Take a fresh look at your lifestyle.

فلسفة الموت عند الإمام الحسين (عليه السلام)

0 1٬808

   ارتبطت مفردة الموت في المأثور الأدبي العربي بالشر ومعانيه بشكل عام، باستثناء تغني الفرسان بالموت والحرب من جهة الشجاعة والإباء، وقد حملت صور الشعراء كراهية للموت ورسمت له صورًا بشعة كررها الشعراء كثيرًا على مر العصور، مثل قول أبي ذؤيب الهذلي راثيًا أبناءه:
وإذا المنية أنشبت أظفارها
ألفيت كل تميمة لا تنفعُ
وقول ابن الرومي راثيًا ولده الصغير(1):
ألا قـاتـل الله المنـايـا ورميهــــا
من القوم حبات القلوب على عَمدِ
وفي العصر الحديث مثل هذه الصور كقول الجواهري(2):
أنا أبغضُ الموتَ اللئيــم وطيفَهُ
بُغْضي طيــوفَ مُخاتلٍ نصّــابِ
يَهَبُ الردى شيخوختي ويقيتُها
بكهــولتي، ويقيـتُهـا بشبــابي
ذئبٌ ترصّــدني وفـوق نيوبــهِ
دَم إخــوتي وأَقاربي وصحــابي
أما في مأثور أهل البيت(عليهم السلام) فلن تجد مثل هذه المعاني، ففي قول الإمام علي(عليه السلام) أكثر من صورة للموت ليس فيها مثل هذه الحِدَّة من الكراهية كوصفه له بأنه: (زائر غير محبوب، وقرن غير مغلوب، وواتر غير مطلوب)(3). وقد لخص الإمام علي(عليه السلام) فلسفته في إقبال الموت عليه على أنه فوز حين أطلق صيحته المشهورة: ( فُزتُ وربّ الكعبة )(4)

