Take a fresh look at your lifestyle.

شيء.. من المران والتربية

0 1٬037
     باسل حسن لايذ
             في حوار مع الأستاذ المفكر برهان غليون حول القضايا العربية أجراها هشام القروي (باريس) ونشر على موقع بوابة العرب وهو موقع مستقل يقول الأستاذ برهان: (إن الديمقراطية ينبغي أن تنبع من تحولات عميقة داخل التوازنات المجتمعية الداخلية تنحو نحو تأكيد السيادة الشعبية وتحويل الشعب بالفعل إلى مصدر السلطات. والحال أن ليبرالية حقبة الاحتلال والوصاية كانت تشير إلى الوضع المعاكس).
تعلــــــــــيق:
أرى أنه في ظل المران الذي أصبح مألوفاً وتحت قسوة الاستبداد لا يمكن للتوازنات هذه أن تؤكد سيادة شعبية، لأن من الوقائع في السلوكين (الاستبداد ـ الواقع المألوف) وكذلك متراكم الخوف لدى مطلق الشعب (حتى أدوات الاستبداد) من منتفعي السلطة المستبدة أن يحدث تحولاً عميقاً، بل يحتاج إلى ما أحدثه سقوط تلك الأنظمة المستبدة على أيدي قوات خارجية يستعان بها للخلاص، وإن إطلاق الحريات بما فيها التي تطالب بخروج هذه القوات والقضاء على الخوف الذي جعل الإنسانية تقبل الاستمرار بالحياة والتضحية بما دون ذلك وتعتبره ضريبة للبقاء.
فالبعض من أبناء الدول التي كانت تعاني شعوبها من وطأة بناء تلك الدول الدكتاتورية والاستبداد هؤلاء الأبناء طلقوا علاقتهم بواقع غادروه وعاشوا في بلدان أزالت عن كواهلهم الخوف وكل معاناة أهليهم وعندما استعان الأهل بقوات تلك البلدان لتزيح عنهم كل مآسي الخوف ودمار الآدمية يبقى هذا البعض عند نقطة بدايته عندما انهزم ولم يعد قادراً على مواصلة تحمل مر العيش في ظل الاستبداد ويؤثر الاعتراف أن تلك البلدان أحاطته بالطمأنينة ولم يعد خائفاً من قول أن الوضع الجيوسياسي للمستعمر الذي يحلو له أن يسميه لا يمكن قيام ديمقراطية وفي خلاف هذا هي ليست دعوة لقبول احتلال البلدان وفي نفس الوقت علينا نبذ الإزدواجية في القراءة والتحليل (الشيزوفرينيا) للواقع الذي نعيشه ولما يحيط بنا، ففي القريب فكرة التبشير والذهاب إلى بلدان لم تألف التعامل مع جيوشنا في أغلب أعمالها تلك الجيوش كانت قسرية تقع على تلك الشعوب. فلا يمكن الاعتماد في النهوض لخلق واقع يتماشى مع الفطرة الآدمية في الحصول على رغد الحياة بالأمنيات والتعكر على (لو كان، ولو أن) إذاً لابد من إعادة تقييم للبنى الفكرية لمجتمعنا تعتمد العلمية والمعرفة والشفافية في وضع اليد على الخلل وبكل جرأة في ظل معالجات نظيفة بعيدة عن المؤثرات الجانبية ومنها المتراكم العقلي الذي ساد في العقود السابقة حيث أن المختص عندما يحاول في مداخلات يعتقد أن ما يقوله هو يصلح للنخب وقد يمر الكلام وحركة المجتمع العامة تغرق في جنح
الظلام خائفة مرتابة إذ أن بعض تساؤلاتها تمثل تباكياً مما تعاني ويعرضها هذا لأساليب تبعدها عن فكرها وتغزوها من جديد الخشية والخوف فيتسرب إلى نفوسها نفس ما تعرفه عن الماضي والأمل لا يبارح مخيلتها هذه في رؤيتها النهار، وينتهز من تسرب خلسة ليكون في المقعد الأمامي ويطالب براتب تقاعدياً مثلاً بدلاً عمن استرقت خياراته في لحظة (خوف) وبحماسة شديدة تمتلئ الأجواء بحالات الغثيان و(التقيؤ) التي تطفو على وجوه لم تشعر بالمسؤولية ولا حتى الحياء. أبهذا أمتي يطوح بالحلول ولا يخفى أن من أعقد ما يمكن وعه لتعطيل الصبح أن يأتي استمرار الخوف حتى من الخلاص من نفسه، فالخوف يقطع عرى الاتصال ويؤدي إلى الظلم(1). يتبين أن ذلك يحتاج إلى تربية (أن ترفع أرقى الطباع النفسية إلى منزلة تفكر في عمل خير شيء في الوجود)(2).
