الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) سيرته المختصرة
الاسم: الحسن بن علي.
أبوه: الإمام علي الهادي عليه السلام.
أمه: اختلف في اسمها: قال المفيد: أمه أم ولد يقال لها: حديثة، وقال ابن شهر آشوب: حديث، وقال الأربلي: سوسن، ولكن ما رواه أصحاب الحديث ولعله الأصح هو: سليل، يدعمه ما رواه المسعودي: وروي عن العلم أنه قال: لما أدخلت سليل أم محمد على أبي الحسن الهادي عليه السلام قال: سليل مسلولة من الآفات والعاهات والأنجاس، ثم قال: سيهب الله حجته على خلقه يملأ الأرض عدلاً، كما ملئت جوراً.
أخوته: محمد، الحسين، جعفر.
ولادته: ولد في المدينة المنورة في الثامن من ربيع الآخر سنة 232 هـ.
كنيته وألقابه: أبو محمد، الزكي، الهادي، العسكري، التقي، الخالص، السراج، الصامت،الرفيق،المرضي.
مجيؤه إلى سر من رأى: مع أبيه الإمام الهادي عليه السلام ، وبقي بها حتى وفاته.
زوجته: نرجس وهو الأشهر، أو مليكة بنت يشوعا بن قيصر_ ملك الروم _ وأمها من ولد الحواريين، تنسب إلى وصي المسيح المعروف بـ شمعون الصفا 4.
ولده: الإمام المهدي أرواحنا لتراب مقدمه الفداء وعجَّل الله تعالى فرجه الشريف.
ملوك عصره: المعتز، المهتدي، المعتمد.
آثاره: كتاب التفسير المعروف والمشهور بالتفسير المنسوب للإمام العسكري عليه السلام.
اعتقاله: عاش مدة من عمره في سجون الظالمين، ولا تزال آثار تلك السجون باقية إلى اليوم، من زار سامراء يشاهد ومن زار خراسان وطوس يرى السجون، والويلات والتعذيب وما لاقاه أهل البيت عليهم السلام وشيعتهم.
مدة إمامته: ست سنوات.
شهادته: استشهد عليه السلام يوم الجمعة الثامن من ربيع الأول سنة 260 هـ متأثراً بالسم على يد المعتمد العباسي.
عمره الشريف: ثمانٍ وعشرون سنة.
قبره: دفن قرب أبيه الإمام الهادي عليه السلام في داره بسر من رأى.
نشأة الإمام عليه السلام: نشأ في بيت عابق بالروحانية والنورانية، وفي ذلك البيت نما هذا المولود المبارك، وترعرع في حجر والده الأقدس الأطهر، يشم نسيم الإمامة، وتغمر قلبه أنوار الولاية، ارتضع من أم هي أطهر الأمهات في ذلك العصر، فكان ذروة العظمة في علمه وحكمته وزهده.
وامتاز على أبناء زمانه بفضائله، فأصبح مناراً، وعلَماً، ومرجعاً، وملجأ يلوذ به كل مضطر وكل طالب حاجة.
النص عليه عليه السلام: لقد دلَّت النصوص على إمامته، وحيث اعتمدنا الإختصار نورد حديثاً واحداً.
جاء عن الصدوق بسنده عن الصقر بن دلف قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي الرضا عليه السلام ، يقول: إن الإمام بعدي ابني عليّ أمره أمري وقوله قولي، طاعته طاعتي، والإمامة بعده في ابنه الحسن.
معاناة الإمام عليه السلام: لقد عانى الإمام العسكري عليه السلام، مع أبيه الهادي الكثير، وقضى معظم حياته، في ظل عاصمة الدولة العباسية، وواكب الأحداث، وجميع الظروف والملابسات، والمواقف التي واجهت أباه، وقد تسلم منصب الإمامة بعد استشهاد أبيه، وعمره الشريف آنذاك إثنان وعشرون عاماً.