عندما ضرب رأسه الشريف ابن ملجم، وهو ساجد لله تعالى في صلاة الفجر، وهي صيحة فرح أذهلت الإنسانية وأبانت عن عمق ذوبانه في الله تعالى، واختزلت في ثلاث كلمات أكثر من ستة عقود من الجهاد والتفاني في الإخلاص للخالق العظيم. فهو لم يعلن فوزه هذا في مناسبات شبيهة بمثل هذه الضربة يوم الخندق مثلًا، ولم يطلق صيحة الوجع على الإطلاق، بل أعلنها ربحًا ومجازًا نحو حياة أبدية خالدة تحت رحمة الخالق العظيم. وتلك لا ريب فلسفة عملية عميقة قدمها الإمام علي(عليه السلام)
وورثها من بعده ولده(عليه السلام) وتبعها الأحرار في مختلف العصور.
بهذا البصر النافذ نظر الإمام الحسين(عليه السلام) إلى إقباله على الموت، بوابة عظيمة من بوابات العبور إلى الفوز بالشهادة ورضوان الله تعالى وإحياء دين المصطفى(صلى الله عليه وآله) ورفض الظلم والطغيان، لذلك كانت تعبيراته ناظرة إلى أبعد من زمانه الذي عاشه، إلى العصور كلها، وكأنه يعلم أنه سيكون شعار الأحرار وطالبي الحرية ورافضي الظلم عبر المستقبل الإنساني، فالتمس لأفكاره زيادة على ما ورث من آبائه من قيم البطولة والشهادة كلمات تستعمل في معاني الحب والاشتياق وقلما تستعمل في صور الموت، في ظاهرة تستحق من الباحثين الوقوف عليها مليًا لاستجلاء خباياها وخفاياها، أقلها روعة استبساله في الإيمان بفكرته والتضحية دونها ورؤيته للفوز الحقيقي المستقبلي على الرغم من يقينه بخسارته العسكرية الآنية، بعبارة ثانية قدم الإمام الحسين(عليه السلام) معنى جديدًا للانتصارات والانكسارات في الحروب لا يمكن تبيانه إلا بالنظر الفاحص إلى قصة الإمام الحسين(عليه السلام) وعمق كلماته. ويمكن تلمس بعض الوقفات:
السعادة:
قال الإمام الحسين(عليه السلام) في مكة حين عزم على بدء الإعلان عن قيامه والمسير إلى العراق: (لا أرى الموت إلا سعادة، والحياة مع الظالمين إلا
برما) (5).
بهذا الحصروالقصر بأسلوب النفي والاستثناء، ينفي رؤيته للموت بغير رؤية الفرح والسعادة، والحياة مع الظلم والطغيان
سوى الضجر والبرم.
إن ذلك الموت الذي يقضي على الأنفاس ويقطع الآمال وبكل ما يحمل من معاني التعلق بالحياة لا يعني للإمام سوى السعادة، سعادة لا يبصرها غيره، لأنها تتعلق بقيم غالية اختير لإحيائها وإن كان الثمن غاليًا بقيمة دم الإمام الحسين (عليه السلام)
وأبنائه وصحبه إلا أن الغاية أغلى وأثمن، إنها إحياء الدين الإسلامي وسُنة الرسول(صلى الله عليه وآله)، نعم إن ثمن دماء الإمام الحسين(عليه السلام) غالٍ وخسارته بهذه الطريقة عزيزة، نعم هي كل تلك المعاني التي نُحيي لأجلها ذكراه على مدى القرون الماضية غير أن الهدف الأسمى يستحق ذلك، فالأمة التي استساغت لنفسها هذا الركون وهي ترى وتسمع كيف تسعى السلطة الأموية علنًا لتشويه صورة الإسلام وتغيير شكله ومضمونه – أقول – إن الأمة لا يوقظ نومتها غير هذا الثمن العظيم ولا ينبهها من نومتها سوى صيحات الإمام الحسين(عليه السلام):
(ألا هل من ناصر ينصرنا) و (انسبوني من أنا) وغير صراخات أطفاله العطشى وسبي نسائه الثكلى كأسارى الديلم والروم .
لكل ذلك يسمي الإمام الحسين(عليه السلام)موته سعادة لأنه حقق اختيارًا إلهيًا لهذه المهمة العظيمة ولأنه أنجز واجبًا أنيط به ونبأه بتفاصيله وفداحته جده العظيم وأبوه البطل صلوات الله عليهما وعلى آلهما.
القلادة والوله:
يتداعى إلى الذهن حين تطلق لفظة (القلادة) منظر الفتاة ومعاني النعومة والانشداد إلى الحياة وملذاتها، غير أنها هذه المرة تخالف المخزون الذهني بقلب صورتها على وفق فلسفة الإمام الحسين(عليه السلام)،
فقد قال(عليه السلام) في خطبته ذاتها التي عزم فيها على التوجه إلى العراق الذي هو رمز معارضة الطغيان على الرغم مما يقال عنه من غدر للإمام الحسين(عليه السلام):
