Take a fresh look at your lifestyle.

الخط العربي وإبداعاته في بلاد الأندلس

0 992
              وصل المسلمون الأندلس فاتحين، ناشرين الدين الإسلامي الحنيف، سنة 92 هجرية (711م) عندما فتحت الجزيرة الأندلسية،أخذ أهلها يدخلون في الإسلام أفواجا، وبأعداد كبيرة من خلال التعامل الكريم والخلق الرفيع والتسامح لدى المسلمين الفاتحين،
              وخلال القرون الثمانية عرفت فيها تلك الأرض الأندلسية أجود العلوم والمعارف وأفضل العلماء والأدباء وأمهر الفنانين والمصممين والمزخرفين والخطاطين فأثمر نتاجهم لأروع الفنون في مختلف المجالات ببلاد الأندلس حيث فاقت جمال حضارتها الإسلامية الحضارات الأخرى لما تحمل من روعة وجمال أخاذ يسلب العقول ويسر الناظرين
               ولم تكن شبه الجزيرة (ايبريا) اسبانيا شيئاً مذكوراً قبل الفتح العربي الإسلامي وليس فيها من الفنون مايشجع على الخوض به وإذا ما نظرنا إلى واقعها قبل الفتح الإسلامي، وما آلت إليه بعده، وخاصة بعد أن صارت تحمل اسم الاندلس لتصبح آية من الجمال والروعة إضافة إلى أنها أصبحت تحمل الذوق الرفيع بكافة الفنون الجميلة مما شجع الأسبان أنفسهم على التخلي عن اللغة الاسبانية وتعلم اللغة العربية إضافة إلى لغتهم أوكليهما معاً

              وأصبحت اللغة العربية هي لغة العلوم والمعارف إضافة إلى لغة التخاطب فهم يحرصون على تعلمها لأنها أصبحت لغة الثقافة العالمية وكان اهتمامهم واسعاً فقد اقبلوا على اللغة العربية بنهم منقطع النظير فتركوا قراءة كتبهم غير المكتوبة بلغة الضاد واعتبروا اللغة اللاتينية لغة ثانية واللغة العربية هي اللغة الأولى إذ ترجمت التوراة والإنجيل إلى العربية وبها قرئ في الكنائس،
             وكان دخول العرب المسلمين إلى اسبانيا قد شكل انقلابا جذريا في عالم الثقافة والفكر ومع دخول الإسلام إليها دخلت الحضارة بحيث أصبح الحرف العربي يمثل كافة مرافق الحياة الحضارية والفكرية فهو سطور الكتاب وزخارف اللوحات والبيوت والمساجد والمرافق الثقافية وقصور الحكام والأمراء والسلاطين ويكتب في الكنائس وبه يقرا المسلم القران الكريم وأصبح الأدباء والشعراء والمؤرخون والفنانون من كافة الأديان والطوائف في الأندلس يكتبون باللغة العربية وبالخط الكوفي الأندلسي حيث وجدوا بهذا الحرف وسيلة لانتشار الثقافة والفن البديع،
       
              وازدهرت الأندلس ونسي المجتمع الذي عاش فيها قرونا طويلة اللغة التي كانت سائدة في الأندلس قبل دخول الإسلام إليها مما دفع ملوك أوربا إلى إرسال أبنائهم إلى الجامعات والمراكز الثقافية في الأندلس لتعلم العلوم والمعارف باللغة العربية والعودة إلى بلادهم بعد إتقانها وهذا ماجعل كبار المفكرين والمؤرخين يفخرون بأيام العرب المسلمين وأثارهم في الأندلس وما أبدعت عقولهم وأفكارهم وما صنعت أناملهم.
              واستمر الحرف العربي في الأندلس ثمانية قرون كان مثالا يحتذى به للنهضة العلمية والفكرية الرائعة والتي أصبحت فيما بعد نموذجا للمجتمع الإسلامي المثالي لمن أراد أن يعمل بروح الإسلام وانتعشت أسواق الكتب في سائر المدن الأندلسية وخاصة بعد اختراع الطباعة الحجرية وأصبح في كل مدينة سوق ومزاد لبيع الكتب المطبوعة والمخطوطات العربية الإسلامية وكان المخطوط تحفة من التحف التي تزين بها المكتبات والتي لايخلو أي شارع من شوارع غرناطة وقرطبة واشبيلية منها وأصبح المخطوط مادة علمية دسمة لطلاب العلم والفقهاء والأدباء والمفكرين والشعراء الذين اخذوا ينهلون من علومها ومعارفها.
             وظل الملوك الذين حكموا الأندلس بعد خروج العرب وانتهاء الدور الإسلامي فيها يسكون النقود بحروف عربية ويزينون ملابسهم بالخطوط العربية المذهبة والمطرزة بالزخارف ذات التصميم العربي الإسلامي وان الخط العربي في الأندلس لايزال رغم مرور فترة طويلة يحكي قصة المسلمين وفنهم وأثارهم وإبداعهم، مما جعلنا نقف مبهورين أمام هذه الآثار الرائعة التي تركها المسلمون وهي لازالت شاخصة إلى وقتنا الحاضر. ولابد لنا إن نشير إلى الخواص التي يتمتع بها الخط الأندلسي.
   1ـ يتميز بالزوايا وهو شديد التأثر بالخط الكوفي.
   2ـ تكثر فيه الانحناءات والاستدارات، واستخدم في كتابة المصاحف والكتب الأندلسية.
   3ـ يحمل حرف القاف نقطة واحدة فوق الحرف أما حرف الفاء فتوضع النقطة أسفله.
   4ـ نادراً ما تحتفظ حروف الألف واللام والطاء والضاد بشكلها ألعمودي إذ كثيرا ماتكون في شكل منحني وتحمل في أعلاها مايشبه النقطة الغليظة.

——————————————————-

المصادر
(1) الحجي، عبد الرحمن علي، هجرة علماء الأندلس، سنة 2001.
(2) ابن خلدون، المقدمة، سنة 808.
(3) المنوني، محمد، تاريخ الخط العربي والزخرفة في الغرب الإسلامي، سنة 1989.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.