مسيرة الإمام عليه السلام وظروف عصره: كان الإمام عليه السلام إمتدادًا لدور الإمام الهادي، وإكمالاً لمواقفه بوصفه المرجع الفكري، والروحي لجميع المسلمين المتعطشين للعلم والثقافة، ومعبئاً لأصحابه وأصحاب أبيه، وراعياً لمصالحهم الإجتماعية وكل ما يحتاجونه، إضافة إلى التخطيط والتمهيد، لغيبة ولده الحجة ابن الحسن عليه السلام ، لعلمه المسبق بعدم إمكان إظهار أمره ولزوم وجوب ستر خبره عن الناس أجمـع، إلا من اختارهم سبحانه حفظةً لسره.
أدوار الإمام عليه السلام: يمكن استخلاص دور الإمام في مواجهة الأحداث كالتالي:
الدور الأول: بما أن الحكام حرصوا على دمج الإمامة والأئمة في الجهاز الحاكم، نرى الإمام وبعقله الكامل يقف من هذه الأحداث، موقفاً لا هو سلبي كي لا يلفت النظر إليه، ولا بالإيجابي كي لا يوقع أصحابه ومؤيديه بالغرر.
ولكن أظهر للناس عدم الرضا بكل الأحداث التي كانت تصدر من الحكومة الظالمة اتجاه الثورات، كما فعل مع صاحب ثورة الزنج، الذي زعم الانتساب إلى الإمام، وفي واقعه لم تكن ثورته تجسيداً لأطروحة أهل البيت عليهم السلام، لما ارتكبته من قتل، وسلب، وتدمير، وإحراق للبيوت والمدن، وسبي للنساء، بل سكت كي لا يسجّل رضاً للحكومة، أو رضاً بمسلكية الانحراف في تلك الثورة. وأسلوبه هذا أكسبه أمام الحكّام إحتراماً ومنزلة رفيعة، وعند الناس منزلةً مرموقة لحكمته.
الدور الثاني: مواجهة شبهات المنحرفين، وعقائدهم المضللة، ومن هنا جاء موقف الإمام العسكري عليه السلام، وهو في المدينة من مشروع كتاب يضعه الكندي “أبو يوسف يعقوب بن إسحاق”، الفيلسوف العراقي حول متناقضات القرآن، إذ اتصل به عن طريق أحد تلامذته والمنتسبين إليه، وأحبط الإمام المحاولة، وأقنع مدرسة الكندي، بأنها على خطأ، وجعله يتوب ويحرق أوراقه.
الدور الثالث: أما على صعيد القاعدة الشعبية، والحفاظ عليها وتنمية وعيها، فقد قام بمدها بكل أساليب الصمود والتحمل، فتارةً ينبههم من الوقوع في الشرك العباسي، وأخرى يُحذّر محمد بن السّمري ويلزمه بالصمت والكف عن النشاط، والتكتم ريثما تعود الأمور إلى مجاريها، ويستتب الأمر، وتارةً ثالثة يحذّر أصحابه، وهم رهن الإعتقال في السجون، كما جاء في الخبر: اعتقل عدد من أصحابه عليه السلام، ووضعوا تحت إشراف صالح بن وصيف، وهم: أبو هاشم الجعفري، داود بن القاسم، والحسن بن محمد العقيقي، ومحمد بن ابراهيم العمري، وغيرهم، فأخبرهم الإمام أن يحذروا واحداً في الحبس يدّعي أنه علوي، وهو ليس منهم.
الدور الرابع: التمهيد للغيبة: حينما يعلم الإمام إحتياج الأمة إلى مصلح، وإمام عدل وهادٍ، ويدرك كنه الإرادة الإلهية لغياب الحجة إلى حين وقته، يعرف أن عليه مسؤولية التمهيد لذلك، لأن البشر اعتادوا الإدراك والمعرفة الحسية، ومن الصعب التجاوز إلى تفكير أوسع إلا بمعونة. والمجتمع منحرفٌ، والأواصر الاجتماعية مفككةٌ، والمستوى الفكري والروحي متدني، وبالتالي يحتاج إلى منقذ، والمصلحة والإرادة الإلهية متعلقة بالغيبة.
