور المدينة واقتحموا المدينة وبدأت حملة مطاردة للثوار، حيث ألقي القبض عليهم وقدموا إلى محكمة عسكرية حكمت على أحد عشر منهم بالإعدام ونفي أكثر من مئة شخص من قادة الثورة ووجهاء المدينة إلى الهند.

وقد تعمدت السلطة البريطانية دعوة عدد من شيوخ عشائر الفرات الاوسط  لحضور مشهد إعدام اولئك الابطال في الكوفة، فترك ذلك أثر سلبياً عليهم، وكانت خافزاً مهماً للثورة الكبرى العام 1920.

كانت ثورة العشرين التي انطلقت شرارتها الأولى في الرميثة في الفرات الأوسط ثم عمت معظم مناطق العراق، عملاً سياسياً وعسكرياً منظماً ساهمت فيه المرجعية الدينية التي أفتت بالجهاد، والنخب السياسية من مختلف شرائح المجتمع العراقي، وشيوخ العشائر وقوى الشعب المختلفة، مما جعل المحتل يعيد حساباته في حكم العراق بنفس الطريقة التي كان يحكم فيها الهند ، فوافق مرغماً على مطالب الثوار في تأسيس الحكم الوطني بقيادة (الملك فيصل بن حسين) رغم المعاهدات التي كبل بها العراق فيما بعد، وكانت مثاراً للصراعات السياسية خلال العهد الملكي. وقد ساهم الأدباء والكتاب والشعراء والمثقفون في ذلك الزمان في إسناد الثورة وإعطائها البعد السياسي والإعلامي والثقافي في وجدان الشعب العراقي، 1968.

وحينما صرح (تشرشل) وزير المستعمرات البريطاني العام 1922 بوضع العراق تحت الانتداب البريطاني وصادف تصريحه أول أيام عيد الفطر، فكان يوماً مشهوداً حين أعلنت الإضراب العام، فأغلقت الأسواق والمحلات أبوابها وانطلقت المظاهرات الواسعة مستنكرة التصريح المذكور، والمطالبة بالحرية والاستقلال، وامتنع العراقيون في وقتها عن المعايدة في العيد، كانت للجواهري قصيدة (تحية العيد أو الملك والانتداب) التي نشرتها جريدة الرافدين لكنها حذفت بعض أبياتها خشية من الرقابة الشديدة على الصحف آنذاك ردًّا قوياً على المستعمرين.

مر الأيام والسنين ظل صوت الشعب صوتاً مدوياً في الآفاق، ينطلق من أعماق المدن والقرى، يتناغم مع ظلال المضايف الشامخة والأيام العظيمة، هذا الصوت الذي أرعب الأعداء والحاقدين والمحتلين، وما زال يرعب قلوبهم كلما مرت ذكرى مواقفهم البطولية الرائدة في الساحة العراقية والتي أصبح اليوم  تاريخاً يتجدد في التراث العراقي.

 المصدر: الصباح (بتصرف)

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*