(الحمد لله وما شاء الله، ولا قوة إلا بالله، خط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة، وما أولهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف)(6). لا أذكر أحدًا قدم للموت صورة جميلة في الظاهر سوى هذه الصورة التي تحمل فكرًا عظيمًا بعظمتها، فالإمام يريد: أن للموت أثر على المرء لابد منه وهو لصيق به، ولا يمكن نزعه عنه، وعقد له شبهًا يخالف ما أثر من الصورة المأثورة المنفرة للموت وذكر سماعه بالنسبة لغير الإمام الحسين وآله(عليه السلام)، صورة أثر خط قلادة الفتاة المطوق لجيدها، وفي إيحاء الطوق المستبطن في معنى القلادة ما يشير إلى حتمية انقياد المرء إلى الموت، والانقياد يتم في العادة من الرقبة إمعانًا في رسم صورة الاستسلام، على الرغم من أن ظاهر الصورة قلادة وفتاة، ويبدو أن اختيار الفتاة دون غيرها لولعها بديمومة لبس الحلي ديمومة تستبين معه آثار الطوق أكثر. إن تقديم هذه المعاني باستعمال الفعل المبني للمجهول (خُط) يشير أيضًا إلى تلك الحتمية، إذ إن التصريح بالفاعل هنا لا مبرر له لأنه معلوم لدى السامع وظاهر وهو الله تعالى، وطالما أنه حتميّ قُدِّر على كل ولد آدم بأجناسهم وأديانهم المختلفة، وهو هنا يعني تلك المعاني لأنه لم يستعمل بدلها لفظة (المسلمين أو المؤمنين) بل (ولد آدم) على جهة العموم.أقول طالما أنه كذلك فما أشوق الإمام (عليه السلام) للالتحاق بآبائه مشبِّهًا ولَههُ هذا باشتياق يعقوب النبي لولده يوسف، في كناية واضحة إلى تطلعه إلى الفوز بالشهادة في سبيل الله تعالى. وهي من قوله تعالى حكاية عن يعقوب:
(وتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ * قَالُوا تَاللهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ * قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) (يوسف: 84-86). إن عبارات الإمام الحسين(عليه السلام) وما تحمل من ألفاظ الوَلَهْ والسعادة والاشتياق لا تدل إلا على عشق حقيقي عميق لاغتنام فرصة الشهادة التي أوَّلها الموت وآخرها لقاء الأحباب الماضين وغايتها نيل الفوز برضوان الله تعالى.
العسل:
كان الإمام الحسين(عليه السلام) في غاية الصراحة والواقعية مع أصحابه وأهل بيته في مواقفه كلها، فقد دعاهم غير مرة إلى الاختيار بين الرحيل أو البقاء إن شاؤوا، وفي ليلة الواقعة قال لهم:
(يا قوم ! إني في غدٍ أُقتل وتُقتلون كُلكم معي ولا يبقى منكم واحد. فقالوا: الحمد لله الذي أكرمنا بنصرك وشرفنا بالقتل معك، أو لا ترضى أن نكون معك في درجتك يا ابن رسول الله ؟! فقال(عليه السلام):
جزاكم الله خيرا. ودعا لهم بخير، فأصبح وقُتِل وقُتِلوا معه أجمعون. فقال له ابن أخيه القاسم بن الحسن(عليه السلام): وأنا فيمن يقتل؟ فأشفق عليه فقال له: يا بني!
كيف الموت عندك؟ قال: يا عم! أحلى من العسل! فقال(عليه السلام): إي والله! فداك عمك، إنك لأحد من يقتل من الرجال معي بعد أن تبلي ببلاءً عظيم)(7)، ومحل الشاهد قول القاسم ابن الحسن(عليه السلام)
وتأييده له (أحلى من العسل) بهذه السهولة من التعبير عن الموت وبهذه الثقة العظيمة بالله تعالى. وكأن هذه الروح التواقة إلى ذلك اللقاء الإلهي انتقلت بفعل العشق الحسيني إلى جميع أهل بيته وأصحابه الصغار منهم والكبار الرجال فيهم والنساء لأن في قصص كربلاء من تلك الصور ما يعجز عنه وصفه البيان ويقصر دون حده اللسان.
الحق:
وللموت معنى آخر في فكر الإمام أبي عبد الله الحسين(عليه السلام) هو (الحق)، ومن أجل إحقاق الحق ترخص النفوس، ففي حوارية بينه وبين ولده علي الأكبر في منطقة قريبة من ضواحي الكوفة تسمى (قصر بني مقاتل) ورد عن الإمام زين العابدين(عليه السلام) أنه : (لما كان في آخر الليل أمر الإمام الحسين(عليه السلام) بالاستقاء من الماء، ثم أمرنا بالرحيل، ففعلنا، قال: فلما ارتحلنا من قصر بني مقاتل، وسرنا ساعة خفق الحسين برأسه خفقة ثم انتبه وهو يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، والحمد لله رب العالمين. ففعل ذلك مرتين أو ثلاثا، فأقبل إليه ابنه علي بن الحسين(عليه السلام) على فرس له فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، والحمد لله رب العالمين، يا أبت! جعلت فداك مم حمدت الله واسترجعت؟ قال: يا بني! إني خفقت برأسي خفقة فعن لي فارس على فرس، فقال: القوم يسيرون والمنايا تسري إليهم، فعلمت أنها أنفسنا نعيت إلينا، قال له : يا أبت !
لا أراك الله سوءًا، ألسنا على الحق؟ قال : بلى والذي إليه مرجع العباد. قال :
يا أبت! إذا لا نبالي، نموت محقين. فقال له [ الحسين(عليه السلام) ]: جزاك الله من ولد خير ما جزى ولدًا عن والده)(8)،