فتكسير حواجز الخوف مسؤولية والنتائج تفتح الذهنية العامة بمحيط الأحداث فالموقف السلبي ليس بمصلحة وهو هدر للكرامات وتعطيل للنهوض الاجتماعي، فبإيجاز يمكن القول أن صورة الخوف والعمل على اهمالها تترسخ في أذهان الناس وفي مجمل الحياة الاجتماعية ومن البدايات الأولى للتربية تخلق أسرة بغيضة قد يجرفها الذهول إرادتها غير حرة تنقصها أصول البناء السليم لن تكن قادرة على تقديم الرعاية والهدي. وهناك قول مهم للمفكر الشيخ باقر القريشي(أمد الله بعمره): (أن الأصل في التربية الاجتماعية الحقة أن تعد الفرد للحياة في مجتمعه بما له، وما فيه من قواعد ونظم وتقاليد، وأن تمكنه من أن يتكيف مع مجتمعه في إطار هذه القواعد حتى يعمل معهم، ويكون عضواً منتجاً في الهيئة الاجتماعية، وهذا ما ينشده الإسلام في تربيته الاجتماعية، وبهذا ينتهي بنا الحديث عن التربية الوطنية والاجتماعية)(3).
فعند سماحة الشيخ المفكر (الهيئة الاجتماعية) مجموعة أعضاء منتجين وهذا يحتاج إلى ألفة وبالتالي عدم خوف، وعند نهاية المقطوعة يذكر التربية الوطنية ويتضح عند سماحته أن المواطنة أصل وعود على بدء التربية والمران وهذا يتطلب التخلص من الخوف والقلق والاضطراب وبالتالي يؤديان إلى أن تظهر على الإنسان علامات المعتوهين، (ففي التربية أو حتى في العمل الحاجة إلى مران أو تدريب واضحة لغرض تحقيق نتائج جيدة أو متقدمة ويعتمد هذا على:
(1 ـ الزمن. 2 ـ الوضع القبلي. 3 ـ حجم الصعاب والعقبات الاستثنائية.
4 ـ الهدف. 5 ـ نسبة النتائج)(4).
كذلك نذكر نصاً يعين على الوصول إلى نفس المعنى وهو (أن تعاقب المحن الكبرى بكثير من المشاكل الرهيبة طغت على العقول عناصر الهلع والخوف)(5). فلا يمكن للمران والتربية أن يجتمعا مع الخوف فتكون بينهما 180 درجة فبدلاً من أن ينتفع من التربية والمران في تطور الإنسان وارتقائه فكرياً وتزدهر شخصيته، لذا يكون الخوف سبباً لنزعات الإنحراف والرغبات والغرائز وقدر هذا القرآن الكريم في قوله تعالى: (والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً، وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون)(6).
فالتربية التي تبتعد بالإنسان عن الخوف والمبنية على قواعد علمية، القصد منها النهوض الفكري والتي تحترم حقوق الفرد وتنظم علاقته مع العامة وبالدولة وعلى حد سواء الرجل والمرأة عند ذاك يتم إقصاء ما يتخوف منه الأفراد ليتمكنوا من العيش بفعالية ويكون أسمى غايتهم إنسانيتهم والآخرين في من هم من أقرانهم في الخلق وأجمل ما قيل في هذا المجال لسيد المتكلمين أمير المؤمنين(عليه السلام): (إن لم يكن أخ لك في الدين فهو قرينك في الخلق) ويكون المشترك هذا عاملاً ذا أهمية بالغة في الود والأمل والعادات الطيبة والمثل العليا عندها تطمئن النفوس عند الأفراد ويستطيعون أن يكسبوا النشء تلك الطمأنينة مبتعدين بالصغار بعيداً عن الخوف تاركين هذا الإرهاب خلف ظهورهم حتى لا يعود مرة ثانية الوهم من عدم القدرة على الاستمرار مستفيدين من عبر التجارب المحيطة بهم والتي قد تكون أسست من داخل المحيط الثر مما يحاول المنتفعون بالابتعاد عن رؤية الصورة الحقيقية الماثلة أمام الجميع والتي تحتاج فقط إلى عناية في الدراسة. عذراً لم أكن أقصد أن أدعي علماً بل هي محاولة في قراءة لبعض رؤيتي.
نشرت في العدد 9

(1)، (3)، (5) النظام التربوي في الإسلام، الشيخ باقر القريشي.
(2) الجمهورية، أفلاطون.
(4) تاريخ الشيعة الإمامية وأسلافهم، المفكر الكبير السيد محمد باقر الصدر(قدس سره) من مقدمة للدكتور عبد الله فياض.
(6) سورة النحل، الآية: 78.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.