إذن: لا بد من تمهيد لهذه الغيبة رغم الإرهاصات المسبقة، والنصوص المتواترة التي جاءت تبشر بالمهدي عند الخاصة والعامة حتى أصبحت فكرة المهدي مستقرة في أذهان الأمة أجمع، وتأصلت في نفوس المسلمين بشكل عام.
إتجه الإمام تمهيداً لغيبة ولده إلى عملين ممهدين:
1ـ قام بحجب الإمام عن أعين الناس، ومن ثم قام بإظهاره عليه السلام لبعض الخاصة فقط.
2ـ شن حملة توعية لفكرة الغيبة، وتعويد الناس على متطلباتها.
تمثلت حملة الإمام العسكري عليه السلام بالشكل التالي:
أ ـ شن حملة على الأوضاع المتردية، بتوجيه النقد السياسي للأوضاع القائمة، فمن ذلك، قوله: إذا خرج القائم أمر بهدم المنابر والمقاصر في المساجد.
ب ـ التعرض لصفات الإمام المهدي بعد ظهوره، وقيام دولته وأنه المنقذ والمخلّص، كقوله: فإذا قام قضى بين الناس بعلمه، كقضاء داود لا يسأل البينة.
ج ـ تـوجيه عـام لقواعده وأصحابه، يـوضّح لهم أبعاد فكرة الغيبة، فمن ذلك: كتب الإمام لابن بابويه رسالة يقول فيها: عليك بالصبر وانتظار الفرج قال النبي .. إلخ.
القتل لنا عادة: لقد وصلت النوبة إلى الإمام الحسن العسكري عليه السلام، وقد حاول المعتمد العباسي قتله عليه السلام مراراً، وكان الإمام ينجو من هذه المحاولات الواحدة تلو الأخرى، وكتب التاريخ مليئة بسرد هذه الأحداث والمحاولات، روي أنه سُلم إلى يحيى بن قتيبة، وكان يضيق عليه، فقالت له امرأته اتق الله! فإني أخاف عليك منه.
قال: والله لأرمينة بين السباع، ثم استأذن في ذلك، فأذن له فرمى به إليها، ولم يشكّوا في أكلها إياه، فنظروا إلى الموضع، فوجدوه قائماً يصلي، فأمر يحيى بإخراجه إلى دار .. إلخ. والله لقد ورد على السلطان وأصحابه في وقت وفاة الحسن بن علي عليه السلام، ما تعجبت منه وما ظننت أنه يكون.
وذلك لما اعتل الإمام بعث جعفر الكذاب إلى أبي: إن ابن الرضا قد اعتل فركب أبي من ساعته، فبادر إلى دار الخلافة، ثم رجع مستعجلاً، ومعه خمسة من خدم أمير المؤمنين كلهم من ثقاته وخاصته فيهم نحرير.
فأمرهم بلزوم دار الحسن .. وأمر المتطببين بلزوم داره، وبعث إلى قاضي القضاة، فأحضره مجلسه وأمره أن يختار من أصحابه عشرة، ممن يوثق به في دينه وأمانته وورعه، فاحضرهم فبعث بهم إلى دار الحسن، وأمرهم بلزومه ليلاً ونهاراً، فلم يزالوا هناك حتى توفي عليه السلام لأيام مضت في شهر ربيع الأول سنة ستين ومائتين.
فضجّت سر من رأى ضجة واحدة مات ابن الرضا، وبعث السلطان إلى داره أثر ولده، وجاؤوا بنساء يعرفن الحوامل فلم يجدوا أحداً منهن.
فسلامٌ عليه، يوم وُلد، ويوم استشهد، ويوم يُبعث حياً
المصدر: أنبا