ولاشك في أن هذه الصور البطولية تنقل لنا عظمة هذه النفوس وسر الله تعالى في اختيارها في قرابين التضحية لأجل التغيير وهز العالم الإسلامي لينتفض من جديد. فهي شخوص قالت وفعلت، بل إنها حين قالت فعلت أكثر مما قالت.
هيهات منا الذلة:
إن هذا الشعار الذي رفعه الإمام الحسين(عليه السلام) في إباء الذل وإيثار الموت لا يمكن عده لزمن دون زمن، إنه يسري من مفاصل مستقبل الإنسان سريان الدم في الشرايين، تصلح في كل زمان وتتخذ لغة لكل إنسان حر يناضل من أجل قضية يؤمن بها، ولعل ذلك من بعض أسرار الحياة للثورة الحسينية وهذا الفكر الوقاد الذي أحسن مخاطبة الإنسان وعرف لغاتها كلها، قال الإمام الحسين(عليه السلام): (ألا وإن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين، بين السلة والذلة، وهيهات منا أخذ الدنية، يأبى الله ذلك لنا ورسوله، وجدود طابت، وحجور طهرت، وأنوف حمية، ونفوس أبية، من أن تؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام، ألا إني زاحف بهذه الأسرة مع قلة العدد، وخذلان الناصر) (9).
عقد الإمام لأسباب هذا الإباء صورتين متقابلتين :
الصورة الأولى: صورة الدعي ابن الدعي ويعني به عبيد الله بن زياد، وهو دعي لأنه مطعون النسب، فأبوه زياد – الملقب بابن أبيه – قد أغراه معاوية أن يلحقه بأبيه أبي سفيان شريطة الالتحاق بأتباعه، ولذلك هو دعي وابن دعي. أو لأنه يدعي ما ليس له من الإمرة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بحجة قتال الإمام الحسين(عليه السلام) بِعَدِّهِ خارجًا على بيعة الخليفة يزيد الفاسق والخارج على سنن الإنسانية فضلًا عن الإسلامية، والأول هو الأرجح.
الصورة الثانية: صورة نفسه(عليه السلام) وأهله التي صرح بإبائها للذِّلة وأخذ الدنيَّة، موضحًا عزة المحتد وطيب الأرومة من الآباء الطيبين والأمهات الطاهرات اللواتي كنى عنهن بـ (حجور طابت)، معرضًا في الوقت ذاته بإيحاء خفي بالصورة المقابلة له حين ذكره بلفظ الدعي.
إن مسألة الاستكانة بالوضع المنحرف القائم آنذاك يعني بالنسبة للإمام الحسين(عليه السلام) ذُلًا لا يمكن له الإقرار عليه، لذلك أعلنها صراحة وهو في المدينة حين طُلب إليه بيعة ليزيد بن معاوية (إن مثلي لا يبايع مثله)، لا حين خُيِّر بين اثنتين القتل أو المبايعة التي سماها الذِّلة، فضَّلَ الأولى مُعَلِّلًا بأسباب معروفة لا تسمح بغير خيار الإباء، فقال مباشرة على سبيل تواصل الكلام (وهيهات منا الذلة) وعدد منها:
أولًا: إنها قضية شرعية، إذ كيف لمسلم – فضلًا عن الإمام الحسين(عليه السلام) ومنزلته بين المسلمين – مبايعة رجل معروف بخلاعته وخروجه العلني على قوانين السماء والشريعة من اللهو الماجن وشرب الخمر واللعب بالقرود وإتيان المحرمات.
ثانيًا: الطبيعة الاجتماعية المعروفة لهذه الأسرة الهاشمية المحمدية من الأصلاب الشامخة والأرحام المطهرة التي عبر عنها الإمام بـ (جدود طابت وحجور طهرت ..) وأطلق عليها مختلف الصفات الأبية من الأنوف الحميَّة والنفوس الأبيَّة وكلها من كنايات العزِّ والشرف التي تأبى الذل والانقياد الأعمى للباطل وتفضل عليه الموت. ومن هنا أعقب هذه الإباء بما يعزز مكانة هذه الأسرة، فقال معلنًا أنه زاحف بها للتغيير، ولا أدري هل فهم الناس وقتها بعد معنى كلامه هذا، لأن العربي من طبيعته وقت الحرب أن يصون عرضه ولا يعرضه لأخطار الحرب والسبي، بينما الحسين(عليه السلام) يعلن أنه سيزحف إشعارًا ببدء حربه السلميّة بدلالة لفظ (الأسرة) وأي أسرة إنها أسرة آل محمد وحرمه الذين أذهب الله تعالى عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا .

نشرت في العدد 60


1) ديوان ابن الرومي، تحقيق عبد الأمير علي مهنا: 145
2) ديوان الجواهري، الأعمال الكاملة: 4/726
3) نهج البلاغة، بشرح محمد عبده : 2/224
4) مناقب آل أبي طالب، ابن شهراشوب: 1/385
5) مناقب آل أبي طالب، ابن شهرآشوب: 3/224، ترجمة الإمام الحسين، ابن عساكر: 316
6) كشف الغمة ، الإربلي : 2/239 ، موسوعة كلمات الإمام الحسين (عليه السلام):398
7) الهداية الكبرى، الخصيبي: 204 ، موسوعة كلمات الإمام الحسين(عليه السلام) : 487
8) مقتل الحسين (عليه السلام)، أبو مخنف: 92، الإرشاد، الشيخ المفيد: 2/82، تاريخ الطبري، الطبري: 4/308،
9) اللهوف في قتلى الطفوف، ابن
طاووس: 59

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.