الحكمة – متابعة: مع انتهاء العام الدراسي وبدء الإجازة الصيفية يكون الهاجس الأكبر لدى معظم الأمهات هو أن يقضي الأبناء إجازتهم وأغلب وقتهم أمام شاشة التلفزيون وشاشات الألعاب الإلكترونية، كأم بالنسبة لي هذا المشهد هو الجحيم بعينه ويزيد إحساسي بالتقصير نحو أبنائي وصوت الضمير الذي لا يهدأ، “أبناؤك أصبحوا بلهاء”، ولكي لا أواجه هذا السيناريو الكارثي لعقل وشخصية أطفالي كان المدد تجربة مر بها ابني ذو العشرة أعوام الشهر الماضي، ألا وهي أنه تمكن من قراءة خمسين كتابا في شهرين، في إطار مشاركته في مسابقة تحدي القراءة.
أنت حيث تريد أن تكون
عندما اشترك ابني في المسابقة كان أمامنا أكثر من تحدٍ، فعلاوة على أن المسابقة كانت في قلب العام الدراسي والمذاكرة والامتحانات، والذي نظمناه بأن وضعنا جدولا بأن يقرأ ابني كتابا يوميا يتراوح عدد صفحاته من 20 إلى 40 صفحة، إلا أن التحدي الأكبر كان الكلمات المحبطة من قبل بعض المحيطين والأصدقاء من نوعية: هل هناك من ما يزال يقرأ؟!. كانت نصيحتي لابني وقتها اصنع الحياة التي تحبها ولا تلتفت لكلمات أحد.
القراءة تصنع الذكريات
في مذكرات شارلي شابلن وحياته التي بها الكثير من القسوة والفقر كانت ذكرياته مع أمه دائما حاضرة بوصفها النور في تلك الحياة القاتمة “لقد أضاءت لي أمي في تلك الحجرة المظلمة من البدروم في شارع اوكلي ذلك النور الذي لم يعرف عالمنا أبداً ما هو أرق منه الذي غذى الأدب والمسرح بأعظم وأخصب مواضيعهما: الحب العطف والإنسانية”.
خلال تجربة ابني في هذه المسابقة كان يستشيرني أحيانا في الكتب التي سيقرأها وكنا نخرج معا نشتري الكتب وأحيانا أخرى كنت أقرأ له ونتناقش معا حول بعض الكتب، اليوم وبعد أن انتهت المسابقة يذكرني ابني أحيانا بهذه الأيام وباتت ذكرى جميلة له ولي.
ميزانية الكتب
عندما بدأ ابني المسابقة كان عليه قراءة ما بين 7 إلى 10 كتب أسبوعيا، خلال الأسبوع الأول اعتمدنا على الكتب المتوفرة في مكتبة البيت، الأسبوع الثاني كان علينا شراء 10 كتب كانت تكلفة شرائها عالية؛ الأمر الذي اعتبرته عائقا ولن أتمكن من تكراره لست أسابيع قادمة، وكان الحل البديل هو العالم الفضائي الرحب وبمجرد كتابة جملة “كتب أطفال بي دي اف” في غوغل وجدنا أمامنا عشرات الكتب في كافة المجالات تكفي لعشرات المسابقات، وبذلك لم يعد شراء الكتب ميزانية مكلفة على الإطلاق.
اختيار الكتب
كأم، لو كان لي الاختيار كاملاً كنت اقترحت على ابني الكتب العلمية والتاريخية، ولكن بالنسبة لطفل مطلوب منه أعباء دراسية وكثير من المذاكرة تركت له الاختيار كاملاً مع الإشراف والنصيحة من بعيد، قلت له: عندما يكون يومك مضغوطا اقرأ شيئا مسليا وخفيفا وعلى العكس اقرأ كتبا تاريخية أو علمية في الأيام غير المزدحمة.
السعادة هي الإنجاز
في البدء وفي المنتهى “كان الإنجاز” هو القيمة المعنوية التي أردت أن تصل إلى ابني، أن يتم إنجاز شيء بدأه ولو بسيط. قيمة السعادة بالإنجاز ولو كان معنوياً، فلم يصل ابني إلى المرحلة النهائية في المسابقة ومنذ البداية كنت قد أعلمته أنها ليست القيمة الوحيدة من المشاركة، ولكنه يعتز كثيرا بشهادة التكريم التي حصل عليها ويتفاخر بين أصدقائه أنه قرأ 50 كتابا في شهرين، كما أنه ما زال متحمسا لتكرار التجربة مع خمسين كتابا آخر في إجازة الصيف.